يونسكو في اليوم العالمي للإذاعة: تعزيز الاستقلالية استثمار في السلام

13 فبراير 2023
حذرت "يونسكو" من تورط الإذاعات في تأجيج النزاعات (Getty)
+ الخط -

تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، اليوم الاثنين، بالدورة الثانية عشرة لليوم العالمي للإذاعة، تحت شعار "الإذاعة والسلام".

أعلنت الدول الأعضاء في "يونسكو"، عام 2011، 13 فبراير/ شباط يوماً عالمياً للإذاعة، واعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012.

وهذه السنة، أشار بيان من المنظمة إلى أن الحرب "نزاع مسلح بين ما لا يقل عن بلدين أو جماعتين داخل بلد واحد، وقد تدل أيضاً على تضارب الروايات الإعلامية. فالرواية الإعلامية قد تذكي نار التوتر أو تهيئ الظروف المواتية للحفاظ على السلام في سياق معين". 

ووفقاً للمنظمة الأممية، فإن الرواية الإعلامية قد "تساهم مثلاً في جريان الانتخابات بسلاسة، أو في تعثرها، أو في إدماج العائدين أو رفضهم، أو في إشعال الحماسة القومية أو تهدئتها".

ولأن المحطات الإذاعية تبث التقارير الإخبارية والإعلامية، فإنها تبلور الرأي العام وتقدم رواية قد تؤثر في الأوضاع المحلية والدولية وفي عمليات اتخاذ القرارات.

ومع "أنه في وسع الإذاعة تأجيج الصراعات فعلاً، فإن الإذاعة المهنية تسعى إلى التخفيف من حدة النزاعات أو التوتر أو كليهما، ومنع تصعيدهما، أو إلى إقامة الحوار في سبيل المصالحة وإعادة الإعمار"، وفقاً لـ"يونسكو".

كما أن "التقارير الإخبارية المستقلة والبرامج الإذاعية الملائمة توفر، في حالات التوتر القائمة بعيداً أو محلياً، أسساً لممارسة الديمقراطية المستدامة والحكم الرشيد".

وشددت على أن دور الإذاعات في هذه المواقف هو "جمع البيّنات بشأن الأحداث الجارية، وإعلام المواطنين بها بعبارات محايدة ومستندة إلى الحقائق، وشرح ما هو على المحك، والاضطلاع بدور الوسيط في الحوار بين مختلف فئات المجتمع".

وأكدت "يونسكو" أن "دعم الإذاعات المستقلة جزء لا يتجزأ من عملية إرساء السلام والاستقرار"، وتُبرز مسألة استقلال الإذاعة باعتبارها عاملاً أساسياً من عوامل منع نشوب النزاعات وبناء السلام.

دور الإذاعة في منع النزاعات

تؤدي الإذاعة دوراً مهماً ومحورياً في إحلال السلام وحفظه، إذ تحدد مواضيع البحث على الصعيد العام، وتوفر خدمات أساسية، وتطرح القضايا المهمة، وتثير المسائل الجديرة باهتمام السلطات والمواطنين، وتُبرز تلك المسائل، وفقاً لـ"يونسكو".

وتبحث الإذاعة المهنية في الأسباب الجذرية للنزاعات وحوافزها، "منعاً لاحتمال اندلاع أعمال العنف، وذلك من خلال البرمجة الإذاعية وخيارات هيئة التحرير المناسبة".

وتساعد البرامج التي تطرح قضايا محددة للبحث على توضيح الشوائب المجتمعية، وأوجه الاختلال الهيكلية، والفقر، والنزاعات على الموارد أو الأراضي، والفساد، وسباق التسلح، وغيرها من المسائل.

وقد يلفت محتوى التقارير والبرامج الإذاعية النظر أيضاً إلى العوامل التي قد تحفز الأعمال العدائية، مثل سوء التقدير وتنامي الأنشطة الدعائية ونشوء خلافات معينة وتصعيد التوتر في مناطق معينة.

وتقدم الإذاعة منهجاً بديلاً لمنع نشوب النزاعات من خلال الوقوف على الشعور بالإحباط أو تضارب المصالح، وحل سوء الفهم، والوقوف على مشكلات عدم الثقة، وغيرها من المشكلات، علماً بأنه في وسع هذه الأمور المساهمة في التصدي للكراهية أو للرغبة في الانتقام أو الاستعداد لحمل السلاح.

وليست التقارير الإذاعية العاجلة بحد ذاتها هي التي تساهم في منع نشوب النزاعات وفي بناء السلام، بل تحلي العاملين المهنيين في الإذاعة بالمسؤولية أمام المواطنين، وتحققهم من الحقائق، وتوخيهم الدقة، وتقديمهم للتقارير المتوازنة، واضطلاعهم بالتحقيق الصحافي لإعداد كل ما تبثه الإذاعة من برامج ونشرات إخبارية.

ويعزز تجرّد الإذاعة من أي عوامل تأثير تجارية أو عقائدية أو سياسية دورها، باعتبارها وسيلة لتحقيق السلام، وفقاً للمنظمة.

فضلاً عن ذلك، تعزز مختلف تقنيات التعاون بين مبرمجي البرامج الإذاعية ثقافة الحوار من خلال البرامج والأساليب التي تنطوي على المشاركة مثل المكالمات الهاتفية والبرامج الحوارية ومنتديات المستمعين التي تعطي المستمعين الفرصة لمناقشة المسائل المطروحة وتناول المسائل الخلافية بطريقة ديمقراطية عبر الأثير.

كما أن "الإذاعة المهنية المستقلة في تعزيز الديمقراطية وتوفّر أساساً لإرساء السلام الدائم. لذا ينبغي تعزيز إدراج الإذاعة في الاستراتيجيات الرامية إلى منع نشوب النزاعات وإلى بناء السلام، والتركيز على دعم الإذاعة في إطار المساعدة المقدمة في مجال الإعلام".

دعم الإذاعة المستقلة

وبناء على ما سبق، شددت "يونسكو" على ضرورة تعزيز المعايير والقدرات الصحافية الإذاعية باعتبارها استثماراً في السلام.

ويمكن تقديم الدعم إلى المحطات الإذاعية بسبل شتى تشمل: التمويل في حالات الطوارئ أو تقديم المساعدة الهيكلية للإذاعة باعتبارها قطاعاً قائماً بحد ذاته، وتعزيز وضع التشريعات واللوائح الملائمة، وتعزيز التعددية والتنوع في مجال الإذاعة، وصون استقلالها، وتيسير خفض الضرائب المفروضة على الإذاعة أو تعزيز جدواها المالية.

ولفتت "يونسكو" إلى أنه "ما لم يتم دعم الإذاعة فيُخشى من مساهمتها عمداً أو عن غير قصد في ديناميات النزاعات، بفعل ضعف سياسات التحرير الإذاعية وولائها لجهات قيادية أو جهات مالكة محددة، وتعرضها للرقابة والمراقبة والرقابة الذاتية وقوانين مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وغيرها. فلا بد من تعزيز دعم الإذاعة المستقلة، الآن وليس غداً، اعترافاً بأهميتها لتحقيق السلام".

المساهمون