استمع إلى الملخص
- يسخر المسلسل من الشخصيات العاملة في الصناعة، مثل المخرج إريك بوشارد والممثل بيتر فيرتشايلد، ويكشف عن التناقضات بين الفنيين والمنتجين وسط سطوة رأس المال والفضائح.
- يبرز المسلسل دور مساعد المخرج دانييل كومار كوسيط بين الاستوديو والمخرج، ويسخر من تأثير المخرجين الشهيرين، مع عرض التوتر في صناعة الأفلام حيث تلعب السوق دورًا أكبر من الرؤية الفنية.
بثت منصة "إتش بي أو" أخيراً مسلسل The Franchise الذي يستكشف كواليس أفلام الأبطال الخارقين وأجزائها المتعددة ضمن صيغة كوميدية-ساتيرية، تكشف سطوة الاستوديو، وكيف تحولت هذه الأفلام إلى مجرد "صناعة ثقافيّة" يمكن التلاعب بها وتغيير محتواها، حتى لو كان المخرج "فناناً" حائزاً على جوائز "مرموقة".
يستكشف المسلسل كواليس الإنتاج ضمن الاستوديو نفسه، وصعوبات التصوير، التي لا يظهر فيها الممثلون بأزياء شبه تنكريّة. تحضر الشاشة الخضراء خلفهم، وفنيو المؤثرات الخاصة، في سخرية من فن التمثيل نفسه الذي تحول إلى ما يشبه اللعب الطفولي، الذي يُعدّل لاحقاً و"يُعاد تصميمه" ليظهر بالصورة النهائية التي نراها على الشاشة.
يسخر المسلسل من أفلام الأبطال الخارقين، والعاملين فيها، سواء كنا نتحدث عن المخرج إريك بوشارد صاحب الرؤية الفنيّة الذي يجد نفسه مكبلاً بمتطلبات الاستوديو، أو الممثل المخضرم بيتر فيرتشايلد في سخرية ربما من أنتوني هوبكنز الذي شارك في سلسلة أفلام مارفل، والمتحولين، وغيرها من أفلام الأبطال الخارقين، فضلاً عن النجم الشاب آدم راندولف الذي يريد فرصة كي ينتقل إلى قائمة المشاهير، أو ما يسمى الـA list.
الأحداث والدراما، إن صح التعبير، تدور بين الفنيين والتقنيين والمنتجين المنفذين، لنكتشف سطوة الاستوديو ورأس المال، إلى جانب الفضائح والتصريحات التي قد تهدّد فيلماً بأكمله، كتصريح أطلقه المخرج الشهير مارتن سكورسيزي، متّهماً هذا النوع من الأفلام بأنها "ليست سينما"، ما يهدد المخرج/ الفنان نفسه، وموقفه من العمل. نحن أمام تناقضات و"قفشات" تكشف لنا أننا أمام "مصنع" وليس عملية فنيّة؛ مصنع قائم على تنازلات للسوق، ليس فقط الأميركي، بل أيضاً الصيني، الذي يجبر الاستوديو على الترويج لمنتجات صينيّة كي يعرض الفيلم هناك.
يركز الفيلم على مساعد المخرج دانييل كومار الذي يفعل "كل شيء" لتسيير العمل، إلى حد تجاوز سلطات المخرج، كونه رجل المصالحات بين الاستوديو وبين المخرج نفسه ورؤيته الفنية. هو عامل الظلّ الذي لا يظهر ولا ينال الشهرة، تلك التي يطمح إليها الجميع. ويحضر أيضاً سعيه إلى أن يكون مخرجاً، لإنقاذ الفيلم، ليس بوصفه عملاً فنياً، بل مجرّد عمل فقط لا تجب خسارته.
يسخر المسلسل أيضاً من سطوة المخرج الشهير، ككريستوفر نولان، الذي من المفترض أن يزور موقع التصوير ما يخلق جو من الترقب والتوجس في الاستوديو، فاسم كنولان لا بد من إثارة إعجابه، وربما يجد أحدهم نفسه في فيلم له، وهذا ما يذكرنا بكلام العديد من الممثلين، كمات ديمون، الذي قال مرة إنه كان في إجازة، ووعد زوجته أنه لن يرد على أحد، إلا إن كان كريس، وفعلاً اتصل الأخير، ووافق روبيرت على العمل معه من دون أن يعرف حتى ما هو الفيلم، وبالطبع المقصود هنا "أوبنهايمر". بصورة ما، فإن سطوة مخرج كنولان تعني تغيير حياة أي شخص يشارك معه في فيلم ما.
كثير من المفارقات ذات الأساس الواقعي نراها في المسلسل الذي يتبنى صيغة "ما وراء الكواليس" في العمل بصورتها "الواقعية" الغاضبة المليئة بمزاجية طاقم العمل، والأهم، تردي شروط هذا العمل التي تصل أحياناً إلى حد الاستغلال، كأن يعمل أحدهم لـ12 ساعة متواصلة، أو أن تنهار أعصاب أحدهم، كالمخرج الذي خرّب فيلماً آخر.
كمية التوتر الهائلة لصناعة فيلم تتضح في المسلسل، لكن الواضح أن الرؤية الفنية في المخرج ليست هي الحاسمة، بل السوق، وقرار الاستوديو، وفضائح الممثلين. كل ما ليس له علاقة بالعملية الفنية يلعب دوراً في إنتاج العمل الفني، وهذا بالضبط تعريف الصناعة الثقافية، هي تلبي حاجة السوق الأوسع، بعيداً عن مفهوم المخرج، كقائد لأوركسترا العمل الفني، المفارقة التي تتضح حين يغيّر مساعد المخرج الفيلم وتوجهه بأكمله، من دون علم المخرج نفسه.