تعرّض صناع العرض المسرحي المصري "سيدتي الجميلة" لهجوم شديد، وذلك قبل وقتٍ قصير على عرضه قريباً في موسم الرياض بالسعودية، وهو من بطولة الفنانين أحمد السقا وريم مصطفى، ومن تأليف أيمن بهجت قمر.
وطاولت العمل اتهامات بـ"النهش في التراث"، فهو إعادة للمسرحية التي حملت الاسم نفسه، وعرضت عام 1969، وقام ببطولتها الفنانون فؤاد المهندس وشويكار وحسن مصطفى وجمال إسماعيل، فيما كتبها بهجت قمر، وتولى إخراجها حسن عبد السلام.
وفي إطار كوميدي نتتبع كمال (فؤاد المهندس) الذي يبحث عن امرأة جميلة ليعرفها على الملك، ويتعرّض للسرقة من نشّالة (شويكار)، فيعجب بشخصيتها المتوحشة، ويأخذها ليعلمها آداب الإتيكيت وكيفية التصرف مع الملك، لكنّه في النهاية يعجب بها ويقرّر الزواج منها.
واعتبرت الناقدة الفنية ماجدة خير الله أن تقديم المسرحية "انتحار فنيّ"، وهاجمت العمل حتّى قبل عرضه عبر "فيسبوك" قائلة: "رغم أنّي لا أحب مصادرة أي تجربة فنية، مهما كانت غرابتها، أو كونها تحمل عوامل فشلها، ولكن أن يفكر أحمد السقا بإعادة شخصية فؤاد المهندس في المسرحية الخالدة "سيدتي الجميلة"، فهذا نوع من الانتحار الفني، ولسنا في حاجة لانتظار النتائج، أما أن تقوم ريم مصطفى بتقديم شخصية صدفة بعطشجي التي قدمتها كتلة المواهب شويكار، فهي جرأة تقترب من الوقاحة".
وتابعت: "في الثمانينيات ظهرت موجة عمل مسرحيات أي كلام تُعرض يوماً واحداً، وتتصور وتعلب في شريط فيديو، للعرض على جمهور الخليج، عشرات الممثلين تهافتوا على المشاركة في تقديم تلك المسرحيات الهزيلة، وفي نفس الوقت، حدث نفس الشيء في السينما، وظهرت موجة أفلام المقاولات، وتلك الظاهرة كانت بداية لانهيار المسرح المصري، وأثّر ذلك على سوق السينما أيضاً".
ورأت خير الله أنّ "التاريخ يعيد نفسه مع بعض التطوير"، وأضافت: "بدلاً من تعليب الفن في شرائط فيديو، الفنانين شخصيا بيسافروا في رحلات مكوكية لبعض دول الخليج لتقديم مسرحيات يستغرق عرضها أياما معدودة، أحنا اللي رخصنا قيمة الفن المصري".
وفي تصريحات منسوبة إليها، قالت ابنة شويكار، منّة الله، إنّ إعادة تقديم أيّ عمل فني سبق وتم تقديمه من قبل تدخل صناعه في مقارنة لن تكون في صالحهم أبداً، مشيرةً إلى أنّ "التجربة الجديدة لن تكون مثل الأساسية".
من جهته، رفض محمد المهندس، نجل الراحل فؤاد المهندس، فكرة إعادة العرض، وقال لـ"العربي الجديد" إنّه "على الرغم من معرفته بالفنان أحمد السقا، إلّا أنّه لم يعرض عليه الفكرة"، لافتاً إلى أنّه "لا يتوقع نجاح هذا العرض، لأنّ الجمهور سيقارن بين العملين، والنتيجة ستكون بالتأكيد لصالح العمل الأصلي".
وشدد نجل المهندس على أنّ "أيّاً من صناع العمل الجديد يستطيع الوصول إلى قوة أداء وحضور والده ودلع شويكار الطبيعي على خشبة المسرح، ولا يشفع أن العمل من كتابة نجل الكاتب الأصلي بهجت قمر، لأن المقارنة أيضا لن تكون في صالحه".
من ناحيته، قال مؤلف العرض الجديد أيمن بهجت قمر في تصريحات تلفزيونية إنّ ما دفعه لتقديم المسرحية هو رغبته في أن يشاهد الشباب الصغار مثل هذه النوعية من الأعمال، مؤكداً أنّ إعادة نشر الأعمال الكلاسيكية تفيد المتلقي، كما تخلد صناعها الأصليين.
ولفت إلى أنّ الممثلين "سيقدمون العمل بروحهم الخاصة بدل تقليد الفنانين القدامى"، كما أشار إلى اختصار مدّة العرض من 4 ساعات إلى ساعتين فقط.
أمّا الناقدة الفنية فايزة هنداوي فقالت، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إنّ "العمل لم يعرض بعد، ولا تستطيع أن تطلق حكماً نهائياً عليه"، مشيرةً إلى أنّها "ضدّ إعادة تقديم الأعمال الكلاسيكية الخالدة". وأضافت: "هذه الأعمال تعيش في وجداننا، ومن الصعب أن يتقبل الجمهور فكرة تقديم عمل للفنانين القدامى بشكل جديد".
مع ذلك، رأت هنداوي أنّ الهجوم الكبير على صناع العمل "غير منطقي"، لأنه "لا توجد إساءة إلى شويكار أو إلى فؤاد المهندس"، معتبرةً أنّ العمل "ليس ملكاً لأبناء الفنانين، بل هو مسرحية جديدة إذا قدّمت بشكل سيئ فسوف تنسى وستعيش المسرحية الأصلية. وهناك تجارب عديدة مشابهة".
من جهته، رفض الناقد طارق الشناوي الهجوم المسبق على العمل، ولفت إلى أنّ "تجارب إعادة إنتاج الأعمال عادةً ما تكون غير ناجحة، ولكن طالما هناك فرصة للنجاح فيجب إعطاؤها للعمل".
وشدد الشناوي على أنّه "ضّد الأحكام المسبقة"، وأنّ "الحكم يجب أن يكون بعد المشاهدة"، مذكراً بأنّ العرض مقتبسٌ عن مسرحية عالمية، وبالتالي "يمكن تقديمه مرات عديدة من وجهات نظر مختلفة".