هاجمت منابر إعلامية أميركية يمينية الرئيس الأميركي السابق، الجمهوري دونالد ترامب، في سابقة غير معتادة. فهل أدار إعلام اليمين ظهره لترامب أخيراً، خصوصاً بعد نتائج الانتخابات الأخيرة؟
نشرت صحيفة "نيويورك بوست"، ذات الميول اليمينية أخيراً، مقالة افتتاحية لاذعة ضد الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، تحت عنوان "ترامب السام". وكتب جون بودوريتز في الافتتاحية أن "ما توحي به نتائج ليلة الثلاثاء، هو أن ترامب ربما يكون أكبر طارد للأصوات في التاريخ الأميركي الحديث". وتابع بالقول إنه باستثناء الولايات التي "كان محسوماً فيها فوز الجمهوريين، فإن تأييد ترامب كان يعني الفشل".
و"نيويورك بوست" صحيفة تملكها مجموعة "نيوز كورب"، لروبرت مردوخ. وهي المجموعة التي تملك أيضاً "فوكس نيوز"، أبرز شبكة تلفزيونية لليمين الأميركي، والتي شكلت داعماً رئيسياً لترامب منذ ترشحه عام 2016 وخلال ولايته، وصولاً إلى انتخاب جو بايدن.
لذلك كان صادماً بالنسبة لكثيرين الخط الذي اعتمدته "فوكس نيوز" في الأسبوعين الأخيرين. إذ صرّحت الناطقة السابقة باسم البيت الأبيض في عهد ترامب، وواحد من أبرز المدافعين عنه منذ فترة طويلة، كايلي ماكناني، الأربعاء الماضي، قائلة إن رئيسها السابق يجب أن يتريث قبل أي إعلان حول انتخابات التجديد النصفي، على الأقل حتى بعد انتخابات مجلس الشيوخ في جورجيا".
من جهته، نشر مايك سيرنوفيتش، المدون المحافظ والمدافع منذ فترة طويلة عن ترامب، سلسلة من الرسائل إلى متابعيه الذين يبلغ عددهم مليونا على "تويتر"، أشار فيها إلى أن انتخابات التجديد النصفي "ضربة قاسية" للجمهوريين، مضيفاً أن الجانب المشرق الوحيد هو "على الأقل لا يتعين على أحد أن يتملق ترامب بعد الآن".
وجاءت هذه الموجة اليمينية من الانتقادات عقب تأييد ترامب لأكثر من 300 مرشح جمهوري في جميع أنحاء البلاد، والنتيجة لم تكن كما كان يأمل الحزب المحافظ.
وتظهر النتائج أن المد الأحمر الذي كان يأمل فيه الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ لم يحدث خلال انتخابات التجديد النصفي لعام 2022.
وفي افتتاحيتها، لم تكتفِ صحيفة "نيويورك بوست" بانتقاد ترامب، بل وضعت صورة ساخرة له في صدر صفحتها الأولى.
وكتبت صحيفة "ماركا" الإسبانية "أن عرض صحيفة "نيويورك بوست" هذه المقالة على غلافها الأمامي يعني أن هناك على الأرجح تغييرا كبيرا في اتجاه وسائل الإعلام المحافظة في الولايات المتحدة، التي دعمت دونالد ترامب منذ فوزه بترشيح الحزب الجمهوري في عام 2016".
وبحسب الصحيفة نفسها، تسيطر "نيوز كورب أيضاً على شبكة "فوكس نيوز"، وهي أكثر شبكة إخبارية ذات ميول يمينية ونفوذاً، وتعتبر قصة الغلاف هذه مؤشراً قوياً على أن انتقاد ترامب لن يُسمح به فحسب، بل سيتم الترويج له أيضاً".
من جانبها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن "جوقة النقد، التي تكشفت على "فوكس نيوز" ووسائل التواصل الاجتماعي، كشفت أن ترامب في أضعف موقف له من الناحية السياسية منذ هجوم 6 يناير/كانون الثاني 2021 على مبنى الكابيتول".
ومع ذلك، ترى الصحيفة أن ترامب "بنى بئراً عميقة من الولاء مع الناخبين الجمهوريين، وحذّر مسؤولو الحزب من أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان سيعاني من أي ضرر سياسي دائم يتجاوز سلسلة من العناوين السيئة، أو ما إذا كان هناك منافس سيظهر". وأضافت الصحيفة ذاتها أن "ترامب بنى حياته المهنية على الجدل السياسي الدائم، وأصر مساعدو ترامب على أن أي تلميح للضعف هو خدعة إعلامية".