استمع إلى الملخص
- **تنوع التراث الموسيقي**: يقدم الثنائي أغاني من التراث العربي المتنوع، بشرط أن تكون غير معروفة للجمهور، مع شرح معانيها لتعزيز فهمهم وتقديرهم للتراث.
- **نجاح العروض وتوسع الجمهور**: حققت الفرقة نجاحاً ملحوظاً في عروضها، واستقطبت جمهوراً متنوعاً، مع خطط لتوسيع قاعدة جمهورها وإصدار فيلم وثائقي عن تجربتهم.
من غاليري حيفا في منطقة الزمالك العريقة في القاهرة، انطلق مشروع فرقة جذور الغنائي. يقول أحمد الرفاعي، مؤسس "جذور"، إن الفكرة جاءت عفوياً، ليقيم هو وشريكه الملحن وعازف العود محمود العطار أولى حفلاتهم في يناير/كانون الثاني الماضي.
غني الرفاعي (36 عاماً) لأول مرة محترفاً مع فرقة سماع للإنشاد الصوفي، إذ سبقه أخوه الأكبر الذي عمل منشداً في الفرقة. هكذا، تعرف الرفاعي إلى فرقة "الأولة بلدي" التي أسسها تلميذ الشيخ إمام وصديقه، الشيخ علاء إبراهيم، وامتازت بتقديم أعمال الشيخ. يعمل الرفاعي طبيباً في مشروع تابع لهيئة إنقاذ الطفولة الدولية، ولم تمنعه دراسته للطب ولا عمله عن متابعة طموحه الفني وتنمية موهبته، التي تعرف عليها في البداية من خلاله السماع، إذ تربى في أسرة لا تنقطع إذاعتها عن أصوات المقرئين المنشاوي وعبد الباسط ومحمود علي البنا ومصطفى إسماعيل، إلى جانب منشدين مثل النقشبندي ومحمد عمران، ومغنين من أمثال أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب.
انطلق الرفاعي بعد أن نضجت شخصيته الفنية إلى تأسيس مشروع خاص به، فكانت له محاولات لتقديم الأغاني التراثية بصورة جديدة، مع فرقة بريطانية اسمها رباعي أوتار بوتلينغ، قدم معها الرفاعي الأغاني التراثية على نغمات آلاتهم الغربية، وأقاموا عدة حفلات في 2017 ضمن هذا المشروع.
يقدم الرفاعي مع صديقه الشاعر وعازف العود محمود العطار مشروعاً مختلفاً هذه المرة، فيشتركان في تقديم أغان من التراث، وإن اشترطا فيها أن تكون غير معروفة للجمهور. وإلى جانب التراث المصري، يضمان أيضاً إلى مشروعهما أغاني من التراث الشامي والعراقي والسوداني والخليجي والمغربي، ليمسي كل التراث العربي مادة لمشروع جذور.
في هذا الجانب، يبرز دور محمود العطار عازف العود والملحن، وهو أيضاً شاعر، كما حرضه شغفه بالموسيقى على الكتابة عنها والبحث فيها، فصدر له في هذا المجال مؤلف هو "حلاج الأوتار"، وهو بصدد نشر كتاب ثان في الموسيقى. يحكي العطار خلال جلسات وحفلات "جذور" حكايات الأغاني التي يغنيها الرفاعي، ويشرح للجمهور أيضاً معاني بعض الألفاظ غير المفهومة إذا كانت الأغنية بإحدى اللهجات العربية.
يقول الرفاعي إن المعيار الأهم في اختيار تلك الأغاني هو اتفاقهما على قيمة العمل وإحساسهما به، مع تركيزهما بالطبع على الأعمال غير المعروفة. يرى أن ذلك يكفل قيمة لمشروعهما على اعتبار أن الجمهور يتعرف من خلالهما إلى تلك القمم الفنية، وإن كان هناك بعض الاستثناءات، لكن أغلب أغانيهما تلتزم بهذا الشرط، لا يمنعهما عن القيام بذلك صعوبة العمل من حيث ألفاظه وكلماته التي تكون بلهجة غير مصرية ولا صعوبة اللحن أيضاً، فهناك مقامات مستخدمة في عدد من الدول العربية ليست شائعة الاستخدام وغريبة على الأذن المصرية.
وإلى جانب أحمد الرفاعي ومحمود العطار، هناك عضو ثالث في الفريق يتولى كل ما لا يخص الموسيقى. يتحدث الرفاعي عن هبة صادق التي كانت أول من اقترح أن يحوّلا جلساتهما الغنائية في غاليري حيفا الذي تتوزع فروعه بين الزمالك ومصر الجديدة والمنصورة إلى عمل منظّم.
سبقت البداية التي استضافها غاليري حيفا فترة إعداد، أقاموا خلالها عروضاً ناجحة تدشيناً لمشروعهم، أبرزها حفل شهر إبريل/نيسان الماضي في كلية الفنون التطبيقية في جامعة حلوان. عن هذا الحفل، يقول الرفاعي إنه كان متخوفاً من نجاحه، نظراً إلى أن الجمهور من الطلبة صغار السن، لكنه فوجئ بتجاوب غير عادي، مع الأغاني التراثية التي قدموها خاصة تلك المرتبطة بفلسطين، مثل "يا ظريف الطول"، و"وين ع رام الله"، و"على دلعونا"، و"والله لازرعك بالدار"، و"ع الأوف المشعل". كان العرض، كما يقول الرفاعي، من ذلك النوع الذي "ترغب أن تغني به حتى من دون أي مقابل، لتسعد الجمهور وتسعد معه".
هناك حفل آخر أقامته "جذور" في المركز الثقافي النمساوي، تعرفوا من خلاله إلى جمهور مختلف، ليستقطبوا عدداً منهم أصبح يتتبع حفلاتهم الدورية التي يقدمونها في غاليري حيفا. استمع الجمهور إلى الرفاعي وهو يضرب على الرق برفقة عود العطار أغاني مثل "آه يا حلو يا مسليني"، و"النبي ياما"، و"مالك يا حلوة مالك"، من التراث السوري، إلى جانب أغانٍ للشيخ إمام، وأخرى من التراث التونسي والعراقي.
خلال الفترة المقبلة، سيصدر فيلم وثائقي قصير عن "جذور" من إخراج عمرو حسين، الذي أعجبته الفكرة عندما حضر أحد عروض المشروع. يطمح مؤسسو "جذور" إلى تكوين قاعدة جماهيرية في القاهرة، وأن ينتقلوا مستقبلاً بالتجربة إلى المحافظات المختلفة، مستهدفين جمهوراً يرغب في استكشاف مساحات جديدة ومختلفة في الموسيقى، لكن في المقابل أعرب الرفاعي أنهم حريصون على طابع العفوية والبساطة المميز لمشروعهم، لهذا لن يتعجلوا خطواتهم المقبلة.