حمروش: شبكات تحاول استخدام الجيش لحماية النظام ومنع التغيير

04 سبتمبر 2019
+ الخط -
هاجم رئيس الحكومة الجزائري الأسبق مولود حمروش، اليوم الأربعاء، السلطة والنظام السياسي القائم في الجزائر، ووصفه بأنه "نظام معاد للوطن"، متهماً شبكات الولاء والرشوة بمحاولة حماية النظام وضمان استمراره واستخدام الجيش.

وكتب حمروش، الذي عُيّن رئيساً للحكومة بين سبتمبر/أيلول 1989، حتى أحداث يونيو/حزيران 1991، في مساهمة مطولة نشرها اليوم في صحيفتي " الخبر "، و"الوطن" أن "النظام الجزائري ليس نموذجاً وهو لا يشبه أي نظام آخر. إنه نظام قاتل للحرية ومعادٍ للحكم الراشد، للمؤسسات وللتنظيم ومعاد للوطن"، محذراً من أن هذا النظام السياسي القائم على الولاء والرشوة و"من أجل إستمراره، قد يصل حدّ كسر انسجام الجيش".


ولفت حمروش الى أن النظام القائم في الجزائر "والذي يريد البعض الاحتفاظ به مهما كان الثمن، لم يضمن بناء الدولة ولا كفاءة الحكومة ولم يضمن إرادة البلاد وتنميتها، ومنع مشروع الجزائر من أن يصبح واقعاً، وأن تصبح البلاد نمراً اقتصادياً، والأدهى من هذا، أنه ورّط في السنوات الأخيرة ضباطاً سامين في فساد ومؤامرات".

وثمّن حمروش منجزات الحراك الشعبي، واعتبر ان "حركة 22 فبراير وضعت حداً لما تسبب به النظام من تفاقم للمصاعب، ومن انسدادات وتهديدات تراكمت ولم تجد لها حلاً. لقد عبّر الجزائريون بهذا التجنيد غير المعهود، عن رفضهم لسقوط بلادهم أو أن تستسلم للفوضى"، مشدداً على رفضه لتحاليل بعض النخب السياسية والعسكرية التي تتهم الحراك بخلق الفوضى، قائلاً: "الشعب لم يتسبب في مصاعب إضافية، ولا في زعزعة الاستقرار، ولا في اختلالات جديدة، بما في ذلك على المستوى الاقتصادي والاجتماعي"، كما لم يتسبب الناس في اضطرابات ولا في عنف إضافي للنظام أو الجيش"، مضيفاً أن "بعض حماة النظام يتخبطون في تناقضاتهم وفي أعمالهم الشائنة وأزماتهم، إنهم يُحاولون عبثاً اليوم تحميل مسؤولية انحرافاتهم هذه، وتكاليف فشلهم للحراك، لهذا وبعد ستة أشهر، ما زال الشعب والجيش وحيدين، إنها حالة مأساوية ليست مفاجئة".

وحذر حمروش من استمرار ما يصفها "بشبكات الولاء والرشوة" في المداهنة والتملق للجيش، حفاظاً على مصالحها وباستخدام وسائل الدعاية، وقال: "اليوم تستمر نخب خائبة تُعشش في شبكات الولاء والإكراه والرشوة، بالرغم من هذه الكارثة، تستمر في محاولة الاحتفاظ بالحق في تسيير السلطة لوحدها وحماية مناصبها وامتيازاتها، مع استمرار قطيعتها مع الشعب وانفصالها الاجتماعي والهوياتي".


وبرأي رئيس الحكومة الأسبق، فإن "هذه الشبكات تريد أن تستمر في صياغة موقف الجيش وخريطة طريقه، وهؤلاء ووسائل إعلامهم وامتداداتهم، ما زالوا يعملون على التجدد وحتى على تدعيم نفوذهم، إنهم يرفضون بكل بساطة سيراً مؤسساتياً للدولة والسلطات، لأنهم يخافون أن رقابة قانونية بسيطة تجعل أسلحتهم، كل أسلحتهم واهية، أي الكذب والابتزاز أو التهديد"، لافتاً الى أنها ذات الأدوات و"الأسلحة التي استُخدمت من أجل وقف الجزائر عن استكمال مسارها وإخضاعها لتقهقر عام رهيب".

وكتب حمروش أن "الشعب يطالب بتغيير النظام بالوسائل السلمية وبكل وعي وتحضر من خلال شعاره "يتنحاو قاع" (يرحلون جميعاً)، لذلك فإن تفكيك وعزل جماعات الولاء والإكراه والرشوة الضارة صار ضرورياً، إنه شرط لبقاء انسجام الجيش وكل سلطة وطنية قانونية"، مشدداً على أن "الجيش لا يرغب، ولا يستطيع أن يستمر في أن يكون قاعدة اجتماعية أو سياسية ولا ضابطاً ولا حامياً لهذه السلطة أو تلك الحكومة التي وقفت في وجه ممارسة الناخبين لسيادتهم، وعرّضت انسجام الجيش وأمنه للخطر، وأي استمرار في مثل هذه الممارسات سيكون خطراً قاتلاً للجزائر ودولتها وجيشها".

ويدعم رئيس الحكومة الأسبق دعوة قائد أركان الجيش الى التعجيل بتنظيم الانتخابات الرئاسية، ولفت الى أن "قيادة الجيش أعلنت موقفاً منسجماً مع مطالب الحراك، بإلحاحها على تفعيل المادة 102 (إقالة بوتفليقة)، لذلك فإن الطلب اليوم بالتنظيم العاجل للانتخابات يظهر أنه عين المنطق"، لكنه يستدرك ان تنظيم هذه الانتخابات مرتبط "بالاطلاع على شروط تنظيمها وتحديدها والاطلاع على الضمانات وعلى تنظيم التحقق والرقابة وسبل الطعن لانتخابات نريدها مثالية وأصيلة".

ويبدي حمروش اعتراضه على إسناد الحوار، ومحاولة حسم هذه المسائل الخطيرة والحاسمة المرتبطة بالانتخابات، إلى الذين طالب الحراك بذهابهم، ودعا إلى "تقييم هذه الانتخابات المأمولة وبشكل مسبق، ومخاطرها والمأمول منها، وما قد يترتب عنها، لأن الأمر لا يتعلق فقط بشروط وظروف تنظيم الانتخابات وانعكاساتها، فهناك أيضاً مستلزمات فصل الدولة وديمومتها واستقرارها عن حياة أي سلطة تنفيذية، وهل ستظل شروط إضفاء الشرعية على الحكومة، وسيرها، وتقييمها، واستبدالها، خاضعة للشبكات التي تتحكم اليوم في إدارات حكومية ومحلية وتملك شبكات زبائنية. إنهم سيناورون من أجل منع الإرادة الشعبية من التعبير أو تحريفها"، محذراً من أن الرئيس المقبل في الجزائر سيكون أمام شبكات مؤثرة.

ويقترح رئيس الحكومة الأسبق في السياق، إقامة معابر وجسور ثقة بين جسمين حيويَّين للجزائر، الشعب والجيش، بفضل بروز وساطات قادرة، مشيراً الى ان المفاضلة الصحيحة ليست في تخيير الجزائريين بين استمرار النظام او الفوضى، ولكن بين النظام وجزائر أفضل.