الإعلام اللبناني يعود إلى قواعده سالماً في أسبوع الانتخابات

06 مايو 2018
إعلانات انتخابية (جوزف عيد/فرانس برس)
+ الخط -
اليوم وبينما يتوّجه اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع، في أول انتخابات نيابية تشهدها البلاد منذ 9 سنوات، يبدو مشهد الإعلام المحلي هو الأكثر حزناً. بعد 13 عاماً على الانقسام العنيف بين اللبنانيين، وبين وسائلهم الإعلامية، بدا في السنة الأخيرة كأن هدنة معيّنة تحكم الصحف والتلفزيونات، أقلّه لناحية التحريض السياسي الذي بقي في مستويات متدنية.


القنوات التلفزيونية

لكن في الأسبوع الأخير، ورغم اختفاء أي صراع سياسي حقيقي عاد الإعلام اللبناني إلى انقسام جديد، وإن كان هذه المرة أكثر غموضاً، في ظل التحالفات المتشابكة في الانتخابات النيابية. كل قناة محلية، ومن خلفها حزبها السياسي، قامت بواجبها على أكمل وجه. تلفزيون المستقبل (تابع لتيار المستقبل الذي يترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري)، جنّد كلّ مراسليه ومحرريه لمتابعة نشاط الحريري. وكان التتويج في تقرير أشبه ببورتريه عن الحريري، أعدته الزميلة مها حطيط بدا أقرب إلى تمجيد خطاب الرجل وخطواته، على خلفية نساء يبكين وهن يستمعن إليه.



لم تتأخر قناة "الجديد" بالردّ، فأعدت الزميلة حليمة طبيعة، تقريراً مدته 6 دقائق، عن أمين عام حزب الله حسن نصر الله "الذي استوطن قلوب أمة بكاملها". عادة طبيعة إلى بلدة البازورية الجنوبية، مسقط رأس نصر الله، لتكتشف إن كان نصرالله يقترع أم لا. أكثر من نصف التقرير كان تمجيداً بنصر الله على لسان سكان قريته، على خلفية أغنية "جواز السفر" لمارسيل خليفة.



جنباً إلى جنب مع "المستقبل"، و"الجديد" كانت قناة "أو تي في" التابعة للتيار الوطني الحرّ (أسسه رئيس الجمهورية ميشال عون، ويترأسه حالياً وزير الخارجية جبران باسيل) تقوم أيضاً بدورها على أكمل وجه: تقارير بالجملة في نشرات الأخبار لمهاجمة الخصوم، وتذكيرهم بوعودهم الكاذبة أو "تناقض أفكارهم": من حزب الكتائب إلى وزير الداخلية السابق ميشال المرّ، فالنائب سليمان فرنجية فتحت القناة النار على كل الذين يخوضون الانتخابات بوجه لوائحها. بينما خصصت برامجها المسائية لتحسين صورة مرشحيها، وكان آخرها حلقة مع المرشح في دائرة كسروان (شمال بيروت) شامل روكز (صهر رئيس الجمهورية)، وبعدها مباشرة استضافت صهره الآخر، جبران باسيل، واستقبلته حتى منتصف الليل، حين بدأ الصمت الانتخابي المفروض على المرشحين. قناة "المنار" (حزب الله)، وإن بي إن (حركة أمل، يترأسها نبيه برّي) لم تختلف بدورها عن خطاب أحزابها. فخصوم حزب الله، هم من دعموا التكفيريين وداعش، والتصويت ضدهم واجب وطني... استنسخت "المنار" خطاب نصرالله الأخير، في دائرة بعلبك ـ الهرمل، وهي المعركة التي تخيف الحزب، وقد خصص لها نصر الله أكثر من خطاب، بسبب احتدام المنافسة هناك.




أما قناة MTV ومعها قناة LBCI فحاولتا لعب دور المحايد، أقلّه بالشكل، أما في المضمون، فبدا واضحاً أن "إم تي في" مثلاً طرف واضح في المعركة. فمثلاً في بيروت لم توفّر مناسبة لتوجيه سهامها ومهاجمة فؤاد المخزومي، المرشح في وجه لائحة تيار المستقبل، أو في وجه رجا الزهيري، المرشح هو الآخر في وجه تيار المستقبل في بيروت.



مواقع التواصل


إن كان اصطفاف الإعلام المرئي قد احتدم في الأسبوع الأخير، فإنّ الحروب الكلامية على مواقع التواصل بدأت قبل شهر تقريباً، ووصلت إلى ذروتها في الأيام الأخيرة. وكما هي الحال منذ أشهر فإنّ المعركة الشرسة كانت بين مناصري التيار الوطني الحرّ، ومناصري حركة أمل، خصوصا بعد كلام رئيس التيار جبران باسيل أول من أمس على شاشة "أو تي في" هاجم فيه برّي، وواصفاً إياه بالفاسد والطائفي. فأطلق مناصرو حركة أمل وسم "#لص_العهد" مهاجمين باسيل ورئيس الجمهورية ميشال عون بعنف.



وعلى مواقع التواصل أيضاً كانت حروب التسريبات والفبركات، فانتشرت برقية قيل إنها سرية، تتضمّن وعداً سعودياً بتمويل حملتي تيار المستقبل والقوات اللبنانية مقابل توطين اللاجئين السوريين في لبنان. الوثيقة التي لا مصدر لها، انتشرت في ما يشبه الفبركة أو التهويل الانتخابي. كما انتشر فيديو لرجل دين يردّد وأمامه العشرات من مناصري حركة أمل قسماً بانتخاب "من اختاره الرئيس نبيه بري، المرشح غازي زعيتر". إلى جانب عشرات التسجيلات الصوتية التحريضية التي تلقاها اللبنانيون على "واتساب".