"وندر وومان 1984": عن ضعف المستوى

02 فبراير 2021
يشارك كريس باين في بطولة الفيلم (وورنر براذرز)
+ الخط -

حين صدر Wonder Woman "المرأة الخارقة"، للمخرجة باتي جانكنز والممثلة غال غادوت، عام 2017، استُقبل بثناءٍ كبير، واعتُبر أنجح فيلم في عالمٍ DC السينمائي، لتميّزه في الجوانب كلّها: تأسيس الشخصية، وخلق عالم الأحداث، وتتابع "أكشن" مميز بالنسبة إلى أفلام الأبطال الخارقين، في زمن الحرب العالمية. حتّى قصّة الحبّ، كانت جذّابة بتفاصيل مؤثّرة. لذا، فإنّ الجزء الثاني منه، Wonder Woman 1984، كان مُنتظراً بحماسة كبيرة، لوجود المخرجة نفسها، كما فريق العمل.

بعد تأجيلات عدّة عام 2020، بسبب تفشّي كورونا، قرّرت "وورنر براذرز" عرضه أخيراً: في الصالات وعلى شبكة HBO، ففوجئ كثيرون بمستواه الضعيف جداً، في مستوياته كلّها. وهو ما بدا صادماً بالنسبة لعدد كبير من النقاد. فحتى حملات المطالبة بمقاطعة الفيلم، بسبب جنسية غادوت الإسرائيلية، وخدمتها في جيش الاحتلال قبل سنوات، لم يتوقعوا أن يخرج العمل بهذا المستوى.

أولاً: لم يُفهم ربط الفيلم بعام 1984، إلى حدّ تصدير ذلك في عنوانه. الرابط الذهني للعنوان يُحيل إلى الرواية المشهورة لجورج أورويل. لكنّ اختيار 84 لا علاقة له بالرواية، ولا بأيّ سبب آخر. القصّة ضعيفة جداً، تدور حول حجر يحقّق الأمنيات، مع احتمال أنْ يستخدمه الأشرار لتدمير البشرية. هذه القصّة لم تسْتفد، على عكس الجزء الأول، من الفترة الزمنية للأحداث، لا بصرياً ولا درامياً، إذْ يمكنها أنْ تحصل في الحاضر، أو في أيّ وقتٍ آخر.

لم يُفهم ربط الفيلم بعام 1984 إلى حدّ تصدير ذلك في عنوانه

ثانياً: المشكلة الفادحة أنّ الأشرار، أمام شخصية ديانا، سيّئون للغاية، بقوّتهم وخطورتهم وتهديدهم البطل الخارق، وفي بنائهم وفهم المتفرّج لدوافعهم. باربرا مثلاً تُبنى ـ حرفياً ـ على عدم قدرتها على ارتداء أحذية ذات كعبٍ طويل، وعلى رغبتها في امتلاك قوّة ديانا وجاذبيتها. وحين تمتلك تلك القوة والجاذبية، لا يُفهم لماذا باتت شريرة، وما الذي كانت تعانيه فأوجد فيها تلك الرغبة. لا يحاول الفيلم طرح إجابة.

هناك أيضاً ماكسويل، الذي يتمنّى أمنية غريبة جداً، لا يُبرّرها السيناريو: أنْ يكون هو نفسه "الحجر الذي يحقّق الأحلام"، وبالتالي يستطيع أيّ شخص أنْ ينظر إليه، ويتمنّى أمنية فتتحقّق. اختيارٌ غريب جداً، لا يوجد ما يبرّره، ولا يجعل هذا الشرير، رغم محاولات الممثل بيدرو باسكال، يمتلك أي خصوصية أو خطورة.

هذا التفصيل الخاص بشرّيري الفيلم أثّر، قطعاً، على مَشاهد الحركة، التي لا يُعيبها فقط أنّها قليلة جداً بالنسبة إلى فيلم "بطل خارق" (أول مشهد حركة في الفيلم يحدث بعد 80 دقيقة على بدء الأحداث، علماً أنّ مدّة الفيلم تبلغ 151 دقيقة)، بل أيضاً ضعفها تقنياً بصورة غريبة. ألوان القتال الأخير بين ديانا وباربرا قبيحةٌ ومُعتمة للغاية، والقتال لا يملك تفاصيل حركية مميّزة تخصّ الشخصيتين. إنّها مجرّد عراك بين قوّتين خارقتين وهذا عيبٌ دائم في أفلام "دي سي"، لكنّه لم يكن موجوداً في الجزء الأول

نظراً إلى أنّ ماكسويل لا يملك قوى خارقة أصلاً، فإنّ مشهد المواجهة بينهما فاترٌ، يفتقد لأيّ منطق أو تأثير أو جودة بصرية. هذا إلى جانب مَشاهد كارثية على صعيد الـCGI، وتحديداً مشهد طيران ديانا، الكرتونيّ جداً، الذي لا يبتعد أبداً عن الأفلام القديمة لـ"سوبرمان"، في سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته.

الفيلم غير موفّق حتى في الأبعاد الرومانسية والكوميدية، ربما لغرابة وإرباك عودة ستيف (كأمنية ديانا المتحقّقة) في جسد شخص آخر، أو لأن سمات الممثلين كريس باين وغال غادوت لا تناسب أبداً المَشاهد الكوميدية الساخرة، أثناء اختيارها ملابس، أو اكتشافه تطوّرات الثمانينيات. الجانب الكوميدي الرومانسي هذا يأخذ قسطاً كبيراً من الأحداث، إلى درجة نسيان أنّه فيلم "بطلة خارقة"، وبالتالي يصبح عبئاً على المتفرّج.

نجاح "المرأة الخارقة"، والثقة التي منحها لعالم "دي سي"، جعلا البعض يعتقدون أنّ ديانا أقوى بطلة خارقة عرفتها السينما، فإذا بـ1984 يفقد تلك المزايا، في فيلمٍ كارثي، يُعيد الشركة والشخصية إلى نقطة الصفر.
أما الثقة، المفقودة هنا، فيجب إعادة بنائها مجدّداً.

المساهمون