10 سنوات على "غانغنام ستايل"... العالم راقصاً على حصان الأغنية

21 يوليو 2022
برهن ساي أنّ الناس يريدون مغنياً أصلياً وفريداً (كيم جاي هوان/فرانس برس)
+ الخط -

عندما أطلق مغني الراب الكوري الجنوبي ساي أغنية غانغنام ستايل قبل عشر سنوات، لم يتوقع كثيرون أنّها ستحقق نجاحاً عالمياً كبيراً، وتشكل إيذاناً ببدء حقبة البث التدفقي. أُطلقت في 15 يوليو/ تموز، من عام 2012، أغنية ساي المصورة التي تضم رقصة الحصان، وباتت الأخيرة أشبه بالعلامة التجارية الخاصة لهذا العمل.

تتطرق الأغنية، التي حصدت شهرة عالمية في غضون أسابيع فقط على إطلاقها، إلى المجتمع الكوري الجنوبي، إذ تسخر من حي غانغنام الغني في سيول. حصدت الأغنية المصورة بحلول ديسمبر/ كانون الأول عام 2012 مليار مشاهدة عبر "يوتيوب"، في سابقة حينها على هذه الخدمة العملاقة التابعة لمجموعة غوغل. كما انتشر، عبر مواقع التواصل، عدد لا يحصى من النكات المصورة والمحاكاة الساخرة، إضافة إلى مقاطع فيديو تظهر تجمعات مفاجئة (فلاش موب) تؤدي الرقصة، من أذربيجان إلى نيوزيلندا.

برهنت "غانغنام ستايل" لعالم الموسيقى ما يمكن أن يحققه العمل الفني من خلال المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً أنّ صاحب الأغنية ليس غربياً ولا يؤدي بالإنكليزية، وفق ما تشير إليه وكالة فرانس برس.

ويقول رئيس وكالة دي إف إس بي كوليكتيف، المتخصصة في توفير خدمات للفنانين وشركات الإنتاج، والخبيرة في مجال الموسيقى في كوريا الجنوبية، بيرني تشور، إنّ ساي "كسر قواعد اللعبة بوضعه نهاية لوسائل التسويق والترويج التقليدية". وأظهر نجاح عمله "أهمية منصة يوتيوب وتأثيرها في موسيقى البوب والثقافة المرتبطة بها في مختلف أنحاء العالم".

كان عالم البث التدفقي لا يزال في مهده سنة 2012، إذ كان يساهم في أقل من 7% من عائدات الموسيقى العالمية، على ما تذكر مجموعة آي إف بي آي. لكنّ النجاح المذهل لـ"غانغنام ستايل"، إضافة إلى الانتشار الواسع لمقاطع فيديو خاصة بفنانين من أمثال جاستن بيبر وكارلي راي جيبسن، أظهرا أسلوباً جديداً يُعتمد عليه من أيّ مكان في العالم، ليس فقط لإطلاق أعمال موسيقية، بل لتحقيق إيرادات من الإعلانات الإلكترونية كذلك، بالإضافة إلى العثور على جهات راعية والحصول على فرص للمشاركة في حفلات موسيقية، وفقاً للمحللين.

أصبح البث التدفقي بعد عشر سنوات المصدر الرئيسي للإيرادات المحققة في مجال الموسيقى العالمي، إذ تشير "آي إف بي آي" إلى أنّ الإيرادات المسجلة من البث التدفقي بلغت 65% من الإجمالي المحقق سنة 2021. ويُتاح المحتوى لمستخدمي الإنترنت عبر تطبيقات توفر خدمة الاشتراك، أو عبر "يوتيوب"، أو تطبيقات مقاطع الفيديو القصيرة من أمثال "تيك توك".

تعتبر الأستاذة المساعدة في جامعة تورنتو التي تدرّس ثقافة موسيقى البوب الكورية ميشال تشو أنّ "غانغنام ستايل" تشكل "مثالاً على القدرة الكبيرة التي تملكها منصات مثل يوتيوب في جعل عمل من أي مكان في العالم يلقى اهتماماً كبيراً" من الجمهور، وتضيف، متحدثة لـ"فرانس برس"، أنّ "أهمية الفيديو تتخطى إلى حد بعيد محتواه. والأهم هو الطريقة التي دفعت الأشخاص ليتخيلوا القدرات التي تتمتع بها المنصة".

في غضون أشهر على إطلاقها، أصبحت "غانغنام ستايل" الأكثر مشاهدة في "يوتيوب"، وحافظت على هذه المرتبة لأكثر من ثلاث سنوات. وحصدت الأغنية المصورة حتى 16 يوليو/ تموز الحالي ما يقرب من 4.5 مليارات مشاهدة.

هكذا أثارت "غانغنام ستايل" ضجة كبيرة عبر الإنترنت، وأصبحت ظاهرة منتشرة على غرار رقصة "هارلم شيك" التي دفعت مجلة بيلبورد الأميركية المتخصصة، إلى أن تغيّر عام 2013 الطريقة التي تستند إليها لجمع بياناتها المتعلقة برواج الأعمال؛ إذ أضافت البث التدفقي عبر "يوتيوب" والمنصات الأخرى كمعيار تستند إليه لمعرفة حجم انتشار العمل الفني ونجاحه، إلى جانب رواجه عبر الإذاعات وأرقام المبيعات التي حققها.

وكان ساي قد قال لوكالة فرانس برس، في مقابلة أجرتها معه في مايو/ أيار الماضي، إنّ "الأمر الإيجابي الذي أحدثه عملي في عالم موسيقى البوب الكورية هو تغيير معايير ترتيب الأغنيات في التصنيفات" مشيراً إلى الشعبية التي تحصدها الأعمال الكورية في منصة يوتيوب.

على المستوى المحلي، أحدثت الأغنية المصورة ضجة كبيرة، إذ أصبحت بين ليلة وضحاها أبرز عمل ثقافي كوري يلقى رواجاً في الخارج، ومصدر فخر وطني.

كان عدد من فناني موسيقى البوب الكورية قد حاولوا دخول الأسواق العالمية قبل 2012، وفيما حقق بعضهم نجاحات إقليمية في آسيا، إلا أنهم فشلوا في الدخول إلى الأسواق الغربية الضخمة والمربحة من أمثال الولايات المتحدة، ثم ظهر ساي الذي لا تتناسب مواصفاته مع تلك الخاصة بنجوم البوب الكوري الراقين.

ويقول بيرني تشو إنّ "المسؤولين في مجال صناعة الموسيقى، ورجال السياسة، والخبراء، والنقاد، والمعجبين... كانوا يعتبرون أنّ أي نجم كوري لا يمكن أن ينبثق إلّا من فرقة شباب أو شابات". أما ساي "فبرهن للجميع أنّ الناس يريدون مغنياً أصلياً ومميزاً وفريداً بدل النسخ الكورية من نجوب بوب غربيين أو عالميين".

كانت رقصة الحصان تنتشر في كلّ مكان، بدءاً ببثها عبر القنوات الأميركية خلال الفترة المسائية، وصولاً إلى ممارستها في أحد ملاعب كرة القدم الإنكليزية وتأديتها من نجوم بوليوود في الهند. وقال الرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما إنّ ابنتيه علمتاه "رقصة غانغنام ستايل الجيدة".

تشكل كوريا الجنوبية حالياً مركزاً عالمياً للترفيه، إلّا انّ "غانغنام ستايل" ساهمت عام 2012 في تعريف عدد كبير من الأشخاص إلى ثقافة البوب الكورية. وتقول ميشال تشو: "كان لأغنية غانغنام ستايل تأثير ربما في جعل كوريا الجنوبية والموسيقى الخاصة بها وإعلامها عنصراً واحداً مرتبطاً بصورة البلد العامة في أماكن كثيرة... في الولايات المتحدة طبعاً، لكن أيضاً في مختلف البلدان"، وتضيف: "هذه الصورة وهذه الأُلفة تساعدان حتماً محتويات أخرى في تحقيق شهرة خارج موطن صنّاعها".

(فرانس برس)

المساهمون