صحافيو غزة... على أهبة الاستعداد الدائم

16 اغسطس 2018
استنفار صحافي في غزة (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لا تنفكّ الصحافية الفلسطينية أماني كساب عن متابعة الأحداث الجارية على الساحة الفلسطينية عموماً، ومستجدات الأوضاع في قطاع غزة على وجه التحديد، بينما تتجهز وإلى جانبها عشرات الصحافيين لتغطية أي حدث سياسي أو تصعيد إسرائيلي، وما بينهما من جولات هدوء متكررة.

تواتر الأحداث التي شهدها قطاع غزة أخيراً، زاد من نسبة القلق والحذر والاستعداد في صفوف الصحافيين، حيث نصبوا كاميراتهم، وجهزوا أوراقهم وأقلامهم، وباتوا على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي حدث قادم، على الرغم من عدم استثناء قوات الاحتلال الإسرائيلي للطواقم الصحافية من أهدافها المباشرة.

تكسر الصحافية كساب حاجز الخوف في طريقها لتغطية الأحداث الميدانية، متغلبة على قلقها الدائم، وتقول: "نحن جزء من المجتمع نراقب الأحداث بكل توتر وحذر، لكننا نتعالى على جراحنا وننزل للميدان، لإيصال الرسالة والحقيقة للعالم".

وتوضح كساب أن الاستعداد والجاهزية النفسية لتغطية الأحداث الخطرة، لا تقل أهمية عن الجانب الجسدي، "فنحن نعاني كصحافيين من الضغوط النفسية نتيجة ما نراه في الميدان من جثث وأشلاء الشهداء"، مؤكدة في الوقت ذاته أن الصحافة مهنة البحث عن الحقيقة التي لا بد لمن يحاول الوصول إليها من أن يدفع الثمن غالياً، من وقته وجهده وعرقه، وأحيانا من دمه، بينما تزداد فاتورة الدفع عندما ينطلق الصحافي لتغطية حدث، أو موقف ما، في وقت من الأوقات الخطرة، حسب تعبيرها.



الاستعداد الدائم كذلك سمة العمل في مكتب قناة "بي بي سي عربي" في مدينة غزة، والتي يعمل فيه الصحافي عدنان البرش محرراً ومنتجاً إخبارياً، حيث تجري مراقبة كافة الأحداث على الساحة الفلسطينية، خاصة الميدانية، والمتعلقة بجولات التصعيد المتلاحقة والمنفصلة.
ويوضح البرش لـ "العربي الجديد" أنهم اكتسبوا خبرة الاستعداد لتغطية المواجهات من تغطية كافة أشكال التصعيد العسكري بما يشمل الحروب الثلاث الواسعة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، مضيفاً: "نحن في حالة استيقاظ وترقب دائمة، لما قد تحمله الأيام القادمة".

"نعمل على تجهيز معداتنا الخاصة بالتغطية الصحافية، ونتأكد من توفر كل ما يلزم، لكن يرافقنا قلق دائم فيما يتعلق بتوفير الوقود اللازم لعمل المولد الكهربائي الخاص بالمكتب، أو المولد العام الخاص بالمبنى، بينما نقوم بتحضير الكاميرات ومعدات التصوير، والتأكد من سلامتها ومدى جهوزيتها، وتجهيز الاستوديوهات الخاصة بالتغطية الحية والمباشرة للأحداث" وفق البرش.
ويبينّ أنّ هذه التحضيرات تتطلب ساعات عمل طويلة، تضطرهم أحياناً للبقاء في المكتب ليوم كامل أو يومين، وفقاً لحجم التصعيد.

ويؤكد البرش أن ذلك الواقع يؤثر على الحياة الأسرية، خاصة في ظل البعد الطويل عن العائلة، وعدم متابعة شؤونها، وتلبية احتياجاتها، مضيفاً: "عدا عن الشعور بالخوف والقلق المتبادلين، إذ أن العائلة في دائرة الخطر مثل باقي سكان القطاع، بينما نعمل نحن على التغطية الميدانية في أماكن القصف والحوادث المختلفة".

أما الصحافية في مركز غزة للإعلام كاري ثابت، فتوضح أن الأحداث الجارية تجبر الصحافيين على البقاء دائماً على أهبة الاستعداد، ومتابعة الأخبار العاجلة، موضحة أنها تعتمد في أوقات التوتر على البقاء داخل المستشفيات للتعرف على أعداد الإصابات والشهداء، ما يزيد من حالة الإرهاق.

وتبين ثابت لـ "العربي الجديد" أن التوتر كذلك يتضاعف في حالات ترقب الأحداث، إذ لا تفرق قوات الاحتلال الإسرائيلي بين الصحافي أو المسعف أو المواطن المدني، موضحة أن تلك الاستعدادات لا تلغي خوف وقلق الأهل، إذ يتواصلون بشكل دائم للاطمئنان.



من ناحيته؛ يقول المصور الفوتوغرافي مجدي فتحي، ويعمل لدى وكالة nurphoto أنه يُحرم من الارتباط بأي مواعيد اجتماعية، نتيجة تخصيص وقته للميدان والتجهيز للتغطية الصحافية لأي تصعيد، مضيفاً: "قطاع غزة أرض ساخنة باستمرار، متقلبة ومتزاحمة بالأحداث، فلا يكاد يمر يوم دون تغطية حدث ما، سواء المحلي أو الميداني أو التصعيد مع الاحتلال".
ويتابع: "نقضي ساعات طويلة في التجهيز للتعامل مع أي طارئ، أو تصعيد إسرائيلي، كذلك متابعة الأخبار وتسلسل الأحداث باستمرار، حتى نتمكن من تصوير أي حدث، أو أن نكون في أقرب نقطة من الحدث، مع اتخاذ إجراءات السلامة والوقاية، على الرغم من الاستهداف الإسرائيلي المتواصل للطواقم الصحافية".

أما فيما يتعلق بالأحداث المتلاحقة التي شهدها قطاع غزة مؤخراً، فيشير المصور فتحي إلى أنها وضعت الصحافيين في حالة طوارئ تشبه تماماً أيام الحروب الثلاث التي مر فيها القطاع، والتي "كنا فيها بعيدين عن الأهل، وفي حالة قلق متواصل، إلا أننا كنا نؤمن بالرسالة التي نحملها".
المساهمون