الثلاثاء الحزين: مأساة الرضّع تحرق قلوب الجزائريين

24 سبتمبر 2019
من حريق المستشفى (فيسبوك)
+ الخط -
استفاق الجزائريّون على صباحٍ حزينٍ ومؤلم، إثر انتشار خبر وفاة ثمانية رضّع فجراً في قسم الأم والأطفال في مستشفى الوادي (جنوب الجزائر) بعد حريق نشب في القسم، يُرجح، حسب تحقيقات أولية، أن يكون سببه شرارة كهربائية في جهاز كهربائي طارد للبعوض، وسط مطالبات بضرورة استقالة وزير الصحة والحكومة.

وعمّ استياء كبير الجزائر عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي الفضاء الافتراضي، منذ تناقل الخبر، صباح اليوم الثلاثاء. إذ طالب الناشطون وزير الصحة محمد ميراوي بتقديم استقالته واستقالة حكومة نور الدين بدوي على خلفية الحادثة.

واعتبر مقدم البرامج السياسية في قناة محلية يوسف زغبة في تدوينة نشرها أن هذه الحكومة صارت خطراً على البلاد، مترحماً على الضحايا وداعياً إلى معاقبة المسؤولين.


واعتبر الخبير في علم التنمية البشرية كمال سعد الله أنه "من الواجب اليوم أن يدفع المسؤولون المهملون الثمن، وأن تتم معاقبة الجميع؛ من الحراس إلى الممرضين إلى مدير المستشفى ومدير الصحة والوالي ووزير الصحة ورئيس الحكومة".


ورفض المحامي جمال خذيري التبريرات التي أعلنتها الحكومة بشأن الحادث، والمتعلقة بالشرارة الكهربائية. وكتب "مأساة رهيبة في مستشفى الوادي في الجزائر.. الله يصبّر الأمهات والعائلات بفقدان مواليد جدد حرقا واختناقا! التحقيقات لا يجب أن تتوقف عند حدود "الشرارة الكهربائية".. كفاكم استغباء للعقول واستهزاء بالأرواح.. بل يجب أن تمتد إلى طرق التسيير وكيفية التعامل مع هذه الحوادث والتدقيق في إجراءات الأمن والوقاية! دعونا من ديباجة الوزير الأول يأمر، ووزير الصحة يعاين، ووكيل الجمهورية يستدعي، يجب التعمق إلى الأسباب الحقيقية للفاجعة، والعمل على تفادي تكرار مثل هذه المآسي!".



وسرد الإعلامي حسين بولحية مشكلات قطاع الصحة في الجزائر، في علاقة بالحادث المأساوي. وكتب على صفحته أنّ "قطاع الصحة الجزائري قطاع مريض في حالة احتضار، وقطاع يفتقد إلى الأطباء الأخصائيين، ويفتقد للتجهيزات الوقائية والطبية الحديثة، وانعدام شبه كلي للصيانة، غياب الكادر شبه الطبي الكافي، نقص التكوين بالنسبة للأعوان والإطارات، أجهزة راديو قديمة وشبه معطلة، وأجهزة سكانير تكاد تكون منعدمة في المستشفيات، بدون معرفة، وعلاقات خاصة ووساطات لا يمكن لمريض أن يحصل على موعد لفحص سكانير قبل سنة أو ستة أشهر إذا كان محظوظا، قلة المستشفيات، نقص فظيع في غرف الاستقبال، نقص لسيارات الإسعاف، هذه هي حالة القطاع الصحي في الجزائر اليوم، دولة ينخر جسدها الفساد في مختلف القطاعات ولا أحد يتحمل مسؤولية ما يخصه".


وكان أكثر ما آلم المتابعين للحادث حديث أهالي الضحايا الذي تناقلته وسائل الإعلام المحلية الجزائرية وأفردت له نشرات خاصة. إذ اعتبرت الناشطة سارة مرزوقي أن حادثة الحريق مؤلمة جداً، لافتة إلى تصريحات أحد أهالي الضحايا الذي انتظر ولداً منذ سبع سنوات لينام على ولادة طفل ويستيقظ على احتراقه.

حادثة الوادي أفرزت حزناً شديدًا لدى الجزائريين الذين ترحّموا على الضحايا وطلبوا الصبر للأهالي، غير أنهم في نفس الوقت لا يتصورون أن يكونوا في مكان تلك الأم المكلومة وذلك الأب الذي انتظر سنوات لأن يرزقه الله بالولد، مثلما كتبت ياسمين سبع.


وقالت الإعلامية سمية متيش إنّ الرضّع الضحايا وُلدوا وماتوا في ساعات، داعية الجزائريين إلى عدم الإنجاب في بلد لا يحترم الإنسان ولا يوفر له أبسط مقومات الحياة.


واعتبر الصحافي حسين بوصالح أنّ هذه الحادثة جزء من صورة سوداء ومسلسل الحريق في الجزائر، لافتاً إلى أنه وبعد حوادث موت الشباب في قوارب الهجرة غير الشرعية وموت الأمهات في الطريق نحو المستشفيات، ها هم الرضّع يحترقون بعد الولادة.

قرارات الوزارة التي أعقبت الحريق لم تعد تشفي غليل الجزائريين، بل هي "استغباء لعقولهم"، حسبما كتب الناشط قادة بن عمار، داعياً إلى عدم قبول فرضية الشرارة الكهربائية والاستهزاء بالأرواح، مشدداً على أهمية امتداد التحقيقات إلى الأسباب الحقيقية للفاجعة وطرق التسيير وكيفية التعامل مع هذه الحوادث وإجراءات الأمن والوقاية.

المساهمون