تعتمد فرقة "وتر الشرق" الموسيقيّة الأردنية على التراث الغنائي العربيّ، وتقدم نفسها للجمهور الأردني والعربي المتعطّش للعودة إلى أغاني "الزمن الجميل"، وخصوصاً تلك التي صارت مُؤرّخة في ذاكرة المستمعين، ولا تُستحضَر إلا في مناسبات معدودة. تأسست الفرقة في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2021 على يد عبد الله أبو هدهود. تعقد "وتر الشرق" ملتقىً فنياً غنائياً في الخميس الأوّل من كلّ شهر. في هذا الملتقى، الفرقة "تنفض الغبار" عن الموسيقى التي صارت عتيقة بنظر الجيل الشاب، إذْ يعاد تقديم الأغاني القديمة للمهتمين بأصوات فنانين شباب يرون أنَّ علاج الفن يبدأ بإحياء الماضي.
يقول مؤسس الفرقة، عبد الله أبو هدهود، لـ"العربي الجديد": "بدأت الفرقة كفكرة بين الأصدقاء الذين يجدون متعة في عزف وغناء الأعمال القديمة. نهدفُ لتقديم مقطوعات موسيقية وأغاني وموشحات طربية شرقية متنوعة. كما نتيح المجال أمام كل صاحب موهبة لينضم من دون شروط إلى مشروعنا التثقيفي". يفيد أبو هدهود بأنّ أمسيات الفرقة تختلف بحسب فكرة كل واحدة منها، ويوضح قائلاً: "لا يوجد مكان واحد لتقديم أمسياتنا الموسيقية. عندما نتفق على موعد ومكان الحفل، نضع تصوراً لما سنقدمه. أحياناً نكتفي بعزف الموسيقى، ونطلب من جمهورنا أن يأتي ليشاركنا الغناء، وهذا ما حدث معنا أكثر من مرة. أحياناً فكرة عامة معينة، كما فعلنا قبل فترة عندما خصصنا حفلنا لاستذكار أغاني الفنان الراحل صباح فخري في ذكرى وفاته، أو في حفلنا الأخير في يناير/كانون الثاني الحالي، فقدّمنا أمسية محورها مجموعة من أشهر القصائد المغناة باللغة العربية الفصحى".
تتكون الفرقة من خمسة عازفين رئيسيين على آلات العود والقانون والرق والناي والكمان. وتتوسّع الفرقة باستمرار، لتضم عازفي غيتار البيس والأكورديون والبيانو، بحسب طبيعة الحفل ونوع الأغاني التي يتم تقديمها. وتهدف "وتر الشرق" إلى ترسيخ الإرث الموسيقي العربي العريق، وإبقائه حاضراً في الوجدان والذاكرة، وتكريم من كانوا أساساً فعّالين في صناعة هذا الموروث الموسيقي، وذلك من خلال إعادة تقديم أغاني وموسيقى "الزمن الجميل" بطريقة تفاعلية مع الجمهور الذي يزداد عدده من أمسية إلى أخرى، خاصة أن الفرقة تتنقل بين المحافظات الأردنية.
مغني الفرقة الرئيسي طارق الفقيه يؤكد أن "وتر الشرق" تطمح لاستقطاب جمهور أكبر داخل وخارج الأردن، وذلك للتعريف بالفن الذي تقدمه، وإعادة التواصل بين الغناء القديم وجمهوره. ويقول الفقيه لـ"العربي الجديد": "تلاقت أفكاري الخاصة بإعادة تقديم الأغنيات القديمة التي أجد نفسي فيها، مع أفكار مؤسس الفرقة صديقي عبد الله أبو هدهود. نسعى لأن يكون لنا طابعنا الخاص الذي يميزنا عن غيرنا من الفرق الموسيقية، ونمضي لنحقق ذاتنا بالغناء الذي نحبه، ولا نشغل أنفسنا بما يقال لنا حول ملل الناس من سماع الغناء القديم وبحثهم عن الموسيقى الصاخبة". ويشير الفقيه إلى أن الإقبال على حفلات الفرقة من جمهور الشباب يرفع عنهم تهمة تفاهة الجيل الجديد فنياً، ويضيف: "تختلف الأذواق، لكننا جميعاً نشتاق إلى مدارس الغناء القديم وتخته الشرقي".
تستضيف "وتر الشرق" في كل حفل مغنياً أو أكثر من أجل التنويع، وهذا حصل في حفل الفرقة الأخير للاحتفال باللغة العربية، إذ استضافت الفنانة الشابة يارا جوبان التي شاركت في تقديم قصائد باللغة العربية الفصحى. وتؤكّد يارا جوبان استمتاعها بالتجربة التي اعتبرتها "غريبة" عليها، وذلك بأن تحل ضيفة على حفل لفرقة موسيقية. وتقول: "فكرة الفرقة وطريقة الاستعداد لكل حفل بناء على نمط معين توجه جديد في الساحة الفنية الأردنية، وأعتبر تجربتي معها (وتر الشرق) جيدة ومثالية، إذْ قدَّمت مجموعة من الموشحات الغنائية من زمن الغناء الجميل".