يضع الشاب الفلسطيني أوبي القرشلي اللمسات الأخيرة على لوحة فنية يقوم بإعدادها مع إحدى زميلاته في نادي الفنون التابع لمركز رُسل المنبثق إدارياً عن معهد الأمل للأيتام في مدينة غزة، والتي تحاكي فيها عدم استغلال المساحات الزراعية في الوطن العربي.
وأطلق القرشلي وزميلته اسم "هيكتار" على مشروعهما الذي سيعرض ضمن عشرات الأعمال خلال سبتمبر/ أيلول المقبل لمجموعة من الشبان والشابات من فئة الأيتام وغير الأيتام الذين احتُضنوا داخل المركز على مدار أربع سنوات.
وتركز اللوحة بصورةٍ خاصة على واقع الحبوب ونقص القمح وتحديداً في الوطن العربي، مع النظر لكونه الأكثر ملاءمة جغرافياً من ناحية المساحات الزراعية المتاحة والتي يمكن من خلالها استغلالها لزيادة الإنتاج العربي وتأمين الغذاء للمنطقة ككل.
ويضم النادي عشرات اللوحات التي أُنجزت من قبل الملتحقين به على مدار 4 سنوات، خضعوا خلالها لبرنامج تدريبي وتعليمي مكثف بهدف إكسابهم جميع المهارات المطلوبة لتنمية قدراتهم في مجال الفنون والرسم. وجرت عملية اختيار الملتحقين بنادي الفنون بناءً على اختبارات وتصفيات، أدت في النهاية لاختيار قرابة 25 شاباً وشابة للانضمام إليه، فيما وُزّع الباقون على مراكز وأندية في مجالات عدة بما يتوافق مع نتائج اختبارات القدرة والذكاء.
ويقول القرشلي لـ"العربي الجديد" إن عملية اختياره جرت بناءً على مسابقة تقدم لها قبل 4 سنوات، وكان الوحيد الذي اختير على مستوى مدرسته في المرحلة الإعدادية، وهو ما أدى لاحقاً لانضمامه إلى نادي الفنون في مركز رسل.
وركز الشاب الفلسطيني على رسم الصورة الشخصية (البورتريهات) لفنانين وشخصيات عرب، وقام بنشرها هو ومشرفه في النادي على صفحات التواصل الاجتماعي، فيما رسم أيضاً صورة شخصية لوالده الذي فقده قبل سنوات.
ويستشعر القرشلي فرقاً كبيراً على صعيد تمكنه من الرسم والفنون نظراً للخبرات التي اكتسبها من مشرفه في النادي، وهو الأمر الذي يدفعه للمضي قدماً في رسم المزيد من اللوحات والأعمال التي تحاكي الطبيعة والمناظر الخلابة.
ويطمح الشاب الفلسطيني لأن يشكل الفن والرسم بوابة للوصول إلى العالم من خلال عرض أعماله ورسومه الحالية والمستقبلية في مختلف أنحاء الدول والبلدان، إضافة إلى مواصلة دراسته الجامعية في مجال الفنون بعد اجتياز المرحلة الثانوية بنجاح.
أما الشابة الفلسطينية آلاء أبو دف (18 عاماً) فتحاول أن تركز في أعمالها هي الأخرى على المناظر الطبيعية والخلابة أو الشخصيات، والابتعاد عن الأعمال التي تحاكي ظروف الحرب أو التصعيد، بعد أن فقدت والدها في الحرب على غزة عام 2009.
وتقول أبو دف لـ"العربي الجديد" إنها رفضت مراراً الرسم باستخدام الفحم أو رسم صورة شخصية لوالدها، الذي فقدته في سن مبكرة من طفولتها نتيجة للحرب الإسرائيلية على غزة، إضافة لاعتبارات نفسية متعلقة بالخوف من الحرب.
وتمكنت الشابة الفلسطينية من إنجاز 4 لوحات خلال الفترة الماضية، على أن يرتفع العدد الإجمالي إلى 9 لوحات بحلول نهاية المشروع، حيث ركزت هذه الأعمال على الطبيعة الصامتة بالإضافة إلى لوحة "الموناليزا الفلسطينية".
وتطمح أبو دف لأن تتمكن من السفر إلى الخارج مستقبلاً، وأن تقيم معارض في دول وبلدان عربية وأجنبية تعرض من خلالها أعمالها التي تمكنت من إنجازها، وأن تكتسب خبرات جديدة في مجال الرسم والفنون إضافة إلى ما اكتسبته خلال السنوات الماضية.
بدوره، يؤكد منسق الأنشطة الفنية في مركز رسل صبحي قوتة إن المركز ككل يضم عدة أندية، منها نادي الفنون، بالإضافة إلى نادي العلوم ونادي تكنولوجيا المعلومات ونادي الإعلام والتواصل، ونادي الرياضة والإرشاد النفسي.
ويقول قوتة لـ"العربي الجديد" إن مركز رسل قام بإجراء اختبارات عملية واختبارات ذكاء للمتقدمين إليه من أجل تحديد وجهتهم من ناحية الأندية، حيث جرى اجتياز 5 اختبارات ذكاء تم من خلالها تحديد ميول وقدرات الطلاب واتجاهاتهم.
وبحسب منسق الأنشطة الفنية في مركز رٌسل، فإن إجمالي عدد الطلبة في النادي يبلغ 25 طالبا من أصل 38 تقدموا بطلب الالتحاق لنادي الفنون، عدا عن آلاف الطلبات التي قدمت للمركز ككل من أجل الانضمام لمختلف الأندية. وخلال هذه السنوات، تم العمل بشقين عملي ونظري مع الطلبة المنضمين إلى النادي، من أجل إكسابهم مهارات الرسم في شتى المجالات، إضافة إلى الأعمال النحتية، حيث سيختتم المشروع بحلول أكتوبر/ تشرين الأول المقبل بمعرض فني ضخم.
ويقدر عدد الأعمال والمنتجات الفنية التي تمكن الملتحقين في نادي الفنون بمركز رُسل من إنجازها بنحو 300 إلى 400 لوحة فنية جاهزة جميعها للعرض في معرض فني، إضافة إلى مشاريع رسومات نهائية يجرى العمل عليها ذات طابع سياسي واقتصادي ووطني.