عمرو أديب يدشن المشروع الإعلامي بين السيسي وبن سلمان

09 يونيو 2018
حضر آل الشيخ التوقيع وسط غياب الإبراهيمي (صلاح ملكاوي/Getty)
+ الخط -
عبّر تعاقد رئيس هيئة الرياضة السعودية، تركي آل الشيخ، المقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مع الإعلامي المصري عمرو أديب، لصالح مجموعة قنوات "إم بي سي" السعودية، من دون ظهور مدير الشبكة وليد الإبراهيمي في الصورة، عن بدء تفعيل الخطة السعودية المصرية التي تم التخطيط لها مطلع هذا العام لتدشين مشروعات إعلامية مشتركة، تستفيد منها السعودية مالياً، وتخفف في الوقت نفسه الضغط المالي والخسائر التي تتكبدها الشبكات المصرية المملوكة حالياً بشكل شبه كامل للأجهزة السيادية من استخبارات وجيش وشرطة.

وكان "العربي الجديد" قد انفرد، في إبريل/ نيسان الماضي، بمعلومات عن اتفاق تركي آل الشيخ بالنيابة عن بن سلمان مع الدائرة الخاصة بالرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وعلى رأسها مدير المخابرات عباس كامل، على تدشين شبكة بأموال سعودية ومحتوى ترفيهي سياسي رياضي مصري وبرامج يتم إنتاجها في مصر، وأنه تم الاتفاق بالفعل على ضم عدد من كبار الإعلاميين الذين يقدمون البرامج السياسية العامة والرياضية على قناة "أون" المملوكة حالياً لشركة "إعلام المصريين" التابعة لشركة "إيغل كابيتال" التي تديرها دائرة السيسي الخاصة مباشرة بأموال المخابرات العامة، وكذلك إذاعة "دي آر إن" المملوكة حالياً لشركة "هوم ميديا" التابعة لشركة "فالكون" التي يديرها رجال أعمال بإشراف من وزارة الداخلية.

التغيير الوحيد الذي طرأ على الخطة هو أنه لن تتأسس شبكة جديدة، ولكن سيتم تنفيذ المشروع على قناة لم تحقق أي نجاح منذ إنشائها هي "إم بي سي برو"، استغلالاً للإمكانيات القائمة فيها تحت إشراف مباشر من آل الشيخ، لكن باقي التفاصيل ستستمر كما هي.




ووفق مصادر إعلامية مطلعة، تفاوض آل الشيخ بشكل سري خلال الأسابيع الماضية مع الاتحاد المصري لكرة القدم لشراء حقوق بث الدوري المصري، وسيتبع ذلك التعاقد مع عدد من الإعلاميين الرياضيين والمحللين والمعلقين الكرويين المصريين، على رأسهم مدحت شلبي، بينما لا يزال التفاوض متعثراً مع الإعلامي البارز الآخر أحمد شوبير، بسبب علاقته الوطيدة بالخصم الجديد لآل الشيخ، رئيس "النادي الأهلي" محمود الخطيب.

وذكرت المصادر نفسها أن من بين الأسباب التي دفعت السعودية لصرف النظر عن تدشين شبكة جديدة والاكتفاء بالعمل على تطوير القناة القائمة أن الإدارة السعودية لم تتأكد بعد من نجاح تجربتها في إطلاق قناة "إس بي سي" الجديدة، وما صاحب إطلاقها من مشاكل مع المنتجين المصريين لبعض الأعمال الفنية، وتخوف المصريين من الشروط السعودية في التعامل معهم وفي إدارة السياسة التحريرية للشبكة المرتقبة.

هذا في الوقت الذي ترغب فيه الأجهزة المصرية في سرعة التخفف من أعبائها المالية، تمهيداً لتنفيذ مخطط جديد تدرسه حالياً دائرة السيسي، بدمجها جميعاً في شبكة محلية واحدة، في ظل اتجاه دائرة السيسي ووزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد، المديرة التنفيذية لشركة "إيغل كابيتال"، إلى التخفف من الأعباء المالية التي ورّثها لهم رجل الأعمال المقرب من النظام، أحمد أبوهشيمة، نتيجة إنفاقه مئات الملايين من الدولارات على مشروع "إعلام المصريين"، من دون تحقيق أي أرباح تذكر، وكذلك إهدار مئات الملايين من أموال الاستخبارات والشرطة في القنوات المذكورة سابقاً ومن دون تحقيق أي أرباح. 



وكان من الأسباب المباشرة للإطاحة بأبوهشيمة وتولي دائرة السيسي قيادة هذه المجموعة مباشرة، بواسطة وزيرة الاستثمار السابقة (زوجة محافظ البنك المركزي الحالي طارق عامر)، أن السياسة المالية التي أدار بها أبوهشيمة المجموعة لم تعد ملائمة للتطلعات والإمكانيات أيضاً، إذ تسبب اندفاعه في دفع مئات الملايين من الجنيهات لاستقدام نجوم الرياضة والفن وإنتاج برامج خاصة بهم، فضلاً عن إنتاج بعض المسلسلات عالية الكلفة، في تحقيق خسائر متتالية للمجموعة، وبصفة خاصة شبكة قنوات "أون"، وصلت إلى نحو نصف مليار جنيه، في الوقت الذي تسير فيه الصحف على نحو جيد رغم ضعف التوزيع نتيجة حصول مواقعها الإلكترونية على نسبة قرّاء عالية ونجاحها في استقطاب معلنين ثابتين وناجحين.

وتوضح المصادر أن من بين دوافع السعودية لاقتحام سوق الإعلام المصري هو إعجاب القيادة الجديدة في الرياض بنمط التشارك بين الإمارات والجهات الحكومية ورجال الأعمال المصريين في مشروع شركة "بريزينتيشن للتسويق الرياضي"، التي تملك حالياً حقوق الدعاية والرعاية للاتحاد المصري لكرة القدم وبطولاته وعدد من الأندية، إذ ترغب الرياض في تكرار هذا النمط التشاركي مالياً وإدارياً، ولكن في مشروعات إنشائية وإعلامية كبرى.

وتسيطر أجهزة السيسي حالياً، على المستويين المالي والإداري، على معظم شبكات القنوات الفضائية المصرية: "أون"، "دي إم سي"، "سي بي سي"، "النهار"، "الحياة"، "العاصمة"، مع بقاء شبكة "دريم" مملوكة لرجل الأعمال المديون للدولة والمتعثر، أحمد بهجت، وقناة "القاهرة والناس" مملوكة لرجل الدعاية الموالي للنظام، طارق نور.

وتتزامن هذه الاستعدادات مع تصعيد أجهزة السيسي ضد مختلف وسائل الإعلام لإحكام السيطرة عليها، وآخرها كان الاستحواذ على حصة رجل الأعمال نجيب ساويرس، المقدرة بثلث إجمالي أسهم صحيفة "المصري اليوم"، ثم فرض تغيير رئيس تحريرها منذ شهرين، على خلفية نشر الصحيفة عنواناً عن حشد الدولة للناخبين للمشاركة في انتخابات الرئاسة، وكذلك إغلاق موقع "مصر العربية" الإلكتروني الذي كان من المنصات الإعلامية النادرة بعيداً عن السيطرة المباشرة وحبس رئيس تحريره عادل صبري.