من يُحكم قبضته على التلفزيون الرسمي التونسي؟

04 نوفمبر 2017
صحافيو تونس قلقون من "تدجين" الإعلام (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
أعاد المدير العام بالنيابة للتلفزيون الرسمي التونسي، عبدالمجيد المرايحي الجدل والصراع في تونس، بعدما قرر أخيراً إقالة مديري القناتين الأولى والثانية، ما خلّف ردود فعل متباينة في الوسط الإعلامي التونسي.

إذ اعتبرت مديرة القناة الثانية المقالة، شادية خذير، القرار "غير مبرّر" و"مهين"، ورأى إعلاميون آخرون في الخطوة إعلاناً صريحاً عن تدخل الحكومة التونسية ممثلة بالمستشار الإعلامي، مفدي المسدي، في شؤون الإعلام الرسمي، باعتباره هندس هذه الإقالات وغيرها من التغييرات.

ورأى رئيس تحرير الموقع الإخباري الإلكتروني "انكفاذا"، وليد الماجري، أن "هناك مستشارا لدى رئيس الحكومة يتصل مباشرة بغرفة الأخبار في التلفزيون الرسمي التونسي ويتدخل حتى في ترتيب الأخبار، ويعبّر عن غضبه على الصحافيين إذا لم يتمّ تنفيذ ما يريد"، معتبراً ذلك ليس فقط رغبة في احتواء الإعلام العمومي (الرسمي) بل سعيا إلى توظيف الإعلام الرسمي لخدمة أجندات الحكومة التونسية ورئاسة الجمهورية.

تصريحات الماجري تتقاطع بشكل كبير مع البيان الذي أصدرته "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" الذي رفض محاولات "تدجين" الإعلام العمومي والعودة به إلى مربع التبعية والولاء للسلطة، معلنة عن رفضها للوضع الراهن وإدانتها سياسة وضع اليد وتدخل أطراف برئاسة الحكومة في المرفق العمومي (الرسمي) ومحاولات التدجين الخطيرة التي تستهدف المؤسسة (التلفزيون الرسمي التونسي).

النقابة اختارت التصعيد هذه المرة عندما دعت صحافيي مؤسسة التلفزة التونسية إلى حمل الشارة الحمراء يوم 9 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، دفاعاً عن مكاسب إعلام حر ونزيه وتفعيلاً لدور الصحافيين الذين ناضلوا ولا يزالون في الدفاع عن مكتسباتهم المهنية، مؤكدة الاستعداد لخوض كافة أشكال النضال بما فيها إعلان الدخول في إضراب من أجل الدفاع عن استقلالية مؤسسة التلفزة التونسية كركيزة من ركائز إعلام عمومي حر ومسؤول ونزيه في مستوى تطلعات دافعي الضرائب بمختلف أطيافهم السياسية والمدنية.

تحميل الحكومة التونسية مسؤولية الأوضاع التي آل إليها التلفزيون الرسمي التونسي رأي تشترك فيه النقابة مع القيادي البارز في حزب "حركة نداء تونس" الحاكم، خالد شوكات الذي اعتبر أن الحكومة تحاول التدخل في التلفزيون الرسمي وفي وسائل الإعلام الأخرى، ويصل الأمر في بعض الأحيان إلى حدّ الابتزاز من خلال مقايضة الإعلانات التجارية بتقديم تنازلات معينة، محملاً المسؤولية للمستشار الإعلامي لرئيس الحكومة، مفدي المسدي، مؤكداً أنه طلب من رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، عزله من منصبه.

كما تشترك فيه مع "الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري" (الهايكا) التي أعلن عضو مجلسها، هشام السنوسي، عن امتلاكه وثائق تؤكد تدخل الحكومة التونسية في عمل التلفزيون الرسمي من خلال ممارسة بعض الضغوطات وعدم وجود رغبة حقيقية في إصلاح الإعلام.

في مقابل ذلك، حمّل كاتب عام "النقابة العامة للإعلام" المنضوية تحت لواء "الاتحاد العام التونسي للشغل"، محمد السعيدي، مسؤولية تردي الوضع العام للإعلام السمعي البصري إلى "الهايكا" التي منحت الإجازات القانونية لتلفزيونات وإذاعات، من دون احترام شروط موضوعية، بل وفقاً لأهواء شخصية، متعجباً مما قاله عضو مجلس "الهايكا"، هشام السنوسي، عن امتلاكه وثائق تفيد بتدخل الحكومة في عمل التلفزيون الرسمي منذ مدة، متسائلا لماذا تمّ الحديث عنها اليوم بعد أن فقدت "الهايكا" من مثلها في التلفزيون الرسمي التونسي.

التلفزيون الرسمي التونسي تحول منذ فترة إلى حلبة لتصفية الحسابات الحزبية والنقابية والشخصية وهو مؤشر يعتبره البعض خطيراً قد يؤدي إلى مزيد من التعقيدات. والصراع الحالي عكس حالة عدم الانسجام التي تسود المشهد الإعلامي التونسي، وبروز مراكز قوى تحاول كلّ منها فرض اختياراتها وفقاً لميولها المهنية وحتى السياسية، وذلك من خلال فرض أشخاص معينين في إدارة التلفزيون التونسي الرسمي والإذاعة التونسية الرسمية.

دلالات