نوه هوين سو... آكِل موزة ماوريتسيو كاتيلان

10 يونيو 2023
أثارت الخطوة نقاشاً حول القيمة الفنية لعمل ماوريتسيو كاتيلان (هان هايدان/Getty)
+ الخط -

احتل اسم الطالب الكوري نوه هوين سو، عناوين الصحف العالمية أخيراً، حين ظهر في مقطع فيديو وهو يلتهم عمل الفنان الإيطالي ماوريتسيو كاتيلان. كان عمل الفنان الإيطالي الشهير يُعرض في مدينة سيول، بين مجموعة أخرى من أعمال الفنان في معرض يستضيفه متحف ليوم للفنون. ويمثل العمل ثمرة موز طازجة مثبتة على الحائط بواسطة شريط لاصق، ويحمل اسم "كوميديان". العمل نفسه كان قد أثار نقاشات كثيرة حين عُرض لأول مرة في آرت بازل ميامي نهاية عام 2019، وفتح مجالاً حينها للتساؤلات المهمة حول طبيعة الفن وقيمته، وحدود التعبير الفني، خصوصاً بعد أن بيعت ثلاث نسخ من العمل بمبلغ يتجاوز الـ120 ألف دولار لكل نسخة.

وقع الحادث المشار إليه خلال الأيام الأولى من افتتاح المعرض، فبينما كان زائرو المتحف مشغولين بمشاهدة الأعمال، اقترب طالب الفنون الكوري من العمل الفني، وانتزع الموزة والتهمها، ثم أعاد تثبيت ما تبقى منها مرة أخرى. ترك هذا الفعل غير المتوقع الجمهور في حالة من الصدمة، وأربك القائمين على المتحف. عندما سُئل الطالب الكوري عن سبب أكله للموزة، أجاب بأنه كان جائعاً بعد أن فوت وجبة الإفطار، غير أنه صرح لاحقاً لإحدى الصحف المحلية باعتقاده أن إتلاف عمل فني حديث يمكن أن يفسر كذلك على أنه عمل أدائي. أضاف الطالب أنه دائماً ما كان ينظر إلى أعمال كاتيلان الفنية على أنها تجسيد للنزعة الاستهلاكية والرأسمالية، وأنه أراد بالتهامه للعمل تحدي هذه الأيديولوجيات، وإعلان رفضه لتسليع الفن والقيمة المفرطة له. أما صاحب العمل، ماوريتسيو كاتيلان، فلم يصدر عنه أي ردة فعل حين علم بالحادث.

ليست هذه هي المرة الأولى التي تؤكل فيها موزة كاتيلان؛ تعرضت للالتهام من قبل على يد ممثل كوميدي أميركي حين عرضت أول مرة في "آرت بازل". أعلن المعتدي حينها أنه أقدم على هذا الفعل اعتراضاً على المبلغ الهائل الذي بيع به هذا العمل، وهو ليس سوى موزة لا تساوي حتى دولاراً واحداً.

أثار الحادث الأخير الجدل من جديد حول عمل ماوريتسيو كاتيلان. فبينما جادل بعضهم بأن فعل الطالب يمثل شكلاً من أشكال التعبير الفني في حد ذاته، رآه آخرون عملاً تخريبياً. رأى بعض النقاد أن تصرفات الطالب تقوّض سلامة وقيمة الأعمال الفنية، وأن أي رسالة كان ينوي نقلها يمكن أن تتحقق من خلال وسائل بديلة. أكد الرافضون لتصرف الطالب أيضاً أنه "يجب احترام الفن وتقديره بدلاً من تدميره". من ناحية أخرى، رأى مؤيدو فعل الطالب أنه بيان قوي ضد تسليع الفن، وجادلوا بأن تصرف الطالب الكوري يتحدى المعايير التقليدية لسوق الفن، ويجبر المشاهدين على إعادة تقييم إدراكهم للقيمة الفنية. ذهب آخرون أيضاً إلى أن التهام الطالب لعمل كاتيلان يتحدى فكرة الفن كقيمة ثابتة، وأنه من الممكن أن يكون سريع الزوال وخاضعاً للتفسير الشخصي.

لم تقتصر تداعيات الحادث على السجال النقدي فقط، إذ كانت له تداعيات قانونية أيضاً، فقد تقدم المتحف بشكوى إلى السلطات المحلية مطالباً بالتعويض ضد إلحاق الضرر بعمل فني.

المعضلة هنا أن هناك سجالاً قانونياً حول ما إذا كان فعل الطالب يمثل شكلاً من أشكال التعبير الفني، أم أنه عمل تخريبي بالفعل. يشتهر ماوريتسيو كاتيلان بأعماله الفنية المثيرة للجدل، فإنتاجاته غالباً ما تتحدى الأعراف والمفاهيم التقليدية للممارسات الفنية. ويعد عمله المشار إليه واحداً من أكثر إبداعاته شهرة. لم يكن هذا هو العمل الأول لكاتيلان الذي يثير كل هذا الجدل من حوله، ففي العام نفسه الذي عرض فيه موزته الشهيرة، تعرض أحد أعماله الأخرى للسرقة، ويتمثّل بمرحاض من الذهب من عيار 18 قيراطاً، يحمل اسم "أميركا"، وسُرق من قصر بلينهايم في أوكسفوردشاير. كما تعرض عمل آخر لكاتيلان للتخريب من قبل ناشطي البيئة أثناء عرضه أمام بورصة ميلانو عام 2010، وكان يمثل مجسماً كبيراً للأصبع الوسطى.

ماوريتسيو كاتيلان فنان إيطالي يقيم في نيويورك، وهو من مواليد عام 1960، وقد بدأ نشاطه الفني في الثمانينيات بتصميم وإنتاج الأثاث الخشبي. اعتمد كاتيلان على نفسه في تعلم الفن، ولم يتلق تعليماً أكاديمياً. غالباً ما تتضمن أعماله نقداً وسخرية لاذعة للأنظمة والأعراف الاجتماعية، حتى أطلق عليه النقاد لقب المهرج.

المساهمون