انتقد رئيس تحرير وناشر موقع نت أفيزن (Nettavisen) النرويجي، أود هارالد هاوغي، تغطية الإعلام في بلاده لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي تقام حالياً في قطر، ووصفها بالعنصرية والفوقية.
وكتب هاوغي، أمس الإثنين، أن "العنصرية الرياضية النرويجية انخفضت إلى مستوى جديد" في تناول مونديال قطر، وتحديداً تلك الموجهة ضد العرب، واستنكر ما وصفه بـ"غوغائية المحررين النرويجيين"، وقال: "من الطبيعي وجود صحراء في قطر، لكن يستمر الإعلام في الإشارة إلى ذلك، كأنه يذكر القارئ طوال الوقت بأنها بذلك تكون أقل شأناً"، ولفت إلى إصرار الإعلام على وصف قطر بـ"دولة الصحراء، ودولة الصحراء الغنية، والمشيخة".
وسأل مستنكراً: "كيف سُمح للعنصريين الرياضيين بمهاجمة العرب بلا قيود؟".
وأشار إلى أن "البعض أصبح لا يجرؤ على مشاهدة المباريات، ولم يستطع المعلق التلفزيوني القول إن ما يشاهده في الملعب كان المشهد الأجمل، ولم يقدم كثيرون على قول أي أمر إيجابي بسبب فرض الغوغائية الداخلية".
وأضاف: "شدد المحررون، في تعليماتهم للمراسلين، على ضرورة العثور على عامل مهاجر مريض، أو على الأقل يمكنه أن يئن قليلاً. ومع ذلك، فقد ثبت أنه من الصعب العثور على أي شخص يتألم".
لعل ما يثير حنق هؤلاء المراسلين الذين حملوا معهم صورة نمطية عن قطر هو ما وجدوه على أرض الواقع، وهو ما فسره هاوغي قائلاً: "بعد التحدث إلى عشرات العمال المهاجرين في الدوحة، من باكستان وبنغلاديش والهند ونيبال ومعظم دول شمال أفريقيا، فإن الصورة واضحة: إنهم في الغالب راضون عن العمل في قطر والقدرة على إعالة أسرهم في الوطن".
وذكّر بأن قطر تحتل المرتبة 42 على مؤشر التنمية البشرية الذي أعدته الأمم المتحدة، "متقدمة على العديد من الدول الأوروبية".
وفي حديثه عن "الازدواجية النرويجية والغربية"، كتب: "لم نسمع سوى القليل عن مقاطعة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في الصين حيث ثبت وجود مليون شخص على الأقل في معسكرات الاعتقال".
ولم يفته الحديث عن "نفاق" الشركات النرويجية، مذكراً المنتقدين بـ"أن يدققوا حين يكونون في الدوحة لتوقيع عقود تجارية في ما إذا كانت الفنادق الفاخرة حيث يقيمون ينظفها مهاجرون"، وسأل مباشرة مدير شركة نورسك هيدرو للألمنيوم التي ساهمت في بناء الملاعب في قطر، علماً أن 90 في المائة من عمالها أجانب: "ما هو مستوى رواتب من تشغلونهم؟ كيف يعيشون؟ ما هي الحقوق الممنوحة لهم؟ هل تحملتم تكاليف ذهابهم إلى مباراة كرة قدم؟".
وتساءل عما إذا كان المونديال المقبل، في كندا والمكسيك والولايات المتحدة، سيواجه المقاطعة، "بسبب فساد الشرطة المكسيكية وارتباطها بالعصابات وقتل المئات خارج القانون"، و"قوانين الإجهاض وحمل السلاح في الولايات المتحدة"، و"معاملة كندا المثيرة للجدل للسكان الأصليين"، وأضاف: "هل نتوقع من الإعلام الرياضي الدفاع عن مثل هذه القضايا؟ هل سيناقش اتحاد كرة القدم المقاطعة؟ هل سيكون لدينا نقاش مروع ولجان مصغرة؟".
وكان الموقع الإخباري نفسه قد تناول، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التقدم الذي حققته قطر في مجال حقوق العمالة الأجنبية، وذلك تحت عنوان: "كأس العالم في قطر: ما الذي يمنحنا الحق في ممارسة السياسة الأخلاقية؟".
وما سجله هاوغي، الإثنين، عن الاستعلائية النرويجية هو في الواقع غيض من فيض، فصحافة جارتها الدنمارك تعد "مدرسة" في الاستعلائية على قطر التي تستضيف كأس العالم.
وكان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قد قال إن بلاده تعرضت منذ فوزها بشرف استضافة كأس العالم لكرة القدم لحملات تشويه غير مسبوقة لم يتعرض لها أي بلد مستضيف، وأضاف: "تعاملنا مع الأمر بداية بحسن نية، بل واعتبرنا بعض النقد إيجابياً ومفيداً يساعدنا على تطوير جوانب لدينا تحتاج إلى تطوير، ولكن ما لبث أن تبين لنا أن الحملة تتواصل وتتسع وتتضمن افتراءات وازدواجية معايير، حتى بلغت من الضراوة مبلغاً جعل الجميع يتساءل عن الدوافع والأسباب الحقيقية من وراء هذه الحملة"، وذلك في افتتاح دور الانعقاد العادي الثاني لمجلس الشورى، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.