مصممات هاويات يقتحمن عالم الموضة سعياً إلى أزياء مستدامة

21 فبراير 2022
روزي سكوت وهانا سيلفاني تبيعان أقمشة من تصاميم غير مباعة (دانيال ليل/ فرانس برس)
+ الخط -

من السراويل الرياضية المريحة إلى فساتين الصيف، صنعت ليا بايكر بنفسها في شقتها اللندنية معظم ما تحويه خزانة ملابسها، وباتت بذلك واحدة من مجموعة خياطات شابات هاويات ينتقدن أوساط الموضة ويأخذن عليها ما تسببه من أضرار للبيئة.

وتقول ليا بايكر، وهي طالبة دكتوراه في علم الأعصاب تبلغ من العمر 29 عاماً: "أردت أن أصبح مستقلةً عن الملابس الجاهزة". ومثّل رفضها لـ"الموضة السريعة" التي تشمل ملابس رخيصة تُرمى بسرعة، نقطة انطلاق لها في تصنيع الملابس، إذ بدأت عام 2018 بتصنيع حقائب صغيرة.

وبعد أربع سنوات، أصبح نحو "80 في المئة من الملابس داخل خزانتها" من إنتاج يديها، بدءاً من ملابس النوم وصولاً إلى المعاطف الصوفية الطويلة، ومروراً بسراويل الجينز المصنوعة من بقايا قماش الدنيم التي جمعتها من أفراد عائلتها.

وتقول لوكالة فرانس برس مرتديةً فستاناً طويلاً صنعته بنفسها، إنها لم تعد تشتري الملابس الجديدة إلّا "نادراً جداً".

وتمثل صناعة الأزياء والمنسوجات ثالث أكثر القطاعات تلويثاً في العالم بعد قطاعي الغذاء والبناء، إذ هي مسؤولة عمّا يصل إلى 5 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة، وفق تقرير نشره قبل عام منتدى دافوس الاقتصادي.

وتُتّهم العلامات التجارية التابعة للأزياء المنخفضة الكلفة بالإهدار والتلوث اللذين تولّدهما، وتوجه إليها انتقادات أيضاً في شأن ظروف عمل عمّالها وأجورهم.

تصنيع الملابس يستعيد شعبيته

وتعرف تارا فيغو "الموضة السريعة" جيّداً، إذ عملت مصممةً في هذا المجال طوال 15 عاماً، قبل أن يخيب أملها، وتقول "كنت أرى كمية الملابس التي تدخل إلى المستودعات وتخرج منها، كانت هائلة".

وقررت عام 2017 أن تعدّ بنفسها رسوم التصاميم قبل المباشرة بتصنيعها، وكانت تأخذ وقتها في ذلك، إذ تبيع نموذجاً واحداً فقط في المتوسط سنوياً، في حين كان يُطلب منها سابقاً أحياناً تصنيع "أربعة نماذج في اليوم".

وتقول "لا أعتقد أنّ H&M ستقفل أبوابها غداً"، لكن "بمجرد أن تعرف كيف تصنّع الملابس، لن تتقبّل أن تكون كلفة القميص ثلاثة جنيهات إسترلينية"، أي نحو أربعة دولارات.

وتشير رايتشل ووكر، وهي من مؤسسي موقع "ذي فولد لاين" الذي انطلق عام 2015 ويضمّ مصممين مستقلين، إلى أنّ بدلة "زادي" من تصميم تارا فيغو هي حالياً من بين أكثر القطع مبيعاً في الموقع.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Evelyn Wood (@evelyn__wood)

وبعدما كانت تشمل هذه المنصة عشرين مصمماً عند انطلاقها، أصبحت تضم حالياً أكثر من 150 مصمماً.

وتشير روزي سكوت وهانا سيلفاني، اللتان تبيعان في مشغلهما في لندن أقمشة من تصاميم غير مباعة، إلى أنّ شعبية تصنيع الملابس خصوصاً بين صفوف الشباب عادت.

وتقول روزي سكوت "زبائننا شباب، هذا شيء مؤكّد (...) ويريدون تصنيع ملابسهم بأنفسهم وجعلها مستدامة".

ويستطيع زبائن المشغل، الذين تمثل النساء والمصممات الهاويات 90 في المئة منهم، اختيار الأقمشة التي يريدون من بين 700 نموذج تتنوّع ألوانها والمواد المستخدمة في تصنيعها، ويُباع متر القماش المصنوع من القطن بـ10.90 دولارات، بينما يباع المتر المصنوع من الدانتيل بـ150 دولاراً.

ولم ينخفض الطلب الذي شهد ارتفاعاً خلال جائحة كوفيد-19، رغم رفع القيود الخاصة بالوباء.

بفضل إنستغرام

وتعتبر روزي سكوت أنّ ازدهار القطاع ما كان ليتحقق لولا إنستغرام، إذ جعل المصممون عبر هذه المنصة فكرة تصنيع الملابس "أمراً "ممتعاً" بعدما كان يُنظر إليها عكس ذلك.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by Lesley Lucas (@sewlesley)

وتشير روزي إلى أنّ الأشخاص يتمتعون عبر إنستغرام بفرصة عرض تصاميمهم وإجراء مناقشات في ما بينهم.

وهذا ما دفع ليا بايكر للجوء إلى المنصة، حيث تعرض حالياً تصاميمها، وتقول "لكل تصميم وسم خاص به، ويمكنني من خلال الوسم أن أجد أشخاصاً صنعوا التصميم نفسه وأتخيّل كيف سأبدو إذا ارتديته بنفسي".

واستخدم ناشطون عبر الإنترنت وسم #Zadiejumpsuit التابع لتارا فيغو، في نحو 11 ألف منشور ظهرت فيها نماذج عدّة من البدلة، كذلك المصنوع من المخمل أو القطن، أو بدلة بأكمام أو حتى من دونها. أما وسم #handmadewardrobe ("خزانة ملابس لتصاميم مخيطة يدوياً")، فذُكر في نحو 900 ألف منشور.

وتقول ليا "نرى أشخاصاً مذهلين كثيرين يصنعون ملابس جميلة، ما جعلني أدرك أنّني أستطيع تصنيعها بدوري".

وتمكّنت الشابة بفضل تصميماتها الكثيرة من إقناع أصدقائها بأن يُباشروا في تصنيع ملابسهم بأنفسهم، وتعتبر أنّ هذا الأمر هو أكثر ما تفخر به.

(فرانس برس)

المساهمون