مصر: هل يطيح الفساد المالي بمجلس نقابة الصحافيين؟

04 أكتوبر 2019
تأخر تشكيل هيئة مكتب المجلس نحو ثلاثة أشهر (نورفوتو/Getty)
+ الخط -
أثارت استقالة عضو مجلس نقابة الصحافيين المصرية، أمين صندوقها، هشام يونس، المسببة، بعدما كشف عن "وقائع فساد مالي وإداري في المؤسسة"، تكهنات وسيناريوهات عدة، بدءاً بثورة الصحافيين على مجلسهم الحالي باعتبارهم أعضاء الجمعية العمومية ولهم حق المحاسبة، مروراً بالإطاحة بالمجلس الحالي، ووصولاً إلى توقع فرض الحراسة القضائية عليها.
لكن هناك احتمال آخر مخالف لما سبق من سيناريوهات؛ أن يتم قبول استقالة يونس وإطالة مدة التحقيق فيها، على أن يكمل المجلس الحالي أعماله لحين الانتخابات المقبلة في مارس/آذار عام 2021.
كان يونس أعلن عن استقالته عبر حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وكتب في بيان خاص: "أتقدم باستقالة مسببة من موقعي كعضو في مجلس نقابة الصحافيين، بعد أن وقعت أحداث بين جدران نقابتنا العريقة ترقى إلى مستوى الجرائم النقابية، لأنها وقائع غير مسبوقة سيكون السكوت عليها دافعاً لمزيد من التدهور الذي لا نرتضيه لنقابتنا وبيت مهنتنا. لم أعد أطيق السكوت ولا المجاراة، ولن يكون الصمت فضيلة إذا شاهت الوجوه وتوارى الخجل، وأصبح العيب مباحاً والخطأ متاحاً والقابض على جمر الحقيقة أسيراً مكبلاً بالمبادئ من دون أن يجد من يطلق يديه ويحرر أنفاسه".
وطالب في ختام استقالته مجلس النقابة بالتحقيق وإبلاغ النيابة العامة في الوقائع التي تستحق ذلك، واعداً بنشر كل الوقائع المسببة للاستقالة عبر "فيسبوك"، وهو ما حدث فعلاً. إذ نشر يونس حوالي سبع وقائع فساد مالي وإداري في النقابة، محملًا سكرتيرها العام، محمد شبانة، المسؤولية الكاملة عنها.
ووفقاً للائحة الداخلية لنقابة الصحافيين المصرية، فإن اختصاصات السكرتير العام للنقابة هو "الأمين على سجلات النقابة وأوراقها وهو المسؤول عن إعداد محاضرها وحفظها، وهو الذي يوقع على المحاضر إلى جانب النقيب، وهو المسؤول عن توجيه الدعوات والتنسيق الداخلي في الشؤون الإدارية للنقابة".
معظم الوقائع التي كتب عنها يونس تتعلق بالتعدي على اختصاصات أمين الصندوق، ومشاكل في صرف مستحقات العاملين والصحافيين، والمحاباة وتقديم استثناءات جزافية في مشروع العلاج. لكن الواقعة الأبرز تتعلق بطلب النقابة تخصيص أرض لصالح إنشاء مستشفى للصحافيين في مدينة السادس من أكتوبر. فقد أوضح يونس أن النقابة لم تتخذ أي إجراء يتسم بالجدية في التعامل مع هذا المشروع، وأنها أخطأت في دفع نحو 4.5 ملايين جنيه مصري من دون تواصل مع وزارة الإسكان، وأن قرار كسر الوديعة البالغة قيمتها عشرة ملايين جنيه هو قرار متسرع، كبّد النقابة خسارة بلغت نحو مليوني جنيه بسبب كسر الوديعة قبل موعد استحقاقها بنحو 3 أشهر فقط.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر صحافية، داخل مجلس نقابة الصحافيين المصرية وخارجه، أن هناك حالة واسعة من التضامن مع هشام يونس. وينوي بعض الصحافيين، وفقاً للمصادر نفسها، نشر المزيد من الوقائع الشاهدة على إهدار المال العام في النقابة، كي لا يخوض يونس حربه مع المجلس الحالي منفرداً؛ ما يعني أن الأسابيع وربما الأيام القليلة المقبلة ستشهد المزيد من الحراك والتفاعل مع هذا الملف. وأطلق بعض الصحافيين دعوة بضرورة تحرك الجمعية العمومية لسحب الثقة من المجلس الحالي، على الرغم من شبه استحالة تنفيذ هذه الخطوة عملياً.
يشار إلى أنه في حال قبول استقالة هشام يونس فإن رئيس صندوق نقابة الصحافيين سيكون المرشح بدلاً منه، وفقا لقانون النقابة، فهو الأقرب له في الأصوات المعلنة خلال نتيجة انتخابات المجلس الأخير لنقابة الصحافيين. وكان أقرب المنافسين له، الكاتب الصحافي ومقرر لجنة الحريات في نقابة الصحافيين سابقاً، خالد البلشي، وبهذا يدخل أطراف آخرون ساحة المعركة.
وكانت خلافات مبكرة قد نشبت داخل مجلس نقابة الصحافيين الذي تأخر تشكيل هيئة مكتبه نحو ثلاثة أشهر، بالمخالفة لقانون النقابة ولائحتها الداخلية. وكان سبب الخلاف نزاع حول تولي منصب سكرتير عام النقابة، بسبب انقسام المجلس لفريقين؛ أولهما موال للنظام ويضم رئيس تحرير صحيفة "الأخبار" خالد ميري، ورئيس تحرير مجلة "الأهرام الرياضي" محمد شبانة، وحسين الزناتي وأيمن عبد المجيد وحماد الرمحي ومحمد يحيى يوسف، مقابل الفريق الثاني المحسوب على المعارضة، ويضم جمال عبد الرحيم وهشام يونس ومحمد خراجة ومحمود كامل وعمرو بدر، ومحمد سعد عبد الحفيظ.
الفريق الأول كان يطمع في تولي محمد شبانة منصب السكرتير العام وخالد ميري منصب الوكيل الأول ورئيس لجنة القيد، وهو ما رفضه بالطبع الفريق الثاني الذي طالب باللجوء للتصويت الحر المباشر. إلا أن نقيب الصحافيين، ضياء رشوان، رفض التصويت وأصر على إعلاء مبدأ التوافق، فهدد الفريق الثاني المحسوب على المعارضة بالتنازل عن جميع المقاعد بهيئة المكتب للجبهة الأولى، وإعلان ذلك للجمعية العمومية لتحمل مسؤولية إدارة العمل النقابي والمهني. 
وانتهت المعركة، بانتصار الفريق الأول الموالي للنقيب والنظام، وتولي محمد شبانة منصب سكرتير عام نقابة الصحافيين.
يشار إلى أن "المادة 8" من لائحة نقابة الصحافيين تنص على أن يعقد مجلس النقابة أولى جلساته في مستهل كل دورة عقب انتهاء أعمال الجمعية العمومية العادية، وفي مدى لا يجاوز 3 أيام، وينتخب في هذه الجلسة هيئة مكتب المجلس وأعضاء لجنتي القيد ومراقب النادي، ويضم الترتيب اللازم لتشكيل اللجان. لكن تشكيل هيئة المكتب تم في 17 يونيو/حزيران الماضي، بينما تمت الانتخابات في مارس/آذار من العام الحالي نفسه.
المساهمون