يتولّى مهدي كركوش، المتحدر من الجزائر الذي برز اسمه سريعاً في مجال الرقص خلال السنوات الأخيرة، إدارة معهد وطني للرقص في فرنسا، بالإضافة إلى مرافقته المغنية أنجيل في جولتها الفنية وإحيائه عرضاً راقصاً جديداً.
ويحلم كركوش، الذي بدأ يرقص وهو في سن السادسة، بعالم يصبح الرقص فيه مُتاحاً للجميع. وحصد الشاب الذي استرعى انتباه أوبرا باريس قبل عامين، شهرةً من خلال ظهوره عبر الإنترنت خلال فترات الحجر الصحي المرتبطة بجائحة كوفيد-19.
ويقول كركوش (36 عاماً): "لو كنت وزيراً للتربية والتعليم، لفرضت من دون تردد الرقص في برامج المدارس كلها!"، مضيفاً: "ينبغي أن نوفر للناس فرصةً لكي لا يتوقفوا عن الحلم ويبتعدوا" عن الهموم.
وبدأ كركوش، المتحدر من بيئة متواضعة، يحلم بالرقص من خلال ارتياده مسرح جان فيلار في المنطقة الباريسية، والواقع قرب المنزل الذي أمضى فيه طفولته في رويوي مالميزون.
ويقول الراقص ذو الشعر المجعّد إنّ "أحد العروض الأولى التي شاهدتها كانت هنا!"، في مرحلة كان والداه عاجزين خلالها عن تحمل تكاليف هذا النوع من النشاطات.
العودة إلى الجذور
على هذا المسرح، افتُتح مهرجان "سورين سيتيه دانس" أخيراً بـ"بورتريه"، أحدث عروض كركوش، بعد تسعة أسابيع من التدريبات.
ويتّخذ عرض "بورتريه" الراقص من الأسرة موضوعاً، ويشارك فيه تسعة راقصين من مختلف الأعمار والخلفيات مرتدين ملابس بدرجات الرمادي، ليجسدوا مزيجاً من الأجيال على موسيقى للمؤلفة لوسي أنتون.
ويقول كركوش: "يجلسون حول طاولة وعليهم التحدث رغم كل شيء. أرى أنّ هذا ما يحدث تحديداً داخل الأُسر".
ويبدو العرض الراقص "غريباً جداً وينطوي على حميمية كبيرة"، وخاصةً أنّ كركوش عاد إلى مسرح طفولته واستلهم من تجربته للتطرق إلى مشاعر كالرفض أو الغياب.
ولم يكف كركوش خلال مسيرته عن الدفاع باستمرار عن الرقص باعتباره "وسيلة ضرورية لقبول الواقع كما هو".
وبدافع من هذه الرغبة، تولى مصمم الرقص في أوائل يناير/ كانون الثاني إدارة المركز الوطني للرقص في كريتاي وفال دو مارن في ضواحي باريس، ويؤكد أنّه تولى مهامه الجديدة "بثقة" و"طموح".
ومشروعه الفني بسيط، ويقول كركوش في هذا الصدد: "سأستمر في تطوير كل ما أنجزتُه مع شركتي EMKA" التي انطلقت عام 2017، مضيفاً: "كتسليط الضوء على فنانين محترفين وناشئين على السواء لجعل الإبداع في متناول الجميع، بالإضافة إلى دعم مصممي الرقص الذين يرغبون في تطوير أعمالهم ويفتقدون إلى الأدوات اللازمة".
وسيعيد في بادئ الأمر تنظيم مهرجان "أون دانس شي فو!" الذي تميّزت نسخته الأخيرة برقصات مرتجلة ودروس في الرقص.
ولاقى مهدي كركوش شهرة خلال فترات الحجر الصحي المرتبطة بجائحة كوفيد-19، إذ ضجّت مواقع التواصل بمقاطع فيديو معدّلة نشرها عبر المنصات. ونظّم مسابقة للرقص عبر الإنترنت حصدت 15 ألف يورو جرى التبرع بها لمؤسسة المستشفيات في باريس، وتلقى بفضل ذلك مكالمة هاتفية من السيدة الأولى بريجيت ماكرون هنّأته فيها على خطوته هذه.
كما يتعاون كركوش مع مغنيين نجوم، من أمثال أنجيل التي يرافقها في جولة غنائية لألبومها الأخير "نونانت-سانك"، إضافة إلى تصميمه العروض الراقصة الخاصة بحفلتي توزيع جوائز "فيكتوار دو لا موزيك كلاسيك" و"سيزار" لعام 2022.
ولا يعود نجاحه إلى موهبته في الرقص فحسب، ويقول: "أنا شغوف جداً، وكل ما أنجزتُه خلال مسيرتي من عروض موسيقية إلى رقصات هيب هوب والغناء والتعليم، ساهمت في بناء الفنان المتعدد التخصصات الذي أنا عليه اليوم"، مشيراً إلى أنّه يرى نفسه "في المكان المناسب" حالياً.
(فرانس برس)