هل تنجح "نتفليكس" في خدمة الإعلانات؟

24 ديسمبر 2022
تقسم العملاء اعتماداً على سلوكهم وديمغرافيتهم وذوقهم (فيل ماركر/Getty)
+ الخط -

بعد أشهر طويلة من التكهنات والتوقّعات، أطلقت شركة نتفليكس أخيراً فئة تسعير الاشتراك القائمة على الإعلانات، وقد عبّر المحللون ووسائل الإعلام عن تفاؤلهم وحذرهم حيالها. في 13 أكتوبر/ تشرين الأوّل من العام الحالي، نشر موقع "نتفليكس" ما صرح به مدير العمليات ورئيس قسم العمليات في الشركة، غريغ بيترز، قائلاً: "نحن واثقون من أنه مع بدء (نتفليكس) بتسعيرة 6.99 دولارات أميركية في الشهر، أصبح لدينا الآن باقة سعر وخطة لجميع الفئات".

لكن، لماذا تختار الشركات التي تعتمد على الاشتراك تقسيم شرائح عملائها، كما فعلت "نتفليكس" أخيراً، وهل ستنجح؟ وكيف يؤدي ذلك إلى إطلاق العنان لإمكانات الإيرادات؟ علماً أنه كان لدى "نتفليكس" سابقاً ثلاث شرائح سعرية بناءً على عدد الأجهزة المسموح بها وجودة البث، سواء أكانت HD أوFull HD أوUltra HD.

لسنوات، عرضت الشركة بثاً مباشراً من دون إعلانات لمواصلة جذب العملاء من خلال تقديم الخدمة من دون انقطاع. من خلال الاستفادة من تحليلات الأسعار، كشفت "نتفليكس" عن إمكانات تحقيق إيرادات من قاعدة مشتركيها الضخمة. وتحقق هذا الأمر مع حصول تحول كبير في استراتيجية الشركة الأساسية. ولكن بالتزامن مع التباطؤ في عدد المشتركين الجدد، ونمو الإيرادات، ومشاركة حسابات الخدمة المتدفقة، إلى جانب زيادة المنافسة المتدفقة من خدمات بث منافسة مثل هولو وإتش بي أو وشركات الإنتاج التلفزيوني التقليدية الأخرى، أدركت "نتفليكس" أن الإيرادات ستهبط في النهاية. لذلك، أجبِرَت على النظر بشكل أعمق في ملفات تعريف عملائها، وذلك من أجل تلبية احتياجات شريحة السوق المتحمسة للاشتراك في محتواها بنقاط سعر أقل مع الإعلانات.

يُعد نقص الإيرادات والمنافسة المتزايدة والتباطؤ الاقتصادي العام من العوامل المعتادة التي تجبر أي مؤسسة أو شركة على إلقاء نظرة أعمق على شرائح العملاء واستراتيجية التسعير. لم تتغير مستويات تسعير "نتفليكس"، لكن تغيّر سلوك البث وقبول السعر، ومعه قدّمت الشركة باقة مستحدثة لفئة جديدة من المشتركين. ويقوم تقسيم العملاء على فهم مجموعة واسعة من العملاء بناءً على سلوكهم وديمغرافيتهم وذوقهم ومكان سكنهم الجغرافي لإنشاء مجموعات عملاء فريدة.

بالنسبة إلى خدمات البث، يشمل ذلك إنشاء مجموعات بناءً على عوامل مثل استخدام عطلة نهاية الأسبوع مقابل استخدام أيام الأسبوع، وجودة بيانات 4K مقابل جودة HD نسبةً إلى سرعة الإنترنت في البلد، إضافة إلى عامل العمر والجنس وأنواع الأفلام والمواقع. باستخدام هذه الرؤية، يمكن أي شركة استهداف مجموعة من ميزات المُنتج الخاصة بكل شريحة. بمعنى آخر، يمكّن تقسيم عملاء الشركة تقديم تجارب عملاء مخصصة وذات صلة وكأنّها خدمات مُفصّلة على قياس كل مشاهد وفقاً لذوقه. لا يفتح التقسيم الحجم والنطاق الذي يمكن الشركة تحقيقه فحسب، بل يُحقّق أيضاً الإيرادات وتكلفة تقديم الخدمات لمجموعات محددة من العملاء.

سينما ودراما
التحديثات الحية

قد يكون نهج "مقاس واحد يناسب الجميع" رائعاً عندما تكون شركة ناشئة، وليس لديها عملية تجارية على نطاق واسع، لكن في شركة عملاقة مثل "نتفليكس"، مع قاعدة كبيرة من المشتركين، من المحتمل أن يُتْرَك المال على الطاولة مع تغيير بسيط في السعر، لكن مع فارق كبير في جذب مجموعة كبيرة من المشتركين المحتملين. إذاً، التجزئة الناجحة هي عملية تكرارية وتتطلب تحديثاً مستمراً. وبناءً على تقسيم العملاء، توفر تجزئة الأسعار نظرة حول استعداد العميل للدفع بناءً على مجموعة محدّدة من الميزات. يتطلب هذا استماعاً واستيعاباً لأذواق مختلفة، والإقرار بأنّ فئة من المشتركين أقل حساسية للسعر، تدفع أكثر من المشتركين الأكثر حساسية الذين يشكلون فئة لا بأس بها، وهي فئة لا تهتم بجودة خارقة في الصورة ولا تكترث بإعلان أو اثنين كل نصف ساعة.

هذه الخطوة استُخدمت من قبل مع عملاق البث الأميركي بيكوك، بحيث يمكن الاشتراك شهرياً بمبلغ زهيد، هو أقل من 5 دولارات، والاستمتاع بباقة هائلة من الأفلام والمسلسلات مع إعلانات تمر لمدة ثلاثين أو ستّين ثانية كل ثلاثين دقيقة في المسلسلات، ومرة واحدة في بداية كل فيلم.

إذاً، تتيح تجزئة السعر لفريق المبيعات والتسويق تقديم مجموعة واسعة من الخيارات للعملاء والمشتركين، التي يمكن استخدامها بمرور الوقت لتحسين قيمة عمر العميل. مع تجزئة الأسعار، يمكن تحقيق أرباح أعلى من العملاء الذين يدفعون أكثر، وبذلك تُوفَّر الفرصة لزيادة المبيعات، وإن كان ذلك بأرباح أقل، لكن من العملاء الذين يدفعون أقل.

من المرجح أن يؤدي تقديم نموذج الطبقة الإعلانية إلى تعزيز قاعدة المشتركين الجدد في "نتفليكس". كذلك فإنه يوفّر حسابات مُنفصلة لملفات التعريف المتعدّدة داخل حساب موجود مسبقاً. تتخذ الشركة بشكل أساسي نهجاً من مستويين: استهداف عملاء جدد وحاليين وتشغيل نماذج احتمالية لفهم معدلات التحويل. ومن خلال محتوى عالي الجودة وطبقة تسعير قوية، من المحتمل أن تجذب "نتفليكس" الزبائن من منافسيها. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يؤدي إدخال مستوى منخفض السعر إلى الحد من القرصنة في المناطق الجغرافية منخفضة التكلفة.

لكن هذه الخطوة تحمل عدداً من المخاطر. فقد يؤدي تقديم نموذج الطبقة الإعلانية إلى صعوبة تمييز "نتفليكس" عن منافسيها. كان الولاء للعلامة التجارية الحمراء مرتبطاً بجودة عالية في البث، مع العديد من أنواع البث المباشر الخالية من الإعلانات. بالإضافة إلى ذلك، تخاطر "نتفليكس" بتفكيك مستوياتها الأعلى سعراً من خلال عرض قائم على الإعلانات. ومن المرجح أن يخفض المستهلكون الأسعار في بيئة الركود أو التضخم. في الأفق البعيد، ستكسب "نتفليكس" مع الباقات الأقل تكلفة، لأن عدداً لا يُستهان به من المستخدمين لا يكترث بإعلانات بسيطة، وهدفه فقط مشاهدة مسلسلات وأفلام بجودة مقبولة ومن دون قرصنة.

المساهمون