تنشغل عدسات المخرج السوري سامر البرقاوي، مجدداً، بتصوير وتنفيذ الجزء الأخير من سلسلة "الهيبة" الذي غادر السنة الماضية بازار رمضان الدرامي، وتحوّل إلى مسلسل يُعرض بداية الخريف، بحسب ما تُشير مفكرة العرض الخاصة بمنصة "شاهد" والمحطات التلفزيونية التي تعاقدت على شراء الأجزاء وعرضها كلّ سنة.
شغل مسلسل "الهيبة" المشاهد العربي. ورغم تراجع المحتوى في الأجزاء الأربعة الأخيرة، إلا أن ذلك لم يؤثر في شعبية الحكاية، ولا حتى في استحداث مواقف وسيناريوهات لزوم إنتاج أجزاء متلاحقة. في الشكل، اختلف الجمهور بين مؤيد لما قدمه "جبل شيخ الجبل" (الممثل تيم حسن) وبين معارض، لاعتماد حسن على نمطية الطرح وتصويره بوصفه "البطل الذي لا يُقهر" والمنتصر دائماً على الأعداء. ربما يكون إغفال الكاتب، أو "ورشة الكتّاب"، الجانب الأضعف في شخصية "جبل شيخ الجبل" مقصوداً، والسبب هو عدم انتزاع "هيبة" البطل في المواجهة مع فريق الممثلين كاملاً، ومحاولة توظيف معظم الأسماء التي مرت في الهيبة لإذكاء دور تيم حسن، والخروج قريباً بآخر الأجزاء بنهاية "انتصار" البطل الذي لا يُقهر.
في الجزء الأول من "الهيبة"، كانت مواجهات تيم حسن قليلة مقارنة بالأجزاء التالية التي اختير لها ممثلون يكملون واجهة "جبل" بعد خروج شريكته نادين نسيب نجيم؛ فاستعان المنتج بداية بنيكول سابا وفاليري أبو شقرا، لكنّه فشل في إحراز تقدم، حتى الجزء الثالث، عندما رفع اختيار سيرين عبد النور كبطلة منافسة السقف، وحقق متابعة جيدة، ليعود وينخفض المستوى في الجزء الرابع بسبب خيارات أو تحولات طرأت على بطلي هذا الجزء، عادل كرم وديما قندلفت، ما أفضى إلى عودة التصويب على شخصية "جبل" كمحور لا تغلبه الشراكة مع أيّ من القادمين، وإن سبقتهم شهرتهم ونجاحهم ما قبل "الهيبة".
في الجزء الخامس، يحاول المنتج صادق الصبّاح، والمخرج سامر البرقاوي، إثبات مقدرة تيم حسن مجدداً، بعدما اختير عنوان الجزء الأخير "الهيبة: جبل"، في إشارة واضحة إلى إذكاء حضور ومفهوم البطل، مرة أخيرة، ورسم أبعاد تجسدها معاني أو مفردة الجبل.
لكنّ "الجبل" تيم حسن، سيقف هذه المرة أمام مواطنه عبد المنعم عمايري، لتقاسم الهدف والنجاح في المبارزة المتوقعة التي ستشهد على نهايات حكاية النفوذ، وتجارة الممنوعات، والسلاح، والتهريب عبر الحدود، التي تقاطعت أمام صورة البطل "الحنون"، وعصابات تتخذ شكل المافيا تعمل بين بيروت ودمشق وتصل إلى العالم، لكن في كل مرة يحقق "جبل" انتصاراً مدوياً في إطار يُعرف بالتشويق والحماس الأقرب إلى "الخرافي" والأفلام الأجنبية، إنّما بصورة غير مقنعة، كونه يطرح واقعاً معيشياً، وليس من ضمن نوعية "الخيال العلمي" المقنعة أكثر.
هكذا، تختتم، منتصف الشهر المقبل، المشاهد الأخيرة من حكاية هذا البطل في أحد جبال لبنان، بحسب المعلومات المُسربة، في وقت ما زال المنتج صادق الصباح، والمخرج سامر البرقاوي، يدرسان نهايتين لـ"الهيبة"، الأولى مفتوحة ومتروكة للمشاهد وخياله، والثانية نهاية سعيدة كما تفعل الشركة في معظم إنتاجاتها المشابهة.
وكان العمل الدرامي الذي عرض جزؤه الأوّل في رمضان عام 2017، قد تحوّل إلى ظاهرة تشبه تلك التي رافقت مسلسلات عربية قليلة، منها "باب الحارة" على سبيل المثال. وقد ساهم العمل في تكريس نجومية السوري تيم حسن، بصفته الرقم الأصعب في الدراما السورية وتلك المشتركة. ورغم تبديل شريكاته في البطولة في الأجزاء الماضية، فإن حسن بقي ثابتاً، ليتحوّل هو وحده إلى البطل المطلق للعمل الذي تدور حوله كل تطورات المسلسل، وتعيدنا كل الأحداث إلى شخصه، وهو ما يشكّل ربما عائقاً في خيارات حسن المستقبلية.