أخيراً، أصدرت فرقة البانك روك السويدية، Viagra Boys، ألبوماً جديداً يحمل عنوان Cave World، ليكون الإصدار السادس في مسيرة الفرقة المثيرة للجدل، التي بدأت رحلتها الفنية عام 2015، ووثقت في ألبوماتها السابقة كل أنواع الحياة الإجرامية والمعادية للمجتمع، وطرحت أفكاراً صادمة بطريقة شائكة، تختلط فيها الأفكار الجادة بالساخرة، لتنتهج أسلوب التدمير الذاتي، الذي أطلقت عليه تسمية "ما بعد الشر"، وتمخضت عنها إصدارات غريبة، تتعمد إحداث صدمة لدى الجمهور، حتى في الأغاني العاطفية.
في ألبومها الجديد، تتابع Viagra Boys مسارها في الطريق ذاته، لتطرح بأغانيها مزيداً من الأفكار الصادمة، التي تستمدها هذه المرة من مواقع التواصل الاجتماعي، لتتبنى هذه المرة كل نظرية مؤامرة زائفة تلقيها الفضاءات الافتراضية المفتوحة، وتعيد صياغتها بأسلوبها الساخر والصادم. النظريات الرئيسية التي تسيطر على Cave World، هي فرضية الشرائح التي زُرعت في أجساد البشر من خلال جرعات اللقاح ضد فيروس كورونا. طورت Viagra Boys هذه الفكرة، لتصور النظرية من زاوية مضادة موازية لها، تمثلت بوجود حشرات خيالية قادرة على النمو في أجساد البشر غير المحصنين والسيطرة عليها.
وتوّجت الفرقة النظريات بحبكة درامية، تبدو كمسار عكسي لنظرية داروين حول التطور، ليكون الإنسان في طريقه نحو تحول جديد يعود فيه قرداً، إذا ما سارت المؤامرات كما رسم لها في المخططات، التي تربط التطور التقني بنظرية التطور، كما فعل فيلم "أوديسة الفضاء 2001" لستانلي كوبرك، ولكن هذه المرة بطريقة عكسية، تبدو فيها العودة إلى الأطوار البدائية هي المسار الحتمي للتاريخ.
في Cave World، تتبدل وجهات النظر والأفكار المطروحة، وفقاً للتبدلات التي تطرأ على تموضع الراوي وعلاقته بالحكايات التي يرويها العمل، لنشعر بوجود ثلاثة أصوات متباينة ترسم حكاية الألبوم. ففي بعض الأغاني يكون الراوي رجلاً محايداً يسرد حكاية تؤدي إلى رسم النظرية العكسية للتطور والبدائية والشر الحتمي. ذلك نجده في الأغنية الافتتاحية، Baby Criminal، التي تروي حكاية "جيمي الصغير"، الطفل الذي سيتحول إلى مجرم.
وفي أغنية Troglodyte أيضاً، التي تبدو كصورة بانورامية تربط بين المراحل البدائية لتطور الإنسان، والصورة التي غدا عليها اليوم، الذي يوصف ككائن وحشي تغطيه مظاهر حضارية. يرد في الأغنية: "يذهب إلى العمل ويمضي الوقت على جهاز الكمبيوتر الخاص به، ويفكر في بندقيته التي تركها في المنزل. في يوم من الأيام، سيطلق النار، وسيحضر بندقيته إلى العمل. يفكر في من حوله وبالعقوبات التي سيواجهونها، لكن الأمور كانت ستسير بشكل مختلف في الوقت الذي كنا فيه قروداً؛ فعندما كان الجميع قردة، كان علينا القتال فقط من أجل البقاء. الآن لديك سلاح لنفسك، وبإمكانك أن تختار بنفسك من يعيش ومن يموت". هذه الرواية يقطعها صوت آخر للتعليق عليها بشكل ساخر، يصرخ: "حتى لو كنت تعيش قبل مليون سنة، لن تكون موضع ترحيب القردة الآخرين، لأنك تطورت بعد فوات الأوان".
الصوت الساخر يقود أغاني أخرى كاملة، مثل The Cognitive Trade-Off Hypothesis، التي تكثر فيها صيغة الأسئلة، لترسم وعياً مضاداً يرتقي فوق الفكر الهزلي الذي بنيت عليه حكاية الألبوم.
والصوت الأخير، هو الذي يتم فيه تبني صوت الشخصية الرئيسية؛ الطفل البشري الذي أصبح مجرماً وهو في الطريق لأن يصبح قرداً. هذا الصوت نجده بشكل واضح في أغان مثل Big Boy، إذ تبدو أكثر هزلية ومرحاً، ففيها نسمع صيحات مفاجئة وغير متوقعة من شخصية تبدو غير منطقية رسمتها الفرقة على مدار إصدارها بإتقان.