منال الشريف تكتب لـ"واشنطن بوست": أنا ناشطة سعودية وتويتر خطر على حياتي

10 نوفمبر 2018
كشفت الشريف طريقة إدارة النظام السعودي لجيشه الإلكتروني (Getty)
+ الخط -
قبل أسبوعين أعلنت الناشطة الحقوقية السعودية، منال الشريف (39 عاماً)، عن حذفها حسابها على "تويتر"، احتجاجاً على تحوّلها إلى "منصة تهدد حياتها وحياة الناشطين الحقوقيين، بعد أن أنقذتها سابقاً"، وذلك خلال كلمة ألقتها في مؤتمر عقد في العاصمة السويدية.

وفي مقال رأي كتبته الشريف أمس الجمعة، في صحيفة "واشنطن بوست"، شرحت بالتفصيل حيثيات هذا القرار الذي اتّخذته.

المقال حمل عنوان: "أنا ناشطة سعودية وتويتر يضع حياتي في خطر"، وعادت فيه منال إلى شهر مايو/أيار 2011، عندما اعتقلتها السلطات السعودية من منزلها وقالت "كان يمكن أن يختفي أي أثر لي، لولا شاهد شجاع هو عمر الجهني الذي خاطر وغرّد عن اعتقالي".


ثمّ تنتقل للحديث عن "تويتر" تحديداً فتقول: "تويتر المنصة التي أنقذت حياتي في أحد الأيام، تضعني اليوم في خطر. الأحداث في الأسبوع الذي تلا اغتيال جمال خاشقجي داخل السفارة السعودية في إسطنبول أظهرت أن حياة الصحافيين والناشطين هي أيضاً في خطر".

وتشير إلى أن "النظام الملكي التوتاليتاري في المملكة يسيطر على كل شيء "بما فيه الهواء الذي نتنفسه... لكنه فشل في السيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي". ونتيجة لهذا الواقع "أظهرت الأرقام أن السعودية هي الأولى لجهة عدد المستخدمين النشطين على "تويتر" في العالم العربي".

وتكمل الشريف مقالها: "أظهر الباحثون كيف قامت حكومة المملكة العربية السعودية بشكل فعّال بتشكيل وصياغة خطاب الرأي العام على تويتر من خلال شراء الحسابات وإنشاء حسابات وهمية (بوتس)، إلى جانب التهديد بشكل مباشر أو غير مباشر ثمّ اعتقال وسجن الشخصيات السعودية المؤثرة التي انتقدت النظام السعودي في تغريداتها".

تفصّل منال الشريف المضايقات التي تعرّض لها المغردون السعوديون المعارضون من قبل الجيش الإلكتروني السعودي أو ما يعرف باسم "الذباب الإلكتروني"، فتقول: "أصبح تويتر مليئًا بالمضايقات والتهديدات بالقتل والترهيب والأخبار الزائفة لنا، نحن الذين اختارنا التحدث من دون خوف في العالم العربي. لم يقم تويتر بأي تغيير حقيقي لجعل المنصة أكثر أمانًا بالنسبة لنا، الأمر الذي دفع كثيرين ممن أعرفهم إلى مغادرة الموقع. ورغم كل ما سبق، واصلت التعبير عن وجهات نظري. كنت أعتقد أنه على الحكومات القمعية أن تخاف لا نحن. كنت أعتقد أنّ لي صوتا ينبغي استخدامه وإيصاله".

لكن وفق ما تشرح الشريف فإن العام الماضي شكّل نقطة مفصلية لتغريدات الناشطين المعارضين على "تويتر": "الأمور تغيرت بشكل كبير العام الماضي، عندما شنت الحكومة السعودية حملة قمع ضد المؤثرين على تويتر في المملكة. ويعتقد أن سعود القحطاني المستشار السابق لولي العهد السعودي، هو من يقف وراء "الذباب الإلكتروني". إذ أطلق العام الماضي وسم القائمة السوداء بعد حصار قطر، مشجعاً السعوديين على "تويتر" على رصد أي حساب يتعاطف مع قطر... تم الضغط على عدد من الأصوات البارزة على تويتر لإيقاف حساباتهم . اكتشفنا في وقت لاحق أن البعض قد ألقي القبض عليه ووضع في السجن تحت حجة مكافحة الإرهاب. أحد هؤلاء كان عصام الزامل، وهو رجل أعمال واقتصادي انتقد بيع أسهم شركة أرامكو النفطية العملاقة في الأسواق المحلية والعالمية، وهو متهم الآن بالإرهاب".

من هنا بدأت مضايقات المغردين تزداد "من نجح بالهروب من التوقيفات تم الاتصال به للتوقيع والتعهد بعدم التغريد مجدداً. وهو ما حصل معي، لكنني رفضت التوقيع...  خلال الفترة نفسها علم الناشطون أن الأمن الوطني يفبرك قضايا ضد ناشطي تويتر. بدأ العديد منهم حذف أرشيف تغريداته. لكن الخطر لا يقف هنا فموقع تويتر لا يظهر ما إذا كانت هذه التغريدات لا تزال متاحة للمطورين في الشركة".

نتيجة لكل هذه العوامل تشير الشريف إلى أن ناشطين كثرا بدأوا يغردون بأسماء مستعارة تحدوا فيها السلطات، لكن هذه الحسابات نفسها صمتت فجأة في شهر مارس/آذار من هذا العام. ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن أجهزة المخابرات السعودية قد تسللت إلى هذه الحسابات من خلال موظف سعودي في تويتر يدعى علي آل زبارة. أحد أصحاب هذه الحسابات هو تركي الجاسر الذي تقول معلومات إنه قتل تحت التعذيب بعد توقيفه في 15 مارس/ آذار. كما اتصل بي أكثر من شخص أكدوا لي اختفاء المغرد السعودي الذي يقف خلف حساب "سماحتي Sama7ti، وهو حساب آخر رفض الخضوع لضغوط السلطات".

تنتقل بعدها الشريف في مقال "واشنطن بوست" لتسرد كيف أغرق الذباب موقع تويتر بوسوم تافهة، تضيّع النقاش الحقيقي إثر اغتيال جمال خاشقجي، لتخلص إلى أن "تويتر، الذي كان في يوم من الأيام أداة لتغيير الخطاب العام، ويدفع من أجل العدالة الاجتماعية، أصبح الآن فخاً تستخدمه أنظمتنا لمطاردتنا وإسكاتنا. كما يتم استخدامه لنشر المعلومات الخاطئة ونشر دعاية النظام على نطاق أوسع من أي وقت مضى. وعلى الرغم من أن تويتر أوقف 70 مليون حساب مزيف، إلا أن هذا الإجراء لا يزال غير كافٍ... إنني أدعو صناع التكنولوجيا على بناء منصات لوسائل التواصل الاجتماعي لامركزية ولا تخزن معلوماتنا وتبيعها... ومكافأة المحتوى الأصيل... بدلاً من مكافأة البوتات والحسابات المزيفة. يجب ألا يسمحوا للأثرياء والأغنياء بالتلاعب والسيطرة على الخطاب العام. لأن حرية التعبير تحمي جميع الحريات الأخرى، ويقع على عاتقنا مسؤولية حمايتها".