لطالما ارتدت الفنانة المصرية أنغام ثوب الحذر من تغيير لونها الغنائي. "مطربة مصر الأولى"، بحسب ما يُعرّف عنها البعض اليوم، استطاعت بعد أكثر من ثلاثين عاماً، أن تؤسس للجيل الثاني من المغنيات المصريات، وتحتل المرتبة الأولى في حضورها وإنتاجها.
قد يكون الأمر مشابهاً، بين تمسك أنغام بلونها المصري، وبين زميلها اللبناني وائل كفوري، الذي خرج بداية التسعينيات من القرن الماضي باللون اللبناني "الأصيل"، عندما تبارى بأغاني الفنان الراحل وديع الصافي، واستطاع بقدراته الصوتية أن يحقق تقدمًا ملحوظًا لجهة جيل آخر من المغنين اللبنانيين.
قد تكون أوجه الشبه، بين أنغام ووائل كفوري، متلازمة في ثوب اللهجات، على الرغم من عبور أنغام امتحان اللهجة أو اللون الخليجي بنجاح، لكنها حتى اليوم بقيت حذرة من إصدار أغنية لبنانية كاملة.
يُحسب لأنغام أنها "مغرومة" بمدرسة السيدة فيروز، وهي تحفظ عن ظهر قلب كامل ريبرتوار الأغاني الصعبة والموشحات التي حفلت بها مسيرة فيروز والرحبانة. وتؤكد أنغام أنها لا تجرؤ على الغناء باللهجة اللبنانية، لخوفها من ردود الفعل، خصوصاً أن اعترافها مبني على قلة إتقانها لأصول اللهجة وصعوبتها. لكن، قبل سبع سنوات، غامرت في تعاون مع الشاعرة كاترين معوض والملحن اللبناني هشام بولس، في "بكره الموسيقى"، التي حققت متابعة خجولة، لكنها عرّفت عن أنغام المؤدية بشكل سليم، والتي تدرك معاني التلوين في الكلمات المستجدة عليها، وإمكانية قبول أو رفض المستمع لها، لكن محاولة التجارب بالنسبة لها ضرورية.
في منتصف التسعينيات، حاول وائل كفوري هو أيضاً العبور بأغنية مصرية، بعد زيارة قام بها إلى القاهرة برفقة مدير أعماله ومكتشفه وقتذاك، المخرج الراحل سيمون أسمر؛ فسجل "بعترفلك"، كلمات ميشال جحا وألحان نجله جوزف جحا. ورغم تفاوت اللحن مع الأسلوب المصري التقليدي وتركيبة الكلمات التي بدت متكلفة، نجحت الأغنية وتخطى كفوري حاجز الدخول إلى القاهرة بخطابه مع أرض المحروسة في 1996 أيضاً بأغنية "ناداني الشوق".
قبل يومين، أطلقت منصة أنغامي "ديو" يجمع بين أنغام ووائل كفوري بعنوان "برضه بتوحشني"، كلمات رئيس هيئة الترفيه السعودي، تركي آل الشيخ، وألحان عمرو مصطفى. ورغم تشتت الكلمات واللحن المأخوذ من مجموعة تقاسيم موسيقية قديمة تعود لمحمد عبد الوهاب ومحمد سلطان وكمال الطويل، خرج "الديو" سهلاً على المتلقي، ليحصد أصداءً إيجابية ومتابعات لافتة، خصوصاً مع تناغم أداء أنغام مع صوت وائل كفوري، فيما جاءت بعض التعليقات تنقد لهجته المصرية، وقال آخرون إنها المرة الأولى التي يغني فيها كفوري باللهجة المصرية، وهذا غير صحيح.
كان بإمكان ديو "برضه بتوحشني" أن يُقدَم بطريقة متماسكة أكثر لجهة الكلمات، ومراعاة الجانب التقني لتبادل الحوار بين أنغام وكفوري الذي يعيد التجربة بعد أكثر من ثلاثين سنة من مشاركته نوال الزغبي في "مين حبيبي أنا"، ألحان سمير صفير وما حققه إلى اليوم من نجاح كبير، أخاف كفوري من إعادة التجربة؛ فسجل ديو قبل سنوات مع يارا، لكنه لم يكن راضياً عنه، فسُرب ولم يحقق أي تفاعل.