Wirecard... أن يبلغ سعر سهم الشركة صفر دولار

04 أكتوبر 2022
اتُّهمت صحيفة فاينانشال تايمز بمحاولة تشويه صورة ألمانيا (نتفليكس)
+ الخط -

بثت شبكة نتفليكس، أخيراً، وثائقياً بعنوان Skandal! Bringing Down Wirecard. عمل حول Wirecard، شركة التحويلات الماليّة الألمانيّة التي تشبه PayPal. تأسست Wirecard في عام 1999، وانتهى الأمر بإفلاسها ضمن فضيحة عالميّة مدويّة عام 2020. فضيحة تسببت بإحراج ألمانيا نفسها، والقضاء على الحلم الألماني بوجود شركة تكنولوجيا ألمانية جديدة، تنافس شركات سيليكون فالي، وتحرر ألمانيا من سطوة شركاتها القديمة، كمرسيديس وبي أم دبلو.
تتحرك الفضيحة بين عدد من الأطراف، الأول هو Wirecard نفسها، ومديراها المثيران للريبة؛ ماركوس براون (النسخة الألمانية من ستيف جوبز) وجان مارسلليك.
الطرف الثاني، هو صحيفة فاينانشال تايمز، التي بدأت بالتحقيق بأعمال الشركة، وأثبتت أنها شركة وهميّة، تغسل الأموال، وليست إلا واجهة لعملية احتيال كبرى. أما الطرف الثالث، فهم مجموعة من المضاربين، يراهنون على انهيار الشركة، واثقين بأنها مجرد "نصبة" كبرى، على الرغم من تصنيفها عام 2018، حسب مجلة فوربس، كواحدة من أنجح 100 شركة في العالم.


ازداد حجم الشركة على مدى السنوات، ودخلت سوق البورصة الأميركية، ووصل سعر سهمها إلى ما يتجاوز الـ120 دولاراً. وراكمت ثروة وشهرة جعلت أنجيلا ميريكل نفسها تروّج لها. لكن، في ذات الوقت، صحيفة فاينانشال تايمز تلاحق أصول الشركة في آسيا، لتكتشف أنها مجرد شركات وهميّة، وعلى علاقة بتهريب السلاح، وغسل الأموال، والتلاعب بالسياسة الأوروبيّة، خصوصاً في ما يتعلق باللاجئين.
يتحول الأمر إلى نوع من حرب العصابات بين Wirecard التي تتنصت وتلاحق "فايناشنل تايمز" وصحافييها وتهددهم، وبين المضاربين الذين يتراكم رهانهم ضد الشركة التي يتوقعون انهيارها، ما شكك بمهنية "فاينانشال تايمز"، واتهامها هي والصحافيين فيها، بالتعاون مع المضاربين لدفع الشركة نحو الإفلاس في سبيل الربح الشخصي.
يزداد تعقيد الموضوع مع تدخل شركات التدقيق المالي، التي تكشف عن أموال بلا أصول في الشركة، بل مجرد شركات وهمية. يترافق ذلك مع أنشطة مريبة لجان مارسليك، كتمويله مراكزا لإعانة اللاجئين على الحدود الليبية، وتعامل استخباراتي مع الروس، وغيرها من الشؤون التي لم تكن تخطر على بال أحد.
على الرغم من كل ما سبق، الشركة لم تفلس، بل استمر سعر سهمها بالارتفاع، وهذا بالضبط ما أثار الريبة. من هم أولئك المستثمرون الذين لا مانع لديهم من كل الفضائح التي تحيط بالشركة؟
تقرر "فاينانشال تايمز"، في النهاية، فضح كل شيء، ونشر كل ما تمتلكه للعلن، في سبيل الوقوف في وجه هذه الشركة التي تحولت إلى ما يشبه المافيا المالية العالميّة. وبعد أن تمت مداهمة الشركة، واعتقال ماركوس براون، الذي يدافع عن نفسه بوصفه غافلاً عما يحدث، اختفى المريب جان مارسليك. لم تجده الشرطة لاعتقاله، وبدأت الشكوك تدور حوله. هل هو جاسوس؟ عميل مزدوج؟ نصاب دوليّ؟ ما من إجابة. مارسليك ما يزال حياً طليقاً لا يعرف أحد مكانه.

أكثر ما يثير الاهتمام في الفيلم هو الجانب الأميركي؛ إذ دخلت الشركة سوق البورصة الأميركية في محاولة لمنافسة عمالقة شركات التكنولوجيا هناك. الشأن الذي تحول إلى قضية وطنية ألمانيّة، فالشركة تمثل "واجهة البلد" ولا بد من حمايتها، بل اتهمت "فاينانشال تايمز" نفسها بمحاولة تشويه صورة ألمانيا، لكن الدلائل أصبحت أكثر جديّة ولم يعد بالإمكان تجاهلها.
ما يزال براون يخضع للمحاكمة، بتهم الاحتيال والتزوير، وقد يواجه في حال إدانته السجن لمدة 15 عاماً. في حين أنه يصر على براءته، بحجة أنه لم يكن يدري بما يحصل داخل الشركة. لكن اللافت، أن الشركة لم توقف خدماتها، أي ما زال بالإمكان استخدام البطاقات التي أصدرتها، كونها تدار حالياً من قبل مجموعة من الموظفين، وتم الاستحواذ عليها من قبل شركة أخرى تحاول الاستمرار وتنظيف الشركة من معاملاتها الماليّة المشبوهة، علماً أنّ سعر السهم حتى نشر هذا المقال هو 0$.

المساهمون