"ولاد بديعة"... كل هذا الدم في مسلسل واحد
ربيع فران
- "ولاد بديعة" يسلط الضوء على قصة بديعة وابنتها والتحولات في حياتهما بعد لقاء عارف الدباغ، مع التركيز على الإخراج السريع وتجميع نخبة من الممثلين لجذب المشاهدين.
- المسلسل يجمع بين العناصر الدرامية الكلاسيكية والموضوعات المعاصرة مثل الصراعات الأسرية والانتقام، مع تسليط الضوء على الواقع السوري بعد الحرب، مما يثير الجدل ويتوقع له نجاحًا كبيرًا في نسب المشاهدة.
مطلع تسعينيات القرن الماضي قدمت الممثلة المصرية نبيلة عبيد دور "كريمة" في فيلم "توت توت" للمخرج عاطف سالم. نتابع في الفيلم قصة فتاة تعاني من احتياجات خاصة، ويحاول الجميع النيل منها. لماذا نستعيد فيلم "توت توت" الآن؟ ببساطة لأن كاتبي مسلسل "ولاد بديعة" يامن حجلي وعلي وجيه، استعارا بعضاً من صفات كريمة، لكتابة شخصية بديعة (الممثلة السورية إمارات رزق) في مسلسل "ولاد بديعة" الذي يعرض حالياً ضمن الموسم الرمضاني. تدور القصة حول بديعة التي تصل إلى حارة الدباغين برفقة ابنتها سُكر (سلافة معمار)، وتلتقي بعارف الدباغ ( فادي صبيح)، فتبدأ رحلتها في الألم. يشفق عليها الدباغ ويسكنها في منزل متواضع، ويحاول التقرب منها هربًا من زوجته وأم طفله، فتحمل منه وتنجب توأماً، لكن عارف يموت قبل اعترافه بولديه.
تعتمد رشا شربتجي على الإيقاع السريع في طريقة الإخراج، وتتلون في كل مسلسل متسلحة بفريق عمل كبير جداً، يدرك حجم التقنيات والرؤى المستجدة على الدراما العربية. تجمع مخرجة "زمن العار" عدداً من ممثلي الصف الأول في مسلسل واحد، وتتكئ على قدرة هذه المجموعة على اجتذاب المشاهد، وشد العصب عند الجمهور. وتوظف شربتجي لهذا الغرض مكانة الممثلة سلافة معمار عند الجمهور السوري، وكذلك تفاعلهم مع سامر إسماعيل بعد دوره الصادم في الجزء الأول من "كسر عضم" (2022)، واستثمار نجاح محمود نصر بعد دوره في مسلسل "كريستال" (2023). كذلك نضيف إلى القائمة فادي صبيح وإمارات رزق، ومجموعة أخرى من الشباب أغلبهم من خريجي المعهد العالي للمسرح لادراكها أن المواهب الجديدة يمكن أن تشكل أثراً لدى المتلقي.
في العودة إلى "ولاد بديعة"، لا يمكن أن تشكل الرواية قصة حقيقية تحصل في الواقع، بل هي مجرد خيال، مقتبس من سلسلة روايات تعاطت معها الدراما المصرية منذ زمن، أبرزها قصة الإخوة ــ الأعداء في فيلم "ديك البرابر" (بطولة فاروق الفيشاوي وإخراج عاطف سالم، إنتاج 1992.
في شريط الماضي (فلاش باك) المضاف إلى كل حلقة من حلقات "ولاد بديعة" نلاحظ جانباً آخر من القصة يروي أصل الحكاية، وكيف غرر عارف الدباغ ببديعة لتحمل منه بطفليها التوأم شاهين (سامر إسماعيل) وياسين (يامن حجلي)، ويكتشف عارف من اليوم الأول أن "بديعة" لم تتزوج من قبل وأن ابنتها سكر وجدتها لقيطة في مكب للنفايات لتبقيها إلى جانبها، وهو ما يولد فجوة بين أولاد بديعة الثلاثة ويؤدي إلى قطع شاهين وياسين العلاقة مع شقيقتهم في الحلقة العاشرة.
لا بد بالطبع من الإشادة بحضور ودور محمود نصر (مختار)، وهو الابن البكر لعارف الدباغ، الذي يعاني من مرض عصبي ذهاني، ويعمل فقط للانتقام من إخوته الذين سرقوا أموال والده بعد عملية تزوير واستيلاء على معمل الدباغة. وبعد مشادة بين ولاد بديعة وشقيقهم مختار تتسارع وتيرة العنف بين الطرفين.
على امتداد الحلقات في النصف الأول من رمضان، تتوالى مشاهد العنف، من القتل إلى الصعق بالتيار الكهربائي، إلى الدهس، وشنق القطط، ما يطرح علامات استفهام حول رؤية الكاتبين وجيه وحجلي، وسردهما لواقع سوري واضح تماماً من خلال بيع الأراضي بعد مرحلة الحرب، وظهور مجموعات من الشبيحة أو المتطرفين دينياً، وهو ما لا يغيب عن أغلب مسلسلاتهما، مثل "مع وقف التنفيذ" (2022).
من المتوقع أن يحصل "ولاد بديعة" على نسب مشاهدة عالية مع انتهاء الموسم الرمضاني، وهو توجه عملت عليه المخرجة رشا شربتجي مقصوداً، كما هي الحال في "كسر عضم" قبل عامين. ما يطرح أسئلة حول استخدام كل الوسائل الترويجية المتاحة بعد إنجاح العمل تجارياً، خصوصاً من خلال ضخ المشاهد والنقاشات على مواقع التواصل لإبقاء العمل قيد التداول.