أصبحت الدراما العربية المشتركة قاعدة أساسية تشغل بال العاملين فيها، وبينهم الممثلون الذين تختارهم أو تفرضهم شركات الإنتاج لتولي بطولة مسلسل يجمع جنسيات عدة. ويبدو أنّ سمة العبور إلى المشاهد باتت ــ برأي الممثلين السوريين تحديداً ــ تفرض شروطاً تتنافى أحياناً مع تطلعات ورؤية الكاتب والمخرج في آن واحد.
شغل مسلسل "الهيبة" لسنوات الجمهور في الوطن العربي، لكن ذلك لم يثنِ شركة إنتاجه "سيدرز آرت برودكشن" (الصبّاح إخوان) عن تنفيذ شروط بطلي الموسم الأول (2017)، وهما اللبنانية نادين نسيب نجيم، والسوري تيم حسن. انسحبت نجيم لاحقاً من العمل، بسبب تضارب في رؤيتها للدور واعتراضها على أن يقاسمها الممثل المرتبة الأولى لنجاح العمل.
في الأجزاء التالية لـ"الهيبة"، حُيّد حسن عن باقي نجوم المسلسل، وقُدّم كحالة خاصة لا يمكن الوصول إليها، وهو أمر رحبت به شركة الإنتاج بناءً على جماهيرية الممثل السوري في الدول العربية، وأبقت له حرية القرار بالتنسيق مع المخرج سامر البرقاوي، ليتحول المسلسل إلى قصة "جبل" البطل الذي لا يقهر.
ورفض البرقاوي عام 2019 رؤية الكاتب السوري فؤاد حميرة الذي طلب رسم شخصية جديدة لـ"جبل" في الجزء الرابع، وكانت الشركة تعتقد أنه سيكون الأخير. اختار حميرة حينها موت "جبل" نهاية السلسلة، وهو ما رفضه البرقاوي، فأُقصي حميرة عن الكتابة، واستعانت الشركة بمجموعة من الكتّاب للجزء نفسه.
في السنوات الأخيرة، بدأ معظم الفنانين السوريين القفز عن النص والرؤية العامة للمسلسل، وكلٌّ بحسب رؤيته ومصالحه. عُرض أوائل هذا الشهر مسلسل "رقصة مطر" (كتابة بيتر صومعة، وإخراج جو بو عيد). لم يكن دور مكسيم خليل بالحجم الذي ظهر فيه في المسلسل، وفقاً لما أسرّ به الكاتب الذي عارض بشدة تدخل بو عيد وخليل في النص، في القضاء على بعض الأبطال المفترض أن يتساووا مع دور "بسام القاضي" (خليل).
كذلك، أصبح حال الممثل قصي خولي الذي دخل سوق الكتّاب أو الأفكار الخاصة بمسلسلات يلعب دور بطولتها. إذ قدّم أخيراً مسلسل "الوسم" من إخراج سيف الدين سبيعي الذي جاء كمحاولة أولى لفرض شروط بطل "خمسة ونص" على سياق الأحداث وتسليط الضوء على الدور المسند إليه بصورة بدت واضحة وتلغي أحياناً كلّ من حوله، مهما كان حجم شهرتهم.
ولا يغيب عابد فهد عن زملائه في محاولات رسم الشخصية الخاصة التي يريدها في المسلسل، وظهر ذلك واضحاً بعد مشاركته في مسلسل "الساحر" (2020) من إخراج عامر الفهد، إلى مسلسل "شتّي يا بيروت" (2021) نص بلال شحادات وإخراج إيلي السمعان الذي أعاد فهد إلى الدراما المشتركة بإتقان، ولم ينافسه أحد من شركائه الممثلين بنسبة المشاهد ولا بالانفعالات.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
