يختلف بعضهم حول التصنيف المفترض أن تناله المغنية اللبنانية هبة طوجي. هذه الأخيرة اكتشفها الموسيقي أسامة الرحباني قبل سنوات، وكرّسها آخر بطلات مسرحيات منصور الرحباني، من "دون كيشوت" إلى "ملوك الطوائف"، وغيرها من الأعمال التي طبعتها ضمن المدرسة الرحبانية، في الفن والموسيقى، وحتى الألبومات الغنائية التي صدرت، وآخرها "بعد سنين"، من ألحان نيس (Niis) وتوزيع أسامة الرحباني وكلمات نور الدين محمد.
كان خياراً جيداً اعتماد اللهجة المصرية في الأغنية الجديدة التي تحمل عنوان الألبوم، لتتماشى مع واقع السوق الغنائي الحالي، وتبتعد عن الاستهلاك الذي يسيطر على معظم الإنتاجات المرادفة، سواءً لجهة الموسيقى والتوزيع الذي يحافظ عليه أسامة الرحباني في تعاونه مع طوجي منذ سنوات. وهنا الغاية التي تبرز الصوت والأداء معاً، وتسعى إلى نجاح من الضروري أن تحققه طوجي هذه المرة، بعيداً عن الأسلوب الكلاسيكي الذي امتازت به لسنوات.
في الصورة، مشهد جيد لكليب "بعد سنين" اشتغلت عليه المخرجة ليلى كنعان التي عُرفت في خط ملتزم جداً بسيناريو وحكايات من الألوان مع نانسي عجرم. لكن كنعان تمنح طوجي أسلوباً هادئاً، تتمكن منه صاحبة "لا بداية ولا نهاية" بفعل خبرتها كممثلة مسرحية، لتروي غناءً وتمثيلاً تفاصيل الأغنية برومانسية وألوان تقربها أكثر من الناس.
في البيان الصحافي لإصدار طوجي الجديد، ورد أن العمل استغرق تنفيذه ثلاث سنوات من التحضير، ويتضمن أنماطاً موسيقيّة مُتعدّدة، مثل البوب والكلاسيكي. ويُجسّد في الكلمات أحاسيس مُختلفة، من بينها الحبّ والانفصال وتمكين المرأة.
يتضمن العمل 13 أغنية، من بينها اثنتان صُوّرتا على طريقة الفيديو كليب، طرحتهما طوجي في مرحلة سابقة، وهما الديو Que Sera Sera (لو نبقى سوا) مع النجم لويس فونسي، وأغنية "حبيبي خلص".
لا يمكن استباق الحكم على التجربة المكررة هذه المرة بين طوجي والرحباني. لكن، نتساءل: هل يمكن أن تتحول هذه الأغاني إلى إصدارات ضاربة يرددها الناس، أم تبقيه ضمن إطار موسيقي "نخبوي" يلتزم بالمعايير الموسيقية التي حافظ عليها الرحباني الابن، كمنتج منفذ ومشارك في موسيقى "بعد سنين"، الذي نُفّذ بين لبنان وفرنسا والولايات المتحدة؟
يذكر أن طوجي تخوض تجربة أولى في الكتابة والتلحين في أغنية "بحبّك لآخر يوم"، مع زوجها المؤلف والعازف إبراهيم معلوف.
ويتضمن الألبوم قصيدة "راجع من رماده" للفنان الراحل منصور الرحباني، كما تعاونت لناحية الكلمات في الألبوم مع أسامة وغدي الرحباني، إضافة إلى عدد من الشعراء، هم كمال قبيسي ومنير بو عسّاف وأنطوني خوري (أدونيس) وجاد خوري ونور الدين محمد.
في زحمة الإصدارات، تطلق طوجي جديداً غنائياً يحافظ على حد أدنى من إتقان شُعب الموسيقى وفروعها بقالب ملتزم، وهو القالب نفسه الذي يبعدها عن مناخ الاستهلاك الذي يعيشه لبنان بالدرجة الأولى، ويجعلها تحلق في سماء بلد غنت له كثيراً، وجاءته من باريس، مكان إقامتها، لتقيس قدرتها على النجاح والتأثير بين جمهور يسمعها ويدعمها بأكثر من ثلاثة ملايين مستمع على "يوتيوب" لأغنية "بعد سنين" خلال 11 يوماً من نشرها.