استمع إلى الملخص
- **تنوع الأفلام:** اقتصرت الدورة على الأفلام الفلسطينية أو التي تحاكي القضية الفلسطينية، بمشاركة 93 فيلماً من 31 دولة، تضمنت رسائل رمزية عن فلسطين.
- **أهمية المهرجان:** أكد رئيس المهرجان أن إطلاقه في ظل الحرب الإسرائيلية هو تحدٍ للمحاولات الإسرائيلية لتدمير مظاهر الحياة في غزة، ويعزز حتمية العودة للمدن والقرى المدمرة.
كسر مهرجان العودة السينمائي الدولي قواعد العرض السنوية، عبر عرض أفلام دورته الثامنة على شاشة عرض قماشية بين خيام النزوح في منطقة مواصي القرارة، غرب مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، في محاولة لمحاكاة حق العودة وتجسيد معاناة نحو مليوني نازح فلسطيني.
وفي مشهد غير مألوف، بدأت الكلمات الخاصة بالمهرجان وفقراته الفنية والتراثية والفلكلورية، وتتالى عرض الأفلام المشاركة فيه، بعيداً عن مختلف البروتوكولات التي اعتاد عليها منظمو الفعالية السنوية، حيث جلس الحضور، ومعظمهم من النازحين، على الأرض، في مشهد يربط بين أهمية الأفلام ورسائلها، وبين واقع النازحين الذين فقدوا وتركوا بيوتهم جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
واختلفت طبيعة الأفلام المشاركة في المهرجان السنوي، الذي كان يضم سنوياً أفلاماً ومواضيع من مجموعة دول عربية وأجنبية، حيث اقتصرت الدورة الحالية على عرض الأفلام الفلسطينية أو الأفلام التي تحاكي القضية الفلسطينية وقد وصل إلى المهرجان 93 فيلماً من 31 دولة حول العالم، لمخرجين فلسطينيين وعرب وأجانب، تحدثوا جميعاً عن فلسطين، سواء بطريقة مباشر أو رمزية.
وعرض على الشاشة المثبتة بين الخيام فيلم "بيتنا" وهو فيلم أسترالي من بطولة الفنان العراقي جمال أمين، يتحدث بطريقة رمزية عن كيفية احتلال إسرائيل الأرض الفلسطينية، عبر سيناريو يجسد عائلة قامت باستئجار بيت من رجل وبعد سنوات طالب الرجل ببيته، إلا أن العائلة رفضت تسليمه البيت، وبدأت بادعاء أن لها ذكريات في المنزل وأنه بيتها، ما تسبب بحدوث مشادة وعراك كبير وصل الى المحاكم بين العائلة المستأجرة وصاحب البيت. أما الفيلم الفلسطيني "دم بلون الكحل" فهو يصور اعتداءات المستوطنين على بيوت الفلسطينيين في الضفة الغربية، فيما اشتمل على تجسيد حادثة لعروس كانت تتجهز لفرحها وهي بكامل زينتها، إلا أن الفرح لم يتم بفعل قتل المستوطنين عريسها، وقد اختلط دم عريسها مع كحل فرحها.
وتضمن المهرجان في دورته الثامنة أيضاً الفيلم الأردني "السلطانة" للمخرج هيثم عبد الله، ويتحدث عن حق العودة وعدم تفريط الفلسطينيين في أرضهم أو تنازلهم عنها تحت أي ظرف، عبر سيناريو مشوق لعائلة فلسطينية خرجت من فلسطين بعد عام 1967 واستقرت في الأردن، حيث جاء الابن البكر لأبيه وأمه يطالبهم بمبلغ من النقود لشراء سيارة وبيت، حينها يعتذر الأب لعدم امتلاكه المال، فيتساءل الابن أن لهم بيتاً في القدس فلماذا لا يُباع، فتثور عليه العائلة بكبيرها وصغيرها مستنكرين طلبه، على اعتبار أن هذه الأرض هي عرضهم وشرفهم الذي لن يتخلوا عنه، وأن بيعها سيلحق العار بهم "إذا بعنا سيبيع الجميع وهذا عار علينا".
وجسدت مجموعة أفلام عُرضت لمخرجين فلسطينيين وجزائريين وتونسيين ومصريين تفاصيل القضية الفلسطينية بطريقة رمزية، عبر تصوير المقاومة والنضال وصمود الفلسطيني في خيام النزوح على أرضه، كما دارت جميع الأفلام المشاركة في فلك الفكرة الأساسية للمهرجان، والمبدأ المتمثل في عدم التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين.
ويوضح الفلسطيني مصطفى غراب، الذي بدا منسجماً لحظة عرض فيلم الافتتاح الأردني، أنه لم يشاهد أي فيلم، كما لم يصادف أي شاشة عرض منذ عشرة أشهر، بسبب انقطاع التيار الكهربائي منذ بداية العدوان الإسرائيلي، وما تلاه من نزوح قسري من منطقة الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة نحو المناطق الوسطى، ومن ثم إلى مدينة رفح، وصولاً إلى منطقة المواصي غرب مدينة خانيونس.
ويلفت غراب لـ"العربي الجديد" إلى المفارقة الكبيرة التي يحملها مهرجان العودة السينمائي في العام الحالي، حيث يحاكي في أفلامه وعروضه وأفكاره وجوائزه حق العودة إلى المدن والقرى الفلسطينية المحتلة عام 1948 على أيدي العصابات الصهيونية، في الوقت الذي يعيش فيه مئات آلاف النازحين تفاصيل التهجير القسري وقساوة حياة الخيام واللجوء الجديد بفعل تواصل العدوان الإسرائيلي منذ 300 يوم.
فيما يوضح جاره في السكن ورفيقه في النزوح عبد الحليم الأيوبي أهمية العروض السينمائية والأفلام الوثائقية والروائية في دعم القضايا الإنسانية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، خاصة في الأوقات العصيبة التي يمر فيها قطاع غزة خلال تواصل حرب الإبادة الإسرائيلية، وانعدام مختلف مقومات الحياة لمئات آلاف النازحين الذين فقدوا بيوتهم وممتلكاتهم.
ويشير الأيوبي لـ"العربي الجديد" إلى الرمزية العالية لعرض الأفلام التي تناقش حق العودة وتمسك الشعب الفلسطيني في أرضه بين خيام النزوح، إذ تضع المشاهد في محاكاة واقعية لعملية التهجير القسري الذي يتجرع مراره آلاف الأسر بمن فيها من أطفال ونساء وشيوخ، في ظل انعدام أدنى مقومات الحياة، من مأكل ومشرب واستقرار.
في الإطار، يقول رئيس مهرجان العودة السينمائي الدولي سعود مهنا إنه وعلى الرغم من الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة والقتل والدماء التي تسيل كل يوم، "إلا أننا قررنا إطلاق مهرجان العودة السينمائي في دورته الثامنة تحدياً للمحاولات الإسرائيلية الرامية إلى اجتثاث الإنسان الفلسطيني وتدمير كل مظاهر الحياة في غزة، إلى جانب ترحيل سكان محافظتي غزة والشمال نحو الوسطى والجنوب لدفع الفلسطينيين نحو التفكير في العودة إلى شمال القطاع، بدلاً من التفكير في العودة إلى المدن والقرى الفلسطينية المحتلة".
ويشدد مهنا في حديث مع "العربي الجديد" على أن المهرجان السنوي لا يزال يؤكد أهمية وحتمية العودة إلى كل المدن والقرى التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي، وطرد أهلها بقوة السلاح عام 1948.