معرض الألعاب الأولمبية... قرن على آخر نسخة فرنسية

05 اغسطس 2024
من دورة الألعاب الأولمبية في باريس عام 1924 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **نشأة الألعاب الأولمبية الحديثة**: يعرض متحف اللوفر معرضًا يسلط الضوء على بداية الألعاب الأولمبية ودور بيار دي كوبرتان في إحياء المنافسات الرياضية اليونانية القديمة وتنظيم أول دورة حديثة في أثينا عام 1896، ويحتفي بمرور مائة عام على آخر دورة نظمتها فرنسا عام 1924.

- **التصور البصري للألعاب الأولمبية**: قدم الرسام إميل جيليرون أول تصور بصري شامل لدورة الألعاب الأولمبية الحديثة، مستلهمًا تصميماته من التراث اليوناني القديم، وصمم جوائز الفائزين والشعارات والملصقات والطوابع البريدية لأول دورة عام 1896.

- **الاستلهام من التراث اليوناني**: استلهم المصمم ميشيل بريال تصميم الكأس من مزهرية رخامية، ويعرض المعرض نسخة طبق الأصل من هذه المزهرية وأول كأس فضية، بالإضافة إلى حفلات موسيقية واستعراضات غنائية محاكية للمسابقات الأولمبية القديمة.

كيف نشأت فكرة الألعاب الأولمبية الحديثة؟ ومَن ساهم في تشكيل ملامحها؟ وما هو الدور الفرنسي المحوري في تنظيمها؟ هذه التساؤلات وغيرها تمثل محاور رئيسية للمعرض الذي ينظمه متحف اللوفر حتى 16 من سبتمبر/أيلول المُقبل تحت عنوان "الألعاب الأولمبية: الإرث القديم... والابتكار الحديث". 
يوفر المعرض لزواره سجلاً حافلاً من البيانات والمعلومات المُتعلقة ببداية الألعاب الأولمبية ومرجعيتها القديمة. لكن الأمر لا يقتصر هنا على السرد التاريخي والمعلوماتي وحسب، إذ سيتمكن زوار المعرض من مطالعة الكثير من المعروضات التاريخية المهمة التي تربط بين المسابقات الأولمبية القديمة والمسابقات الحديثة.

دور بيار دي كوبرتان في الألعاب الأولمبية

يلقي المعرض الضوء على البدايات الأولى لأكبر مسابقة رياضية وأكثرها مشاهدة في العالم، كما يحتفي بمرور مائة عام على آخر دورة نظمتها فرنسا عام 1924 (استضافتها أول مرة عام 1900). ويُعد المعرض جزءاً من البرنامج الثقافي للألعاب الأولمبية والبارالمبية لعام 2024، وهو برنامج شامل تُشارك فيه العديد من المؤسسات الفنية والثقافية الفرنسية، ومن بينها متحف اللوفر.
من المعروف أن هذا الحدث الدولي المهم كان من بنات أفكار الباحث والمُثقف الفرنسي بيار دي كوبرتان (1863 - 1937)، الذي يطلَق عليه الأب الروحي للألعاب الأولمبية الحديثة. تزعّم كوبرتان الدعوات المُطالبة بإحياء المنافسات الرياضية اليونانية القديمة، حتى تحقق حلمه في النهاية بتنظيم أول دورة أولمبية حديثة عام 1896 في أثينا. وقد ساهم مع آخرين في وضع التصورات الأولية للألعاب الأولمبية الحديثة وهو مُصمم لأبرز رموزها.
التف حول كوبرتان عدد من الأشخاص المؤمنين بفكرته من تخصصات مختلفة، بينهم علماء آثار، وعلماء لغة، ورياضيون، وفنانون، ومصورون، وخبراء في التصوير السينمائي. كانت وظيفة التخصّصين الأخيرين ترجمة الحركات المرسومة على القطع الأثرية إلى حركات حية.

أول تصور بصري شامل

بين أبرز هذه الشخصيات التي ساندت كوبرتان في دعوته يأتي الرسام الفرنسي السويسري إميل جيليرون (1850-1924) وهو صاحب أول تصور بصري شامل لدورة الألعاب الأولمبية الحديثة. تدرب جيليرون في مدرسة الفنون الجميلة في باريس، وعُين رساماً رسمياً لأول دورة ألعاب أولمبية عام 1896، فوضع تصميم جوائز الفائزين وصمم الشعارات والملصقات المصاحبة لهذه الدورة، كما وضع تصميمات لعشرات الطوابع البريدية التي صدرت بهذه المناسبة. استلهم الفنان تصميماته تلك من الرسوم والمنحوتات والزخارف اليونانية القديمة، والتي تمرّس على رسمها أثناء عمله رساماً في بعثات التنقيب عن الآثار. 
يشير المعرض إلى أن الألعاب الحديثة ليست تكراراً حرفياً للمُسابقات القديمة لسبب بسيط، هو أن النصوص التي تتحدث عن هذه الألعاب كانت شحيحة للغاية، كما أن الرسومات التي صورت هذه الألعاب لم تكن كافية بالطبع. وقد سعى بيار دي كوبرتان بمساعدة عدد من خبراء اللغة والآثار والتصوير إلى إعادة تصور هذه الألعاب بناءً على ما تم العثور عليه من آثار، وما وصل إلينا من نصوص تتحدث عن هذه الاحتفالات الرياضية القديمة. لم يكن لسباقات الماراثون مثلاً أي وجود قبل عام 1896، وقد استلهمها كوبرتان من الرسوم التي زينت بعض القطع الأثرية.
يضم المعرض واحدة من هذه القطع الأثرية المهمة التي ألهمت الباحث الفرنسي قواعد سباقات الماراثون، وهي عبارة عن إفريز عليه نقش بارز يصور مجموعة من الرجال وهم يركضون. بين المعروضات أيضاً توجد لوحة جصية مستطيلة الشكل مُزينة بنحت بارز لمجموعة من الأطفال وهم يمارسون رياضات مختلفة، وهي الرياضات نفسها التي اعتمدتها اللجنة الأولمبية الأولى ويطلق عليها اليوم الألعاب الخماسية: الرماية والمبارزة والسباحة والفروسية والعدو.

حول العالم
التحديثات الحية

التراث اليوناني

لا يقتصر الاستلهام من التراث اليوناني القديم على المنافسات الرياضية فحسب، بل يمتد كذلك إلى التفاصيل الأخرى المرتبطة بهذه السباقات، كالكأس التي توزع على الفائزين مثلاً. تعد الكأس من بين العناصر المبتكرة والمصاحبة للألعاب الأولمبية، إذ لم يكن توزيع الكؤوس من الأمور المُتبعة في المسابقات الرياضية الحديثة قبل عام 1896. وكان أول من وضع تصورا للكأس كجائزة للاعبين هو عالم اللغويات والمصمم الفرنسي ميشيل بريال (1932 - 1915)، الذي صمم الجائزة على هيئة كأس للشرب لها قاعدة واسعة وبدن مرتفع، مع زخارف نباتية وحيوانية. هذا التصميم الذي وضعه بريال كان مستلهماً من إحدى القطع الأثرية التي عُثر عليها في ذلك الوقت، وهي عبارة عن مزهرية من الرخام على هيئة كأس. يضم المعرض نسخة طبق الأصل من هذه المزهرية إلى جانب أول كأس تم توزيعها في الأولمبياد، وهي الكأس الفضية التي صممها بريال وصنعها صائغ فرنسي مجهول. من بين التفاصيل الأخرى المستلهمة من التراث اليوناني القديم تأتي هذه الحفلات الموسيقية والاستعراضات الغنائية التي يتم تقديمها للجمهور في بداية كل دورة. يُظهر المعرض كيف أن هذه الحفلات والاستعراضات المُلازمة لدورات الألعاب الأولمبية الحديثة ما هي إلا محاكاة لما كان متبعاً في المسابقات الأولمبية القديمة، التي كانت تبدأ بالترانيم المُخصصة لتمجيد الإله زيوس.

المساهمون