منذ 4 سبتمبر/ أيلول 2020، تعرض المنصّة الأميركية "نتفليكس" مسلسلاً أميركياً جديداً بعنوان Away (ابتكار أندرو هندرايكر)، ينتمي إلى الخيال العلمي المُطعَّم بالدراما العائلية، تعود هيلاري سوانك (المشاركة في إنتاجه أيضاً)، بفضله، إلى التمثيل التلفزيوني، بعد نحو 30 عاماً على بداية مهنيّة لها في هذا المجال الفني، بمشاركتها في Growing Pains (الموسم 7، الحلقتان 8 و17)، عام 1991، رغم ظهورها في "هاري وآل هندرسون" (الموسم الأول، الحلقة 13، 1991)، لكنْ من دون ذكر اسمها.
الحلقات الـ10 للمسلسل الجديد تروي حكاية رائدة الفضاء الأميركية إيما غرين (سوانك)، التي تستعدّ لاستلام قيادة أول بعثة تُكلَّف بمهمّة في المرّيخ. لكنْ، عليها أولاً أنْ تتصالح مع نفسها بخصوص فكرة غيابها لـ3 أعوام عن عائلتها، المؤلّفة من زوجها مات لوغان (جوش تشارلز)، المهندس في وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، وابنتهما المُراهقة ألكسيس (تايتا باتمان)، اللذين يمرّان في مرحلة حسّاسة، يحتاجان فيها إلى دعم إيما وحنانها وتعاطفها ووقوفها إلى جانبهما، علماً أنّ لكل واحد منهما (الأب والابنة) ظروفاً وأسباباً تختلف عن تلك التي يمرّ بها الآخر.
تقول هيلاري سوانك إنّ التلفزيون، مطلع تسعينيات القرن الـ20، كان "المكان الوحيد الذي يُمكن للمرء أنْ يخطو فيه خطواته التمثيلية الأولى"، لأنّ الأفلام السينمائية حينها "محجوزة للنجوم". مع هذا، فإنّ أول مشاركة لها في عملٍ سينمائيّ لا تزال تُثير فيها شعوراً رائعاً: "أحببتُ كثيراً إمكانية تجسيدي شخصياتٍ مختلفة كثيرة، وسرد هذه الحكايات كلّها". فالأفلام فرصة لها لتحقيق هذه الخيارات: "لكنْ، عليّ الاعتراف بأنّ اكتشاف شخصية ما بأعماقها، في هذه الأيام، يتطلّب التمثيل في مسلسل، إذْ يحضر فيه الغنى والتنوّع، ومن دون شكّ مساحة أوسع لتمثيل الأدوار". تُضيف، في حوارٍ منشور في المجلة السينمائية الفرنسية الشهرية "بروميير" (سبتمبر/ أيلول 2020)، أنّها ـ رغم قولها هذا ـ لم تعد ترغب في أنْ تُحاصَر في شخصية واحدة، موسماً تلو آخر.
سوانك: الرجل الأبيض لم يعد مركز كلّ شيء، ولم يعد يتحكّم بكلّ شيء
Away، أول مشروع لها مع "نتفليكس"، ولقبولها بالمشاركة فيه أسبابٌ عدّة، أبرزها كامنٌ في حلمٍ قديمٍ لها بأنْ تكون رائدة فضاء: "لديّ رغبة عارمة في التمكّن من أنْ أتذوّق، ولو قليلاً، طعم هذه التجربة الفضائية، عبر عمل متخيّل". بالإضافة إلى ذلك، هناك سببٌ آخر يتعلّق بتأثّرها بشخصية تلك المرأة (إيما غرين)، "التي عليها أنْ تترك زوجها وابنتها بسبب سفرها إلى المرّيخ"، والتي تصفها سوانك بالقول إنّها "قائدةٌ حقيقية، مع جانب من الهشاشة".
وردّاً على سؤال عن كون المسلسل يتناول رحلةً فضائيةً من خلال امرأة تكاد تكون نسوية، تقول سوانك: "صحيحٌ أنّ امرأةً تقود البعثة، لكنْ، في الوقت نفسه، تمنح الرجل مكاناً متساوياً معها"، مُتمنّيةً أنّ تُلهِمَ شخصية إيما شاباتٍ كثيرات، وتجعلهنّ يفهمن، بفضل المسلسل، بأنّهن إنّ يجتهدن بقوّة سيتمكّنّ من خوض هذا النوع من المغامرات، وهنّ في مركز القيادة". وفي كلامها عن المرأة، تُجيب سوانك عن سؤال يتعلّق بصعوبة حصول من يتجاوزن 40 عاماً من أعمارهنّ على أدوارٍ في هوليوود، سابقاً: "لم يعد الأمر هكذا على الإطلاق"، كما تقول، مُضيفةً أنّ "الرجل الأبيض" لم يعد مركز كلّ شيء، ولم يعد يتحكّم بكلّ شيء، علماً أنّ الحكايات "كانت تُروى انطلاقاً من وجهة النظر هذه". فعالم السينما، كما تراه حالياً، يعيش حالة انفتاحٍ بالنسبة إلى النساء والأنواع والأعراق: "أمر مُثير للحماسة أنّ المنظومة تتغيّر، بالنسبة إليّ كممثلة، وبالنسبة إلى الجميع أيضاً، فالناس، بتنوّعاتهم كلّها، باتوا مُمَثّلين جيّداً على الشاشة".
يُذكر أنّها المرّة الأولى التي تؤدّي فيها سوانك دوراً في الفضاء: "هذا عظيمٌ"، كما تقول، لأنّ فريق العمل ذهب إلى هيوستن "للقاء روّاد فضاء، وعاملين في المحطة الفضائية الدولية، وأيضاً لتمضية وقتٍ في المقرّ الرئيسي لـ(ناسا)، حيث تمكّنّا جميعاً من معرفة أمورٍ كثيرة تتعلّق بضغوط هذه المهنة، وبالتدريبات التي يجب الخضوع لها، وبالخوف في الفضاء".