مكافحة الإفراط في الاستهلاك... تيار يتمدّد على "تيك توك"

12 اغسطس 2024
يحقّق "جوهر تخفيف الاستهلاك" شعبية في "تيك توك" (أوتكو أوكراك/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **مكافحة الإفراط في الاستهلاك**: ينظم شباب على "تيك توك" حملات ضد الإفراط في الاستهلاك، متصدين للإعلانات المقنّعة ومقاطع التباهي بالمشتريات، ويروجون للاعتدال في الإنفاق.
- **الترويج للاستهلاك المعتدل**: تشجع منشورات مكافحة الإفراط في الاستهلاك على العودة للمهارات البسيطة، وتوضح أن الإفراط في الاستهلاك يؤدي إلى إجهاد مالي، مما يدفع الناس للبحث عن بدائل مستدامة.
- **البحث عن الاستدامة والبساطة**: يسعى التيار إلى الترويج للجمال في النقص، مع تزايد الوعي البيئي بين الشباب، مما يعكس تغييراً إيجابياً لكوكب الأرض.

ينظّم بالغون شباب عبر "تيك توك" صفوفهم من أجل مكافحة الإفراط في الاستهلاك عبر التطبيق، متصدّين خصوصاً للإعلانات المقنّعة ومقاطع التباهي بالمشتريات، في محاولة لترويج فكرة الاعتدال في الإنفاق والحدّ من النزق الاستهلاكي المنتشر على الشبكات الاجتماعية. فمن تعليم ترقيع الملابس إلى إعادة التدوير مروراً بترشيد الإنفاق واعتماد البساطة في أسلوب الحياة، مقاطع مرتبطة بتيّار يُعرف بـunderconsumption core (جوهر تخفيف الاستهلاك) تحقق شعبية كبيرة على "تيك توك".

وتشجع منشورات مكافحة الإفراط في الاستهلاك على العودة إلى أشكال المتعة والمهارات البسيطة في الحياة، في تناقض صارخ مع المحتوى الشائع عادةً على المنصة. وتشرح المتخصصة في تحليل السلوكيات الرقمية، أنيسة إبرانشار، أن هذه المقاطع "تروّج لأسلوب حياة قائم على الاستهلاك المعتدل: فبدلاً من امتلاك 15 منتجاً للتجميل أو 50 زوجاً من الأحذية، يكفي اقتناء ثلاثة فقط". وتشير إلى أنه في وقت أصبح فيه كل شيء "موضوعاً للاستهلاك، من الخطاب السياسي... إلى العناية بالبشرة"، فإن هذا الاتجاه يشير إلى "الملل من النزعة الاستهلاكية السائدة في المحتوى" المنتشر عبر الشبكات الاجتماعية.

وتقول المؤثرة الأميركية المتخصصة في القضايا المالية والبيئية، كارا بيريز، لوكالة فرانس برس، إنه "عندما يحاول الناس باستمرار بيع شيء ما لك وفي ظل ارتفاع الأسعار، ستعاني في نهاية المطاف إجهاداً مالياً". وتوضح على سبيل المثال إحدى مستخدمات الإنترنت في مقطع فيديو نُشر في يوليو/تموز على "إنستغرام" "أستخدمُ عناصر من الطبيعة لتزيين شقتي، وأغلبُ ملابسي مستعملة". وتُبرز مقاطع فيديو كثيرة قطع أثاث قديمة موروثة من الأجداد، أو ملابس مرقّعة، أو منتجات نظافة منزلية الصنع.

"روتين غير واقعي"

ترى إبرانشار أن هذا الاتجاه يأتي من التعب في مواجهة "الروتين غير الواقعي أو عرض المشتريات بطريقة غير لائقة". ويتجلّى السأم من الإفراط في الاستهلاك بصورة أكثر وضوحاً في الولايات المتحدة، حيث يعاني الشباب ارتفاع الأسعار منذ جائحة كوفيد. ويشعر المستهلكون بـ"الغبن" في سياق جيوسياسي واقتصادي غير مستقر، على ما توضح المتخصصة في تحليل الحركات الاستهلاكية والاجتماعية، تاريرو ماكوني.

وعلى محرك البحث غوغل، سجّلت عمليات البحث المرتبطة باتجاهات "نقص الاستهلاك" ارتفاعاً يناهز الضعف هذا الصيف في الولايات المتحدة، إلى جانب عمليات البحث عن "فائض الإنتاج" و"الكساد الكبير". وبحسب الخبيرات اللواتي تحدثت معهنّ وكالة فرانس برس، تُدرك الأجيال الشابة أنها لا تستطيع مواكبة وفرة المنتجات التي يُروّج لها على الشبكات.

وفي بحثهم عن الهوية، يميل شباب كثر إلى الإفراط في الاستهلاك من خلال استهلاك "قهري" للأزياء التي يمكن التخلص منها والقابلة للاستبدال، بحسب ما أوضحت صانعة المحتوى البريطانية، أندريا تشيونغ، مؤلفة كتاب عن الموضة المستدامة. وعلى حسابها على "إنستغرام" توضح تشيونغ لمتابعيها كيفية ترقيع حتى القطع الأكثر غرابة في خزانة أزيائها، مثل الملابس الداخلية، وتحويل فستان زفاف قديم إلى قميص من دون أكمام.

بساطة واستدامة ضد الإفراط في الاستهلاك

يسعى تيار مكافحة الإفراط في الاستهلاك إلى الترويج لفكرة الجمال في النقص، وهو جزء من البحث عن الاستدامة يتباين مع الاتجاهات السابقة في "إنستغرام" و"تيك توك". تقول تشيونغ: "أود أن يكون هذا أكثر من مجرد ترند"، "لأنه في ما يخص البعض أسلوب حياة".

ولاحظت الخبيرات اللواتي استطلعت وكالة فرانس برس آراءهنّ وجود شهية متزايدة على المحتويات الأصلية التي تبتعد عن الثقافة الكلاسيكية للمؤثرين الذين يدفعون نحو الإفراط في الاستهلاك. وتقول ماكوني إن اتجاهات إعادة التدوير والحفظ "أصبحت أمراً عصرياً". وتشير إلى أن "حركة مشابهة نشأت بعد الانهيار المالي في عام 2008". فقد طوّر عدد متزايد من الشباب وعياً بيئياً، لكن القوة الدافعة الرئيسية وراء هذا الترند تظل القوة الشرائية، بحسب أندريا تشيونغ، التي ترى مع ذلك في هذا المنحى تغييراً إيجابياً لكوكب الأرض.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون