مهرجان السينما الأوروبية في عمّان... عينٌ على العالم

17 سبتمبر 2024
من فيلم "باي باي طبريا" (IMDb)
+ الخط -

في العاصمة الأردنية، يحتضن مهرجان الأفلام الأوروبية في دورته السادسة والثلاثين عدداً من الأفلام التي يتواصل عرضها حتى 30 سبتمبر/أيلول الحالي. هذا الحدث الثقافي ليس مجرّد مناسبة لعرض الأفلام، بل هو جسر حقيقي يربط بين الثقافات، فيُتيح للجمهور فرصة التواصل مع قصص إنسانية من مختلف أنحاء العالم. يجمع مهرجان الأفلام الأوروبية أكثر من 25 فيلماً، تعرض في عدة مواقع في عمّان، وبعض المحافظات الأردنية، ليكون نقطة التقاء لمحبّي السينما ونافذة على العالم.
ما يُميز مهرجان هذا العام هو تنوع الأفلام المعروضة التي تتراوح بين الدراما والكوميديا والوثائقيات وأفلام الرسوم المتحركة. ومع تنوع الجنسيات والقصص، يستمر مهرجان الأفلام الأوروبية في تعزيز التبادل الثقافي بين أوروبا والأردن، عبر قوة الفن السابع. الأفلام التي تُعرض في المهرجان تقدم رؤية جديدة عن العالم، فهي ليست مجرّد قصص مسلية، بل رسائل إنسانية تتناول قضايا الهجرة والهوية والحرب والسلام.
في عروض هذا العام، هناك تركيز خاص على القضية الفلسطينية من خلال فيلمي "باي باي طبريا" و"غزة"، اللذين قدما سرداً مؤثراً حول معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.
فيلم "باي باي طبريا" يعرض قصة مجموعة من النساء الفلسطينيات اللواتي اقتُلعن من أرضهن بعد النكبة عام 1948. إخراج لينا عباس، والمشاركة الفنية للممثلة هيام عباس، جعلا الفيلم شهادة حيّة تعكس مشاعر الفقد والتهجير. يستعرض "باي باي طبريا" الحياة الصعبة التي عاشتها هؤلاء النساء بعد مغادرتهن مدينة طبريا وما يحملنه من ذكريات عن بيوتهن وأراضيهن، ما يعكس قوة المرأة الفلسطينية وصمودها رغم الظروف القاسية.
أما فيلم "غزة" الوثائقي (من إنتاج أيرلندي)، فيتناول الحياة اليومية في قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي المستمر. يعرض العمل قصصاً لأشخاص عاديين يحلمون بحياة كريمة رغم الظروف القاسية التي يعيشونها. من خلال تصوير الحياة اليومية في غزة، يقدّم الوثائقي رؤية إنسانية عميقة عن تحديات السكان وأملهم في البقاء والصمود. الدور الأيرلندي في إنتاج الفيلم ليس وليد الصدفة. في مايو/أيار 2024، أعلنت أيرلندا، إلى جانب إسبانيا والنرويج، اعترافها بدولة فلسطين، ما يعزز الروابط التاريخية بين الشعبين الفلسطيني والأيرلندي اللذين يشتركان في نضالات.
لا يمكن الحديث عن مهرجان الأفلام الأوروبية من دون الإشارة إلى الدور الذي تلعبه السينما الأردنية فيه. في الليلة الختامية للمهرجان، سيتم تسليط الضوء على السينما المحلية من خلال عرض خمسة أفلام قصيرة هي: "عبيد"، و"دينار"، و"البحر الأحمر يجعلني أرغب في البكاء"، و"الحرش"، و"غصن زيتون". تعكس هذه الأعمال تنوُّع التجربة الأردنية. من خلال هذه الأعمال، تُتاح الفرصة للأردنيين لعرض قصصهم وتجاربهم على الساحة الدولية.
افتتح المهرجان بفيلم Io Capitano للمخرج الإيطالي ماتيو غاروني. يعيد Io Capitano تسليط الضوء على مأساة الهجرة "غير الشرعية" من أفريقيا إلى أوروبا. الفيلم يتتبع رحلة الشابين السنغاليين، سيدو وموسى، اللذين يغادران مسقط رأسيهما في داكار بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا. رغم الحلم الذي يحمله الشابان في الوصول إلى أوروبا، تتحول الرحلة إلى كابوس مليء بالمعاناة.
يبرز غاروني في هذا الفيلم مشاهد مؤلمة من عبور الصحراء والتعامل مع مهربي البشر، ليُقدّم صورة واقعية ومؤثرة عن المآسي التي يواجهها المهاجرون الأفارقة. يركز Io Capitano على الجانب الإنساني للهجرة، ما يجعله مرآة تعكس المأساة والأمل.

على الرغم من نجاح مهرجان الأفلام الأوروبية وشعبيته الكبيرة، يواجه بعض التحديات التي تمكن معالجتها، ومنها طول مدته (18 يوماً). هذا الطول قد يُشكّل عبئاً على بعض أفراد الجمهور الذين يجدون صعوبة في متابعة العروض السينمائية المتتالية. لذلك، قد يكون من المفيد تقليص المدة الزمنية للمهرجان وتركيز الفعاليات على فترة زمنية أقصر وأكثف، مع زيادة عدد العروض في اليوم الواحد.

المساهمون