منصات البث التدفقي تتسابق على أفريقيا

19 فبراير 2023
المخرجة السنغالية ليلى سي أثناء تصويرها فيلماً لمنصة نتفليكس (فرانس برس)
+ الخط -

في حرب محمومة على المشتركين، تبحث "نتفليكس" و"ديزني بلس" و"أمازون برايم فيديو" عن الأرباح، بعيداً عن أميركا الشمالية وأوروبا. ومع زيادة سرعة الإنترنت في أفريقيا، وتزايد عدد السكان الشباب، والطبقة المتوسطة المتنامية، توفر القارة السمراء فرصة لهذه المنصات.

من المتوقع أن تصل اشتراكات الفيديو عند الطلب في أفريقيا إلى 13.7 مليون دولار عام 2027 مقارنة بـ4.89 ملايين في 2021، مع زيادة الإيرادات ثلاث مرات من 623 مليون دولار في 2021 إلى ملياري دولار في 2027.

لكن أفريقيا ليست أرضاً عذراء من ناحية منصات البث. تواجه المنصات الأميركية منافسة من مثيلاتها الأفريقية مثل "شوماكس" التي لديها أكثر من 861 ألف مشترك في أكثر من 40 دولة أفريقية، بالإضافة بريطانيا وفرنسا وأستراليا، إلى جانب شركات التلفزيون القديمة التي تقدم أيضاً منتجات اشتراك للأجهزة المحمولة.

يتنافس اللاعبون في القارة على جبهات مختلفة، بما في ذلك المحتوى وتجربة المستخدم التي تشمل اعتبارات الباقة وسهولة الدفع في سوق معقدة.

وفي معظم أنحاء شرق أفريقيا، يعتبر الدفع عبر الهاتف المحمول خياراً مفضلاً بشكل كبير، ويؤثر على قرارات المستهلكين عند اختيار منصات البث، كما أن إنترنت الهاتف هي طريقة الاتصال بالنسبة لمعظم المستخدمين الأفارقة بالشبكة.

وتقدّر منظمة النظام العالمي للاتصال بالهاتف المحمول أنه بحلول 2025 سيكون هناك 613 مليون مشترك فريد في الهواتف المحمولة، أي نصف السكان، ما يعني أن أفريقيا هي السوق الأول للهاتف المحمول. لذلك ستكون تكلفة الباقة اعتباراً رئيسياً لشركات البث. وفي جنوب أفريقيا، على سبيل المثال، يتمتع أكثر من 90 في المائة من السكان بإمكانية الوصول إلى الإنترنت عبر الموبايل، بينما يمتلك أقل من 10 في المائة من الأشخاص خدمة الإنترنت الثابتة غير المقيدة.

على مدى السنوات القليلة الماضية، فتحت خدمات البث، مثل "نتفليكس"، أعينها على القيمة التي تكمن في إنتاج المحتوى المحلي، وهو خروج عن قاعدة الترويج لمحتوى عالمي أكثر شهرة في أفريقيا مع شراء بعض المنتجات المحلية. وكثفت الاستثمار في برامج الواقع المحلية المختلفة والكوميديا والدراما التي تدور أحداثها في أنحاء أفريقيا كافة.

هذه الاستراتيجية مدعومة ببيانات تثبت شعبية المنتجات المحلية لدى الجماهير. في "شوماكس" التي تضم أعمالاً عالمية مثل Succession وTop Gun: Maverick، كانت العناوين الأكثر مشاهدة في 2022 هي إنتاجات أفريقية محلية بأغلبية ساحقة.

ونقل موقع كوارتز عن المديرة التنفيذية لـ"شوماكس"، يوليسا باهل، أن "جمهور المنصة يفضل المحتوى المحلي، بنسبة سبعة من أكثر 10 أعمال مشاهدة في جنوب أفريقيا، وثمانية من أفضل 10 إنتاجات في كينيا ونيجيريا، وتسعة من أفضل 10 أعمال في غانا العام الماضي".

سينما ودراما
التحديثات الحية

منذ عام 2019، و"نتفليكس" تضخ الأموال في الأعمال الأفريقية الأصلية، بينها برنامج تلفزيون الواقع Young Famous and African الذي يضم مشاهير من جميع أنحاء القارة، ودراما الجريمة للمراهقين Blood and Water، ودراما الجريمة Queen Sono، بالإضافة إلى أعمال أخرى وإنتاجات قديمة اشترت حقوقها المنصة.

في الآونة الأخيرة، وقعت المنصة اتفاقيات الشراكة متعددة المشاريع مع صانعي الأفلام الأفارقة وشركات الإنتاج الرائدة. وتتضمن قائمة أفلام 2022 و2023: The King’s Horseman وLudik، وThe Brave Ones وKings of Queenstown.

وبينما انخفض الإنفاق العالمي لـ"نتفليكس" على المحتوى بنسبة 5 في المائة في 2022، فإن خدمة البث تنفق أكثر من أي وقت مضى على المحتوى الأفريقي الأصلي. ووفقاً لرئيسة "نتفليكس" للإنتاجات الأصلية الأفريقية، دوروثي غيتوبا، فإن المنصة تبحث أعمالاً من القارة يمكن أن تشبه في صداها العالمي مسلسل "لعبة الحبار" الكوري. وقالت في أغسطس/ آب من العام الماضي: "نعتقد أن أفريقيا هي واحد من المراكز الإبداعية الرئيسية لرواية القصص الرائعة التي يتردد صداها في جميع أنحاء العالم، لذلك من المنطقي لنا زيادة استثماراتنا في قائمتنا بقائمة أكثر إثارة" .

وفي أفريقيا، كان لدى "نتفليكس" ما يقدر بنحو 2.6 مليون مشترك في نهاية عام 2021، أو 1.1 في المائة فقط من قاعدة المشتركين العالمية. من المتوقع أن ينمو العدد الإجمالي لمشتركي "نتفليكس" في أفريقيا إلى 5.6 ملايين مشترك بحلول عام 2026.

بدورها، أثبتت "شوماكس" أنها إحدى أكبر منافسي "نتفليكس" في الأسواق الأفريقية، بما في ذلك نيجيريا وجنوب أفريقيا وكينيا وغانا. تمتلك الشركة الأم مالتي تشويس أيضاً DSTV، وهي أكبر خدمة تلفزيونية مدفوعة في القارة بـ22 مليون مشترك.

وقد منحها هذا تفوقاً على المنافسات، نظراً لفهمها المحلي للسوق والوصول إلى قائمة محتوى واسعة وحقوق البث. ووفقاً للشركة، تعد "مالتي تشويس استوديوز" أكبر منتج للمحتوى الأصلي في أفريقيا، مع أكثر من 73 ألف ساعة من العناوين المنتجة والمطلوبة في مكتبتها، بـ 22 لغة.

ويتراوح المحتوى المحلي على "شوماكس" بين برامج تلفزيون الواقع مثل Temptation Island South Africa وBig Brother وسلسلة Real Housewives، والمسلسلات مثل Pepeta وCrime and Justice وBlood Psalms وCrime and Justice Lagos.

تشتمل عروض "شوماكس برو" على الأخبار والرياضات الحية الشهيرة مثل الدوري الإنكليزي الممتاز، والدوري الإسباني، والدوري الإيطالي لكرة القدم، ودوري جنوب أفريقيا الممتاز، إضافة إلى الأحداث الرياضية الأخرى، مع سيطرة "مالتي تشويس" على حقوق البث في أفريقيا. ولدى "مالتي تشويس" أكثر من 22 مليون مشترك مدفوع عبر 50 دولة في أفريقيا، جمعتهم على مدار ما يقرب من ثلاثة عقود. لذلك اعتاد الأفارقة على الدفع مقابل مشاهدة الأفلام والتلفزيون.

كذلك، تعد "كنال بلس" المملوكة لشركة "فيفندي" الفرنسي، أكبر خدمة تلفزيونية مدفوعة في أفريقيا الناطقة بالفرنسية، كما تدير خدمة الفيديو حسب الطلب "ماي كنال أفريك". لتوسيع قائمتها من الأعمال والجماهير الأفريقية، استحوذت قناة "كنال بلس" على "روك استوديوز" من شركة آيروكو تي في لبث الفيديو التي تركز على نوليوود (السينما النيجيرية) عام 2019.

كان لدى "روك" في ذلك الوقت أكثر من 540 فيلماً و25 مسلسلاً تلفزيونياً أصلياً. كجزء من الصفقة مع "كنال بلس"، ستستمر في إنتاج محتوى لـ"آيروكو تي في" بالإضافة إلى قنوات تلفزيونية محلية ودولية، بما في ذلك "كنال بلس".

كما توسعت "أمازون برايم فيديو" بشكل كبير في أفريقيا خلال فورة توظيف على مدار العامين الماضيين، ووقّعت شراكات مع المنتجين الأفارقة لتكثيف محتواها المحلي. وللاستفادة من نوليوود، تعمل "أمازون برايم فيديو" أيضاً على "استكشاف إمكانات قاعدة عمليات في لاغوس (كبرى المدن النيجيرية) بنشاط".

ونقل موقع مجلة فرايتي عن رئيس قسم الأعمال الأصلية لأفريقيا والشرق الأوسط في "أمازون استوديوز"، نيد ميتشل: "لدينا الآن استراتيجية محتوى محلي مخصصة للقارة في جميع المجالات، بدءاً من الأعمال الأصلية التي سيتم تطويرها وإنتاجها بواسطة أمازون ستوديوز، إلى قائمة ترخيص مثيرة مع كبار المنتجين".

أما "ديزني بلس"، أحد أكبر منافسي "نتفليكس" عالمياً، فقد توسعت في أسواق أفريقية عدة العام الماضي، بما في ذلك جنوب أفريقيا ومصر والجزائر. إضافة إلى المحتوى، يعد تخصيص الخبرات للجمهور الأفريقي والتكيف مع اتجاهات السوق مهماً لخدمات البث. على سبيل المثال، طرحت "نتفليكس" أول خطتها المجانية على الإطلاق في كينيا في عام 2021، في محاولة لجذب المزيد من الأشخاص للتفاعل مع الخدمة، وتصميمها لتشجيع المستخدمين على الترقية إلى المستويات المدفوعة.

وقالت باهل: "يعد المحتوى أمراً أساسياً، ولكن إنشاء تطبيق مع وضع أفريقيا في الاعتبار يساعد أيضاً. كانت شوماكس أول خدمة بث في أفريقيا تجعل التنزيلات عبر الهاتف المحمول ممكنة للمشاهدة في وضع عدم الاتصال وإطلاق خدمة للموبايل فقط، وتقدم حالياً أقل خيار يستهلك الباقة في القارة".

كما دخلت شركات الإعلام القديمة في أفريقيا السباق بمنصاتها الخاصة في محاولة لكسب موطئ قدم.
في كينيا، على سبيل المثال، أطلقت RMS التي تدير أشهر محطات التلفزيون والراديو في البلاد، عام 2017، ViuSasa، التي يتألف معظمها من إنتاجات وموسيقى محلية. في جنوب أفريقيا، أطلقت هيئة الإذاعة العامة SABC خدمة البث المباشر SABC+ في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

المساهمون