ناشطتان حقوقيتان بحرينية وأردنية تُستهدفان ببرمجية التجسس "بيغاسوس"

18 يناير 2022
ابتسام الصايغ: أشعر بحالة من الخوف والرعب اليومي (تويتر)
+ الخط -

كشف تحقيق أجرته منظمة "فرونت لاين ديفندرز" الحقوقية ومجموعة الحقوق الرقمية "أكسس ناو"، أمس الإثنين، عن تعرض اثنتين من المدافعات عن حقوق الإنسان، هما البحرينية ابتسام الصايغ والأردنية هالة عاهد ذيب، لاختراق أجهزتهما المحمولة، عبر برمجية "بيغاسوس" التي طورتها مجموعة الهايتك والبرمجية الإسرائيلية "إن إس أو".

وأشار تحقيق "فرونت لاين ديفندرز" و"أكسس ناو" إلى أنّ الناشطتين، ومنذ الكشف عن التجسس على هواتفهما المحمولة، تعيشان في حالة من القلق والخوف يومياً، وأن ما يثير خوفهما أكثر من كل شيء هو إمكانية استهداف الناشطات الأخريات اللواتي تعملان معهن. كما عبرتا عن مخاوف من تعرض عائلاتهما وأصدقائهما للخطر.

وأفادت "فرونت لاين ديفندرز" بأنها عملت مع المدافعات عن حقوق الإنسان في البحرين والأردن، عبر برنامج الأمن الرقمي، بين نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول عام 2021. وحللت المنظمة أجهزة المدافعات عن حقوق الإنسان بمساعدة من منظمتي "سيتيزن لاب" و"منظمة العفو الدولية".

وفحص الباحثون هاتف المدافعة البحرينية عن حقوق الإنسان ابتسام الصايغ، وهو من نوع "آيفون"، ووجدوا أنه تعرض للاختراق ما لا يقل عن 8 مرات، بين أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، باستخدام برمجية "بيغاسوس" التابعة لمجموعة "إن إس أو".

ابتسام الصايغ مدافعة عن حقوق الإنسان، وتعمل في "منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان" غير الحكومية. في مارس/آذار الماضي، احتجزت السلطات البحرينية الصايغ 7 ساعات في المطار، إثر عودتها من مشاركتها في الدورة الـ34 لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بجنيف. ووفقاً لتقرير "فرونت لاين ديفندرز" و"أكسس ناو"، فتشت السلطات الصايغ بدقة، واستجوبتها لـ5 ساعات، وصادرت جواز سفرها وهاتفها، واتهمها المستجوب بتقديم تصريحات خاطئة في جنيف حول انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.

وفي 26 مايو/أيار، استدعاها جهاز المخابرات الوطني إلى مركز شرطة المحرق حيث اعتدى عليها المحققون جنسياً، وأساؤوا إليها لفظياً، وضربوها، وهددوها بالاغتصاب إذا لم تتوقف عن نشاطها في مجال حقوق الإنسان، وفقاً للتحقيق نفسه.

وعند الكشف عن تعرض هاتف الصايغ للتجسس بواسطة "بيغاسوس"، قالت: "أنا أشعر بحالة من الخوف والرعب اليومي بعد إبلاغي بأنه تم التجسس عليّ. هذا الرعب متصل بأنّ هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بالتجسس عليّ لا يملكون أي أخلاقيات، ويستطيعون أن يحصلوا على معلوماتي الشخصية ويستغلونها بطريقة سيئة. بدأت أخاف من وجود الهاتف بجانبي، وخصوصاً عندما أكون في غرفة النوم أو حتى في المنزل بين أهلي وأبنائي وزوجي".

وأضافت: "كنت أشعر بأنّ البيت هو المكان الوحيد الآمن، وأيضاً مكان الحرية الشخصية لي، حيث من حقي أن أخلع الحجاب وأمارس حريتي الدينية والاجتماعية من دون حدود. ولكن الآن أصبحت أرتدي الحجاب حتى بعض الأحيان داخل المنزل، ولا أستطيع أن أمارس حياتي كما كنت سابقاً".

كما وجد الباحثون أنّ جهاز هالة عاهد ذيب، وهي محامية أردنية ومدافعة عن حقوق الإنسان، تعرّض للاختراق بواسطة "بيغاسوس"، منذ مارس/آذار عام 2021.

عملت هالة عاهد ذيب مع عدد من المنظمات الحقوقية والنسوية للدفاع عن حقوق المرأة وحقوق العّمال وحرية الرأي وحرية التعبير وحرية التجمع السلمي في الأردن. كما تدافع عن سجناء الرأي هناك، وهي عضوة في فريق قانوني يدافع عن نقابة المعلمين الأردنيين، إحدى أكبر النقابات العّمالية في الأردن، التي حلتها الحكومة الأردنية في ديسمبر/كانون الأول عام 2020.

وقالت بعد الكشف عن التجسس على هاتفها: "كامرأة، كثيراً ما تغدو مساحتنا بالتحرك، رغم كوننا مدافعات عن حقوق الإنسان، محدودة. اختراق كهذا يجعلها أكثر محدودية، وُيصادر الفضاء الذي نحاول منه توسيع مساحاتنا، ويساهم في جعل حتى الدائرة القريبة من أهل وأصدقاء تساهم في ردعك وثنيك عما تقوم به (...)".

وتفاعل ناشطون أردنيون مع الكشف عن التجسس على هاتف هالة عاهد ذيب، فكتب مدير "مركز حماية وحرية الصحافيين" نضال منصور، أنّ اختراق خصوصية المحامية والحقوقية هالة عاهد "عمل مشين ومدان، وعلى الحكومة التحقيق في مسؤولية من وضع نظام الاختراق والتجسس بيغاسوس على هاتفها لمراقبتها والتجسس عليها، وإعلان النتيجة، السكوت عن هذه الجريمة اعتداء علينا جميعاً وانتهاك لحقوقنا".

وأعلن نائب نقيب المعلمين الأردنيين ناصر النواصرة، عن تضامن مجلس نقابة المعلمين معها. وغرّدت الأمينة العامة لـ"اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة" سلمى النمس: "في بلد يتم الوقوف في وجه إزالة التمييز ضد المرأة باسم الأخلاق، وبحجة الحفاظ على كرامة المرأة، يتم اختراق خصوصية سيدة لأنها ناشطة سياسية ومعارضة".

يسمح برنامج "بيغاسوس"، إذا اخترق الهاتف الذكي، بالوصول إلى الرسائل والصور وجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى اتصالات مالكه. وتصرّ مجموعة "إن إس أو" على أنّ برامجها مخصّصة فقط للحصول على معلومات استخبارية لمحاربة شبكات إجرامية وإرهابية.

وكان قد كشف العام الماضي عن استخدام حكومات ودول برمجية "بيغاسوس" في التجسس على ما لا يقل عن 180 صحافياً و600 شخصية سياسية و85 ناشطاً حقوقياً و65 صاحب شركة في دول عدة.

المساهمون