"مهرجان فينيسيا الـ80": دورة تحدّيات ومواجهات وتجديدات

21 اغسطس 2023
صوفيا كوبولا: أميركية في "فينيسيا الـ80" رغم كلّ شيءٍ (ستفان كاردينالي/Getty)
+ الخط -

 

قبل أسابيع قليلة على بدء دورته الـ80 (30 أغسطس/آب ـ 9 سبتمبر/أيلول 2023)، اضطرّت الإدارة الفنية لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي"، للمرّة الأولى في تاريخه، إلى استبدال فيلم الافتتاح الأميركي "المُتَحدّون (Challengers)"، للإيطالي لوكا غوادانينو، بفيلم "القائد (Comandante)"، للإيطالي إدواردو دي أنجِليس، بسبب إضراب الممثلين والكتّاب الأميركيين في هوليوود. ذلك أنّ الشركة الموزّعة سحبت الفيلم من العرض، فتأجّل إطلاقه إلى الصيف المقبل. هذا الإضراب يمنع الممثلين، وبينهم ممثلو الفيلم، من المشاركة في أي نوع من الترويج لأعمالهم، إلى حين الاتفاق مع شركات الإنتاج في هوليوود. لذا، وجد الموزّعون أنّ عرض "المُتَحدّون" من دون حضور نجومه لن يساعد في الترويج له.

 

حنكة ألبرتو باربيرا

المهرجان ـ الذي تأسَّس عام 1936، وتوقّف أكثر من مرة، إمّا لاندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، وإمّا لأسباب سياسية ومالية ـ لم يُعلن، إلى الآن، عن احتفالٍ أو نشاط خاص بمناسبة بلوغه الدورة الـ80. لكنّ البرمجة ثرية للغاية، ومُتنوّعة جداً في مُختلف الأقسام والبرامج المُوازية، ما يجعله متفوّقاً على غيره من المهرجانات الكبيرة المُنافِسة، كالـ"برليناله" و"كانّ" تحديداً. نظرة على أسماء المُخرجين والعناوين المُختارة، وقسم الكلاسيكيات المُرمَّمة، تؤكّد هذا، نظرياً على الأقلّ، لأنّ المُشاهدة تكشف أحجام المستويات المُتَوَقّعة، ومدى سخونة المُنافسات في المُسابقات والأقسام والبرامج المُختلفة.

النجاح في ضمّ الأسماء والعناوين المُعلَنة يُعزى إلى أسباب عدّة، يرجع أغلبها إلى إدارة المهرجان، ومُديره الفني ألبرتو باربيرا، القادم من النقد السينمائي: صاحب رؤية فنية مُتميّزة، وتفكير مُغاير، وجهود ملحوظة في السنوات الأخيرة، وحنكة وصمود في مواجهة الهجوم النقدي بسبب تغييره الهوية الأوروبية الطليعية والفنية للمهرجان تارة، وميل أكبر إلى السينما الأميركية وإنتاجاتها المُتفاوتة، ما يجعلها طاغية أكثر، تارة أخرى. مع ذلك، أثبتت الأيام أنّ نظرته ثاقبة إلى حدّ كبير، إذ باتت الإنتاجات الأميركية تنتظر، بل تُفَضِّل، المهرجان الإيطالي على غيره، وبات المنتجون والمخرجون يتفاءلون بعرض آخر إبداعاتهم فيه، لعلّها تُرشَّح/تفوز بـ"أوسكار" أو "غولدن غلوب" أو غيرهما، كما حدث سابقاً. فمن "مهرجان فينيسيا"، انطلقت أفلام كثيرة لافتة للانتباه، حقّقت نجاحات كبيرة، ونالت جوائز عدّة، كـ"بيردمان" (2014) لأليخاندرو غونزاليس إينارّيتو، و"لا لا لاند" (2016) لداميان شازيل، و"شكل الماء" (2017) لغييرمو دل تورو، و"روما" (2018) لألفونسو كوارون، و"نومادلاند" (2020) لكلوي تشاو، و"الحوت" (2022) لدارن أرونوفسكي.

 

 

بفضل باربيرا أيضاً، انفتح المهرجان على شركات وشبكات الإنتاج كافة، خاصة الأميركية، وتحديداً "نتفليكس" و"أمازون"، على عكس مهرجان "كانّ" مثلاً. تعاون "مهرجان فينيسيا" مع "نتفليكس" في السنوات الماضية أفاده كثيراً، ومنحه فرصة الحصول على أفلامٍ حقّقت نجاحات كبيرة بعد إطلاقها في المهرجان: "روما" لكوارون، و"يد الله" (2021) لباولو سورينتينو، و"قوة الكلب" (2021) لجين كامبيون، و"شقراء" (2022) لأندرو دومينيك، و"ضوضاء بيضاء" (2022) لنواه بومباخ. هذا العام، تحضر "نتفليكس" في المسابقة بـ3 أفلام: "القاتل" لديفيد فينشر (تمثيل مايكل فاسبندر)؛ و"مايسترو" لبرادلي كوبر، مخرجاً وممثلاً؛ و"الكونت" للتشيلي بابلو لارين، عن الجنرال الفاشي أوغوستو بينوشيه (تمثيل ألفريديو كاسترو).

لا يعني هذا أنّ المهرجان يضع السينما الأميركية والمنصّات "نُصب عينيه"، أو أنّه يُجافي السينمات الفنية والطليعية والتجريبية، وغيرها. السينما الأوروبية حاضرة دائماً، كما الآسيوية، المتواجدة دائماً بفاعلية كبيرة، والحاصدة جوائز، بعضها أساسي، خاصةً في الأعوام الماضية. كذلك، تحضر دائماً سينما أميركا اللاتينية والشرق الأوسط، ومنها دول عربية، بقدر مُتفاوت سنوياً، في المسابقات والبرامج، ولجان التحكيم، وبعضها ينال جوائز. مع ذلك، يصعب إنكار أهمية المهرجان للأفلام الأميركية كمنصّة تسبق موسم الـ"أوسكار"، وأهمية الأفلام الأميركية ونجومها بالنسبة إليه. بالتالي، فإنّ علاقة المهرجان بهوليوود جوهرية جداً، لكنّها ليست مصيرية، ولا أبدية، ولا مُبالَغ بها.

 

أفلامٌ فنية ومواجهة الإضراب

صحيحٌ أنّ الأميركية جوليان مور ترأّست لجنة تحكيم المسابقة الرئيسية العام الماضي، بينما يترأسها هذا العام الأميركي داميان شازيل، إلاّ أنّ باربيرا أكّد مراراً، في السنوات الأخيرة، أنّ المهرجان ليس حيّزاً لعرض أفلام هوليوودية والاحتفاء بنجومها، وأفلام أوروبية بارزة فقط، بل إنّه مهرجان أفلام فنية واكتشافات جديدة من العالم. دليله أنّه، في الدورة الماضية، لم يكن هناك، من 73 فيلماً روائياً من 56 دولة في الاختيار الرسمي، أكثر من 10 أفلام أميركية، هوليوودية وسينما مستقلّة. كما نجح المهرجان، باحترافية، في النجاة من معضلة كورونا، ولم تُجبَر إدارته على الإلغاء، ولو مرة واحدة. هذا العام، يحاول مواجهة تحدّي الإضراب المؤثّر، من دون شكّ، على بريقه الإعلامي، لغياب نجوم أميركيين كبار، كان يُفترض بهم المجيء للترويج لأفلامهم.

مع استمرار الإضراب، وتجاوزه مائة يوم، يأمل القائمون على "فينيسيا" أنْ تحظى أفلام مشاركة على إعفاء أو استثناء، بدعم الشركات المستقلّة. لكنْ، وإنْ وافقت الجهات المعنية على المشاركة، فربما يرفض الممثلون والمخرجون الحضور، تضامناً مع زملائهم المُضربين. من ناحية أخرى، يُمكن أنْ يحضروا فعلاً، فقط لدعم زملائهم ومساندتهم، بلفت الانتباه إلى الإضراب، وهم على البساط الأحمر لأحد أهمّ المحافل السينمائية الدولية وأعرقها. إجمالاً، يُتوقّع هذا العام أنْ يكون عدد النجوم أقل، في ظلّ وجود أميركي أصغر من المُعتاد في الـ"ليدو"؛ والمرتبطون بعقودٍ مع شركات الإنتاج الأميركية سيحضرون، لكنْ ربما لن يمرّوا على ذاك البساط. أمّا المُمثلون المُستقلّون، وهم كُثُرٌ في أفلام هذه الدورة، فسيحضرون، علماً أنّ كيفية مشاركتهم ستتوضّح في أيامها الأولى.

المُثير للانتباه كامنٌ في الإعلان، أخيراً، عن أنّ مايكل مان، مخرج "فيراري" (المسابقة)، توصّل إلى تسوية مع النقابة تسمح له بالترويج لجديده؛ وتمكّن آدم درايفر (مؤدّي الشخصية الرئيسية) وبقية فريق الفيلم، من الحضور. هل يمضي الآخرون على نهج مان، فيتجاوز "فينيسيا" أزمته؟ الإجابة تظهر في الأيام المقبلة.

رغم هذا الارتباك والضبابية، بسبب إضراب هوليوود، يضمّ برنامج الدورة الـ80 أفلاماً مهمّة ومتنوّعة لمخرجين أميركيين، منهم مان نفسه، وديفيد فينشر وبرادلي كوبر ووِس أندرسن وصوفيا كوبولا وآفا دوفيرناي، 5 أفلام منها في المسابقة الرئيسية؛ إلى مخرجين ونجوم أوروبيين وأميركيين لاتينيين وآسيويين. هذه إشارة دالّة على أنّ الاضطراب الناجم عن الإضراب سيكون أقلّ من توقّعات البعض، والبساط الأحمر لن يخلو كلّياً من النجوم والنجمات.

إلى مسائل الإضراب وحضور النجوم والنجمات والبساط الأحمر وغيرها، لم يسلم المدير الفني من انتقادات علنية لبرمجته 3 أفلام لمخرجين، موضوعةٌ أسماؤهم في "القائمة السوداء"، لاتّهامهم باعتداءاتٍ جنسية: البولندي رومان بولانسكي، وجديده "القصر"؛ والأميركي وودي آلن، وفيلمه "ضربة حظ" (الفيلمان خارج المسابقة)؛ والفرنسي لوك بيسون، و"مُربّي الكلاب" (المُسابقة). كما انتُقِدَ على اختياره 5 أفلامٍ فقط لمخرجات، من 23 فيلماً في المسابقة. هذا يعني أنّ المهرجان لم يمنح فرصاً متكافئة بين الجنسين، أسوةً بالـ"برليناله" و"كانّ". لكنّ باربيرا أكّد مُجدّداً أنّ المهرجان لا يتعمّد هذا، وأنّ 32 بالمائة من الأفلام المُقدّمة هذا العام لمُخرجات، و66 بالمائة لمُخرجين. أما الباقي، أي 60 فيلماً، لم يُعلن عن جنس صنّاعه.

الأفلام الـ5 لصوفيا كوبولا (بريسيلا)، وآغنياسكا هولاند (الحدود الخضراء) ومالغورزاتا شومفْسْكا وميخال أنْغلرت (امرأة مع...) وفْيان تروش (مُقدّس) وإيفا دوفرْناي (أصل)، التي تدخل التاريخ كأول أفروأميركية تُشارك في المسابقة. وكانت الممثلة والمخرجة ريجينا كينغ أول أفروأميركية تُشارك في "فينيسيا"، لكنْ خارج مسابقة الدورة الـ77 (2 ـ 12 سبتمبر/أيلول 2020)، بـ"ليلة في ميامي" (سيرة)؛ وأليس ديوب أول فرنسية سوداء تنافس في المُسابقة بـ"سانت أومير"، في الدورة الـ79 (31 أغسطس/آب ـ 10 سبتمبر/أيلول 2022).

الطريف أنّ الدورة الـ80 هذه تضمّ مخرجين مخضرمين، في رصيد كلّ واحد منهم أكثر من نصف قرن في صناعة الأفلام. لعلّ الأمر صدفة بحتة، أو ربما تكريم وتقدير لمسيرتهم: فريدريك وايزمان، 93 عاماً؛ وليليانا كافاني، 90 عاماً؛ ورومان بولانسكي، 90 عاماً، ووودي آلن، 87 عاماً؛ ويريفان جيانيكيان، 81 عاماً؛ هؤلاء جميعاً أكبر من عمر المهرجان نفسه، الذي أُقيمت دورته الأولى بين 6 و21 أغسطس/آب 1932. هناك أيضاً مايكل مان، 80 عاماً؛ وويليام فريدكين، 88 عاماً، الراحل قبل أيام، الذي نعاه المهرجان رسمياً، والحاصل على "الأسد الذهبي" التكريمي لإنجاز العمر قبل عقد واحد بالضبط. في إطار تكريمه/تأبينه، يُعرض له، في قسم "كلاسيكيات"، نُسخة مُرَمَّمة لتحفته الشهيرة "طارد الأروح الشريرة"، الذي أخرجه قبل خمسين سنة.

 

جديد "فينيسيا"

قبل الذهاب إلى "مهرجان فينيسيا"، يُطرح سؤال عن الجديد فيه، فنياً ولوجستياً. فهناك دائماً جديد ومُتطور يظهران في أروقة المهرجان وساحاته وقاعاته، رغم صغر مساحة جزيرة الـ"ليدو"، ومحدودية الطرقات والأماكن. ورغم مشقّة مُتابعة الأفلام، خاصة المسابقة الرئيسية، التي ازداد عدد الأفلام المختارة لها في الدورات الأخيرة (بين 20 و21، قبل أنْ تبلغ 23 هذا العام)، فالجميل أنْ لا تضارب في مواعيد العروض، ما يعني غياب الضغط العصبي، وإهدار الوقت والجهد، والانتظار طويلاً في الصفوف، وتأخّر بدء العروض، وبالتالي إرباك الجدول اليومي.

أشياء بسيطة ومهمّة كهذه تُؤكّد أنّ المهرجان لا يزال يحترم النقّاد والصحافيين، ويُقدِّر وقتهم، ويضعهم في أولوياته، ويلتزم التقاليد المهنية الراسخة. مثلاً، منذ سنوات، ورغم كلّ شيء، كان يُعرض فيلم الافتتاح للصحافة 8،30 صباح اليوم الأول، أي قبل عرضه الرسمي مساء اليوم نفسه، بحضور الضيوف والفنانين والسينمائيين في "قصر المهرجان"، كالـ"برليناله"، وبخلاف "كانّ".

 

 

كما تعرض أفلام المسابقة (3 يومياً)، 8،30 و10،30 صباحاً، و7 مساء، والأخير تسبقه أو تليه عروض خارج المسابقة، أو مسابقة "آفاق"، أو "كلاسيكيات"، أو غيرها (3 ـ 4 أفلام)، إضافة إلى عروض "أيام المؤلّفين" و"أسبوع النُقّاد". هذا يتيح، لمن يكتفي بأفلام المسابقة، فرصة للراحة والأكل والكتابة. ثم معاودة المشاهدة مساءً. وإذا بقي وقتٌ، بعد المشاهدة المسائية، هناك سهرٌ أو كتابة أو نوم باكر، قبل انتصاف الليل. في هذا تحديداً، يشبه "فينيسيا"، كثيراً، الـ"برليناله"، باحترامهما النقّاد والصحافيين، وجهودهم، فيتعاملان معهم كبشر يحتاجون إلى الراحة والتقاط الأنفاس والكتابة، وطبعاً تأمّل الأفلام المُشَاهدة خلال اليوم.

إذاً، لا صفوف على مدى كيلومترات، ولا عدم تمكن من الدخول لامتلاء القاعات، ولا تأخّر لمواعيد العروض إلى حدّ غير مقبول، كما بات يحدث أخيراً في "كانّ"، حتى مع فرض نظام حجز التذاكر إلكترونياً.

ربما يُجادل البعض بأنّ أعداد المُتردِّدين على المهرجانين لا تُقارَن بأعداد المُتردِّدين على "كانّ". في هذا بعض الصواب. لكنّ المُؤكّد أنّه، بعد كبوة كورونا، ازدادت أعداد المُتردِّدين على المهرجانين، من صحافيين ونُقّاد. ومن جمهور عادي يحرص على حضور الـ"برليناله" و"فينيسيا"، بعكس "كانّ" غير المفتوح للجمهور. إذاً، الأمر أساساً مردّه توفّر الصالات والمقاعد، وإنْ كثُرت الأفلام وتعدّدت الأقسام. هذا تجاوزه "فينيسيا"، رغم كثرة الأفلام وتوسّع البرامج، ورغم صغر حجم الـ"ليدو". فالتوسّع في بناء صالات إضافية يحصل كل عامين تقريباً، إلى تجديد القديم وتطويره وتوسعته. مثلاً، بعد إقامة "سينما الحديقة (غاريديني)"، قبل 5 سنوات، القابلة للفكّ والتركيب، أُنشئت قبل عامين سينما أخرى من النوع نفسه. "كورينتو" (340 مقعداً) ليست بعيدة، وأقيمت فوق حمّام سباحة بعد تغطيته. والمُلاحظ أنّ تظاهرتي "أسبوع النقّاد" و"أيام المؤلف"، على عكس "كانّ"، ليستا مُنفصلتين عن البرنامج الرئيسي للمهرجان، ولا تُعرض أفلامهما في قاعات مُختلفة أو مُستقلّة أو بعيدة.

يُلاحظ أيضاً أنّ بلدية فينيسيا، بالتعاون مع مجلس إدارة الـ"بينالي"، تُنفِق بسخاء على دعم المهرجان لوجستياً، سنوياً تقريباً. مثلاً، العام الماضي، جرى تمهيد المنطقة المُحيطة بقصر المهرجان والمقر الصحافي وتزيينها، وفقاً للذوق الرفيع المتميّز لمُصمّمي الديكور الإيطاليين، وافتُتح مقهى ومطعمٌ يليقان بالمهرجان، يقتصران فقط على الصحافيين، في المبنى التاريخي المُسمّى، إلى الآن، "الكازينو". رغم أنّه توقّف عن أنّ يكون مكاناً للقمار منذ سنوات بعيدة، وتحوّل إلى مقرّ عملي للصحافيين، وقاعة للمؤتمرات، تحتضن أغلب عروض "أسبوع النقّاد" و"أيام المؤلف". إضافة إلى ترميم "صالة غراندى" العريقة، وتطويرها وتوسعتها، قبل سنوات، الواقعة في "قصر السينما" التاريخي. كذلك، قاعتي "دارسينا" و"بالا بينالي".

هناك 9 قاعات لـ"فينيسيا". في أصغرها، 48 مقعداً، وفي أكبرها 1770. هذا يؤكّد تفوّق "فينيسيا" على "كانّ"، الذي لا يزال يُعاني عدم القدرة على التوسّع والتخلّص من القاعات القديمة، أو تطويرها وتوسعتها. للأسف، لم يساعد إنشاء بلدية مدينة "كانّ" للمُجمّع الضخم لسينمات "سينيوم" في إفادة المهرجان كثيراً، لبُعده عن الـ"كروازيت". كما يُعاني "مهرجان برلين" هذا العام المشكلة نفسها، وستزداد معاناته مستقبلاً، كما يبدو، خاصة مع افتقاده قاعاته المعهودة منذ عقود، إمّا لتقسيمها، أو إغلاقها للترميم والتجديد، أو للمغالاة في أسعار تأجيرها، بما يفوق طاقة المهرجان. وما زاد الأمر فداحة، الإعلان قبل أيام عن أنّ مُجمَّع السينمات في "مركز سوني" يُحوّل الآن إلى فندق، ما يُؤكّد، بشدّة، صعوبة تمركز نشاطات المهرجان في بقعة واحدة في برلين: "ساحة مارلين ديتريتش"، كما المهرجانين المنافسين له، "كروازيت ـ كانّ"، و"ساحة ماركوني ـ ليدو".

المساهمون