أعلنت قناة "الجديد" اللبنانيّة، في رسالة إلكترونيّة لموظفيها، تخفيض رواتبهم جميعاً بنسبة 30 في المائة، بحجة الخسائر الناجمة عن نقص الإعلانات في الفترة الأخيرة، لتقوم بذلك بضربة ثانية للموظفين خلال الأشهر الستة الأخيرة.
وحصل "العربي الجديد" على نسخة من بريد إلكتروني "بالغ الأهمية" وجّهه مسؤول الموارد البشرية في القناة، رافاييل يمّين، للموظفين ورؤساء الأقسام، الساعة 11:29 صباحاً، اليوم الثلاثاء، يُبلغ الموظفين بـ"تخفيض نسبة 30 في المائة من الرواتب ولمدة ثلاثة أشهر، بدءاً من شهر مارس/آذار 2020"، آملاً "أن تعود الأمور إلى طبيعتها عند انتهاء هذه المدة"، وشاكراً الموظفين لحسن تفهّمهم "للأوضاع الصعبة".
وقال يمّين في الرسالة "نظراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان بدءاً من ثورة 17 تشرين والتي أثرت بشكل كبير ودراماتيكي على جميع القطاعات، ولا سيما قطاع الإعلانات، وصولاً إلى كورونا فيروس والذي أجبر عدداً كبيراً من القطاعات على الإقفال؛ كل هذه العوامل مجتمعة أدى إلى انخفاض كبير في قيمة الإعلانات فضلاً عن صعوبة التحصيل"، مضيفاً "حرصاً منا على ضمان استمراريتنا نجد أنفسنا أمام ضرورة اتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة عملت إدارة القناة على تفاديها لأشهر عدة، علماً أن العديد من المؤسسات سارعت إلى اتخاذ مثل هذه الإجراءات عند بداية الأزمة".
تُحاول الرسالة تبرير القرار المجحف بحقّ الموظفين على قاعدة "الكل يفعلها"، والتي راجت بين إدارات المؤسسات العاملة في لبنان خلال الأشهر الستة الأخيرة، وحتى التي لم تتأثر بالأزمة الاقتصاديّة منها، فتمّ صرف موظفين بشكل جماعي والاقتطاع من الرواتب في مختلف القطاعات؛ وكان القطاع الإعلامي جزءاً منها، ما أدى إلى سحق عائلاتٍ لم تعد تستطيع تأمين الدواء والغذاء لعائلاتها خلال فترة الحجر المنزلي في ظلّ تفشي كورونا.
كما تُرجع الرسالة جزءاً من القرار إلى اندلاع انتفاضة 17 تشرين، وهي تهمة ألصقتها عدة مؤسسات وجهات في البلاد بالثورة خلال الفترة الأخيرة، كان بينها القنوات الإعلاميّة التي غطّت الانتفاضة وقامت في الوقت نفسه بممارسات انتهكت حقوق العمال الذين دافعت عنهم الانتفاضة، كما روّجت لتبريرات السلطة وقمعها. هذا علماً أنّ الأزمة الاقتصاديّة التي يمرّ فيها لبنان أتت نتيجة ممارسات فاسدة على مدى عقود، وبدأت تظهر قبل ثلاثة أعوام، إلا أنّ التصريحات من المسؤولين أنكرتها إلى حين وقوع البلاد في الأزمة التي تشهدها اليوم.
وخلال الثورة، قامت مؤسسات إعلاميّة بصرف جماعي لموظفيها وباقتطاع كبير من الرواتب بحجة الخسائر الإعلانيّة. وأنهت قناة LBCI العقود مع جميع المصوّرين، كما أتت بمراسلين متدرّبين لتغطية الأحداث. وقامت قناة MTV بإنهاء عقود موظفين، بعض المرات من دون إبلاغهم بذلك رسمياً حتى، كما اقتطعت من رواتب العاملين لديها.
ولجأت "الجديد"، بذريعة الابتعاد عن الاقتطاع من الرواتب، إلى صرف موظفين تعسفياً خلال الفترة الأخيرة، حسب ما يؤكد أحد العاملين في القناة. ويشير الموظف إلى أنباء بدأت تنتشر داخل القناة خلال الأسابيع الماضية عن نية صرف عدد آخر تزامناً مع شهر رمضان المقبل، بحجة أنّ ضغوط العمل تخفّ فيه، قبل أن تفرض أزمة كورونا عملاً مضاعفاً للإعلام. ويؤكد أنّ عدد الموظفين انخفض من حوالى 325 العام الماضي إلى حوالى 250 حالياً.
وخلال الشهرين الماضيين، دفعت القناة رواتب الموظفين مقسمةً على جزأين، وأوقفت الامتيازات كمصاريف الهاتف وغيرها، وذلك بحجة الإجراءات المصرفية المجحفة التي فَرضت على اللبنانيين سقوفاً متدنية، إثر الأزمة المالية ونقص السيولة من العملة الأجنبية في لبنان.
كما تعاني القناة من أزمة إعلانات منذ عامين، وهي أزمة عائليّة - مهنيّة، كون صاحب شركة الإعلانات المتعاقدة مع المحطة هو صهر صاحبها.
وأدت الأزمة الاقتصاديّة مصحوبة بإجراءات الإغلاق جرّاء تفشي جائحة كورونا إلى بطشٍ آخر بالموظفين في لبنان، إذ حُسمت أيام التعطيل من رصيد إجازاتهم السنوية، كما هددوا بعدم دفع مرتباتهم. وهذه الموجة التي تدفع الشعب اللبناني إلى البطالة ومن خلفها الجوع، مرجّحةٌ للاستمرار، خصوصاً مع نقاشات تدور حول تعديل لقانون العمل، ما يُتيح للمؤسسات التي تصرف موظفيها بقوننة هذا الإجراء، وإخضاعهم لعقودٍ جديدة تسحب منهم كلّ حقوقهم.
وفيما يسود هذا التخوّف بين العاميلن في القطاع الإعلامي، طالب "تجمع نقابة الصحافة البديلة" (وهو تجمّع للصحافيين والعاملين في المجال الإعلامي في لبنان، انبثق خلال الانتفاضة، يدافع عن القطاع والعاملين فيه في وجه الانتهاكات ضدّهم)، في بيانٍ أمس الاثنين، بتسديد رواتب الصحافيين المتأخرة فوراً، وتأمين تغطية صحية كاملة لهم واحترام حقهم بالعمل من المنزل، كما بصون أمانهم الوظيفي وحماية حرية التعبير.
Facebook Post |