وقعت الصحف المصرية الرئيسية في فضيحة مهنية جديدة، أمس الجمعة، حين خرجت جميعها بعنوان عريض (مانشيت) موحد هو "السيسي ينتصر لأصحاب المعاشات"، التزاماً من رؤساء تحريرها بالرسالة التي تصلهم عبر غروب مغلق على تطبيق "واتساب" تحت اسم "فرسان السيف والقلم"، والذي يديره المقدم أحمد شعبان، مدير مكتب رئيس جهاز الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل.
وانتقد صحافيون على صفحاتهم الشخصية على "فيسبوك"، الفضيحة الجديدة بتعليقات ساخرة ممزوجة بالمرارة، لما آلت إليه صحف الشعب تحت وطأة النظام الحاكم، وتحولها إلى نشرة موحدة بذات العناوين والمضامين من دون تغيير، بناءً على ما يصدر من تعليمات من مسؤول الإعلام في جهاز الاستخبارات العامة لرؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة صباح كل يوم.
سبق وكشفت مصادر صحافية مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن الاستخبارات العامة توزع مجموعة من التعليمات بشكل يومي على الأذرع الإعلامية عبر غروب "واتساب"، بحيث تتصدر محاور تلك التعليمات جميع عناوين الصحف، والبرامج الحوارية على القنوات الفضائية، وهو ما ظهر بوضوح في العديد من الوقائع، على غرار مانشيتات: "مصر تستيقظ" و"من القاتل" و"يقظة الأمن".
وتصدر مانشيت "السيسي ينتصر لأصحاب المعاشات" صحف "الأهرام" و"الأخبار" و"الجمهورية" و"الوفد" و"اليوم السابع"، وغيرها من الصحف اليومية على حد سواء، على خلفية توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة بسحب الاستشكال الذي قدمته أخيراً أمام محكمة الأمور المستعجلة (غير المختصة) على حكم المحكمة الإدارية العليا، الصادر في 21 فبراير/ شباط الماضي، بشأن ضم العلاوات الخمس الخاصة لأصحاب المعاشات.
وكتب جميع الصحف أعلاه نصاً أن "هذه الخطوة تؤكد انحياز السيسي لمصلحة المواطن المصري، وسعيه إلى تحسين ورفع مستوى معيشته"، مبرزة توجيهاته للحكومة بعرض الحكم القضائي على الجمعية العمومية بمجلس الدولة، لاستطلاع الرأي في بيان التسوية وفقاً لمنطوقه، وإعداد تشريع خاص ينظم إجراءات رد المديونية المستحقة لصناديق المعاشات، طرفاه كل من وزارة المالية، وبنك الاستثمار القومي.
كان عضو مجلس نقابة الصحافيين، محمد سعد عبد الحفيظ، قد قال في الجمعية العمومية التي صاحبت انتخابات النقابة، في 15 مارس/ آذار الجاري، إن "الجميع يعلم أننا (الصحافيون) نعيش أسوأ عصور حرية الصحافة، من مصادرة للصحف، وغلق للمواقع الإلكترونية، ومصادرة للمقالات، واحتجاز للصحافيين"، مضيفاً "المحتوى الصحافي محاصر في مصر، ويصلنا جميعاً الرسالة على واتساب، ونحن في صالات التحرير، صباح كل يوم!".
وليست هذه هي المرة الأولى التي تخرج فيها مانشيتات الصحف المصرية بشكل متطابق، ففي 26 مارس/ آذار 2015، تطابقت جميع العناوين الرئيسية تحت عنوان "مصر تستيقظ"، تزامناً مع انعقاد المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، وفي 30 يونيو/ حزيران من العام ذاته، عنونت جميع الصحف "الإرهاب يغتال محامي الشعب"، تعقيباً على حادث اغتيال النائب العام السابق هشام بركات.
أما في 25 إبريل/ نيسان 2016، خرجت الصحف المصرية بعنوان رئيس هو "الشارع للمؤيدين.. والأمن للمتظاهرين"، وفي 30 ديسمبر/ كانون الأول 2017، خرجت مجدداً بمانشيت موحد حول "يقظة الأمن"، صبيحة الاعتداء الإرهابي من أحد المسلحين على كنيسة ومتجر يمتلكه مسيحي في منطقة حلوان، جنوبي القاهرة، والذي راح ضحيته عشرة مصريين.