ممثل سوري يروي تجربة الترحيل القسري من تركيا

25 ديسمبر 2023
أسس فرقة "تياتروسين" المسرحية في تركيا (من الممثل)
+ الخط -

آمال كبيرة رسمها الممثل المسرحي المعتصم الخالدي عندما قرر قبل عامين التأسيس لحياة جديدة في تركيا، بعد خروجه من مدينته حمص وسط سورية. لكن الترحيل القسري الذي وصفه بـ"التعسفي والجائر" عرقل خططه.

عاش الخالدي (26 عاماً) الحصار في حي الوعر بمدينته حمص، لكنه نجح، في نهاية المطاف، بالوصول إلى ولاية ماردين التركية ومنها إلى إسطنبول، حيث أسس فرقة "تياتروسين" المسرحية التي قدمت ثلاثة عروض خلال ثلاثة أعوام ونصف، منها "أبطال من ورق" الذي لعب بطولته بنفسه.

وقال الخالدي، لـ"العربي الجديد"، إن الأعمال التي قدمتها الفرقة لاقت إقبالاً من الجمهور العربي والسوري في إسطنبول، وكان أفرادها في صدد التحضير لأعمال جديدة، لكن ترحيله إلى سورية أحبط ذلك.

وأوضح الخالدي أنه "قدم عرضاً مسرحياً في 13 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، على هامش معرض الكتاب العربي في إسطنبول، وفي طريق عودته إلى منزله أوقفته دورية تفتيش اعتيادية وطلبت أوراقه الثبوتية".

وقال إنه سلم عناصر الدورية بطاقة حماية مؤقتة (كيملك) صادرة عن ولاية إسطنبول، ومعها تصريح خاص يخوله الإقامة في المدينة التركية، وهو "تصريح زراعة" تقدمه وزارة العمل التركية، ويتم اللجوء له من بعض الذين يمتلكون بطاقة حماية صادرة عن ولاية غير ماردين ويريدون الإقامة فيها.

وتمنع الحكومة التركية وإدارة الهجرة وجود أي لاجئ مسجل في أي ولاية من الإقامة في ولاية أخرى، أو حتى الذهاب لولاية أخرى. ولفعل ذلك، يحتاج الشخص إلى "إذن سفر"، وهو وثيقة لا تعطيها إدارة الهجرة والحكومة إلا في حالات نادرة أخيراً.

وكانت ولاية إسطنبول قد رحّلت ولا تزال تشن حملات ترحيل للاجئين المسجلين في ولاية أخرى، خصوصاً. لكنّ الحكومة التركية لا تعيدهم، كما ينص القانون، إلى ولاياتهم المسجلين فيها، بل ترحلهم عبر المعابر البرية إلى شمال سورية، بعد توقيعهم على أوراق تفيد بـ"الإعادة الطوعية". لكن الكثير من المرحلين ومنظمات حقوقية وإنسانية اتهمت الحكومة التركية بإجبار المرحلين على التوقيع أو البصم على ترحيلهم على أنه "عودة طوعية".

اصطحب عناصر الدورية الخالدي إلى مركز الشرطة حيث صودرت متعلقاته وهاتفه المحمول ومنع من إجراء أي اتصال، ثم وضع في حافلة استقلها الكثير من الأشخاص من جنسيات مختلفة، قبل اقتيادهم إلى سجن في القسم الآسيوي من مدينة إسطنبول، وفقاً لما قاله.

وأضاف الخالدي أنه "تعرض مع الموجودين لكثير من الإذلال والإهانة، لا سيما السوريين الستة الذين كانوا معه". وتابع: "أجبرونا على الجلوس في باحة السجن، ثم أتى موظف يتكلم العربية، وقال إنه علينا العودة إلى سورية، وعندما سألني هل تريد العودة وأجبت بلا، ضربني وصفعني أكثر من مرة. وعندما شهد السوريون الذين كانوا معي هذا الموقف، وافقوا على العودة فوراً كي لا يتعرضوا للضرب والإهانة".

وقال الخالدي إنه تم إجبارهم "على البصم على قرارات الترحيل بالضرب والإجبار، بعد إبقائنا في ساحة السجن في مواجهة البرد. وبعد البصم، نقلونا إلى غرف متسخة مع مرافق غير لائقة للاستخدام الآدمي".

"بعد يومين، نقلوا إلى ساحة مكشوفة في السجن من قبل الشرطة التي بدأت بتصويرهم، وطلبت منهم أن يجيبوا الموظف الذي سيأتي لسؤالهم عمن يريد العودة بأن يرفعوا أيديهم جميعاً" بحسب الخالدي. وأضاف: "عندما أتى الموظف وسألنا لم يرفع أحد يده، لكن مع الضرب والإهانات رفع من معي أيديهم، لكنني لم أرفعها. وعلى الرغم من ذلك، فقد وضعونا في حافلة بعد تقييد أيدينا، وتوجهت الحافلة إلى مخفر حدودي مع سورية في رحلة استمرت 20 ساعة، وبعد وصولنا إلى المخفر قرب مدينة الريحانية الحدودية، نزلنا ونحن مقيدون لنوقع وثائق بالإجبار".

وذكر أن "أحد الأشخاص الموجودين معنا كانت عائلته في تركيا، ورفض التوقيع على الوثائق، فوقعوا بدلاً عنه، ثم في معبر باب الهوى وفي الجانب التركي أخذوا بصمات أعيننا في النقطة التي سيتم تسليمنا من خلالها إلى الجانب السوري، وتم إعطاؤنا بطاقة بيضاء مكتوب عليها مُرحّل".

من إدلب انتقل المعتصم الخالدي إلى مدينة الباب في ريف حلب، لكنه يناشد الحكومة وإدارة الهجرة التركية النظر في قرار ترحيله وإعادته إلى تركيا كي يستكمل حلمه ومشواره في الفن والمسرح.

المساهمون