قد تعيد بعض صور المهاجرين العالقين منذ أسابيع على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا صور أسرى المعتقلات النازية خلال الحرب العالمية الثانية، خصوصاً تلك التي تظهرهم قرب الأمتار الطويلة والمرتفعة للأسلاك الشائكة التي نصبتها السلطات البولندية لمنعهم من الدخول، وذلك بعدما منحهم الاتحاد الأوروبي الضوء الأخضر لفعل ذلك، وتأمين حماية حدوده مع دول الشرق.
بالطبع ليس هؤلاء المهاجرون، وغالبيتهم من الشرق الأوسط، أسرى للبولنديين، لكنهم يعانون من ظروف أسوأ من الأسر بين الأسلاك الطويلة الممتدة على طول الحدود. فهم محرومون من المساعدات ومؤن الطعام والرعاية الصحية الضرورية في أجواء الشتاء التي تنذر بدرجات حرارة أدنى من الصفر في الأيام المقبلة، وينتظرون استعطاف نشطاء أو سكان من المنطقة عليهم بأساليب أصدرت وارسو قوانين لمعاقبتها. ويعني ذلك أن وضع المهاجرين العالقين أسوأ اليوم من أسرى النازيين ربما الأكثر شراسة في تاريخ الإنسانية.
ولا يكتفي البولنديون بحواجز الأسلاك الشائكة لإبعاد المهاجرين عن أراضيهم الداخلية، إذ ينشرون الآلاف من الجنود وراء الأسلاك لمراقبة أي تحركات للمهاجرين، مع الاستعداد الكامل للتعامل معها بكافة أنواع وسائل الردع، فالمكان ساحة معركة حقيقية بالنسبة إليهم، بتوجيهات من سلطاتهم والأوروبيين من ورائهم الذين رفعوا شعار رفض استقبال المهاجرين بأي ثمن وبغض النظر عن أية رؤية إنسانية لمعاناتهم الكبيرة التي جرتهم إلى هذا المستنقع المأساة.