مشروع الحكومة الإسرائيلية للسيطرة على الإعلام

20 يوليو 2023
مراسل تلفزيون إسرائيلي على الحدود مع قطاع غزة، 2018 (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -

بعدما طرحت خطة التعديلات القضائية الهادفة إلى تقليص صلاحيات الجهاز القضائي، تتجه حكومة بنيامين نتنياهو إلى سن تشريع من المتوقّع أن يساهم في إحكام سيطرتها على وسائل الإعلام في إسرائيل، مما أثار ردود فعل غاضبة في الأوساط الإعلامية والمعارضة.

فقد أعلن وزير الاتصالات الليكودي شلومو كرعي الاثنين خطته "لإصلاح" قطاع الإعلام. وتضمنت الخطة بنوداً تلغي وجود المؤسسات الرقابية المستقلة التي تشرف على الإعلام، وتحديداً الإعلام التلفزيوني. في الوقت ذاته تمنح خطة كرعي تسهيلات كبيرة لقنوات التلفزيون التي تتحدث باسم اليمين الإسرائيلي، وتحديداً قناة 14، سواء على صعيد الإعفاء من دفع الملايين من الضرائب والمستحقات، أو على صعيد عدم تقييد الحدود الجغرافية لتغطية القناة. في المقابل وجهت الخطة ضربة قوية لسلطة البث الجماهيري "كان" التي تضمّ عدداً من القنوات والإذاعات، إذ حظرت على الإذاعات التابعة لها بث الإعلانات التجارية مما سيؤثّر بشكل كبير على عائداتها المالية. وفي بيان صادر عنه، أوضح كرعي أنه سيتم سن تشريع يضفي شرعية على خطته "لإصلاح قطاع الإعلام"، مشيراً إلى أنه سيعمل على تمرير مشروع القانون في الكنيست حتى قبل نهاية العام الحالي. وتنص الخطة على حل كل من السلطة الثانية التي تشرف على قنوات التلفزيون التجارية، ومجلس قنوات الكوابل والقنوات الفضائية، وهما مؤسستان مهنيتان مستقلتان، وتشكيل مجلس بديل عنهما تكون للحكومة سيطرة مطلقة فيه.
وبحسب الخطة، فإن المجلس البديل سيتشكل من تسعة أشخاص تشرف على اختيارهم لجنة مكونة من وزراء الاتصالات، القضاء والتعليم وثلاثة موظفين يوصي بتعيينهم وزير رابع. وتلغي الخطة شرط الحصول على ترخيص مسبق قبل تدشين قنوات أو مواقع متخصصة بتقديم الأخبار بحجة العمل على زيادة التنافسية في سوق الإعلام، في حين يرى معارضو الخطة أن هذا البند يهدف إلى زيادة حضور القنوات والمواقع والصحف ذات التوجهات اليمينية.

وقد عقّب زعيم المعارضة يئير لبيد على خطة كرعي، قائلاً: "فقط في دول شمولية تسيطر الحكومة على وسائل الإعلام الجماهيرية، كما تهدف خطة كرعي". ونقلت صحيفة يديعوت أحرنوت في عددها الصادر الثلاثاء عن لبيد قوله: "لأنني عملت في مجال الإعلام لمدة 31 عاماً، يمكنني القول إن ما طرحه الوزير كرعي ليس خطة إصلاح، بل اقتراح رشوة قدمها لقناة 14، هذه الخطة تحطم بشكل تام حرية الصحافة، هذه محاولة لتصفية قنوات التلفزيون التي لا تخضع للسلطة".
وواصل لبيد هجومه على خطة كرعي، محذراً من أنه في حال إقرار التشريع الذي طرحه الوزير "فإن الحكومة ستتحكم بكل كلمة يتم نشرها أو بثها ولن يعرف الجمهور الحقيقة مطلقاً". واستذكر لبيد ما قاله الرئيس الأميركي السابق توماس جيفرسون: "حريتنا مرتبطة بحرية الصحافة، وفي حال تم تقييد هذه الحرية فإننا لن نستطيع البقاء".

وقد أصدرت كل من سلطة البث الجماهيري "كان" وشركة كيشت التي تحتكر إعداد وتقديم البرامج في قناة 12 التجارية، وشركة ريشت التي تحتكر إعداد وتقديم البرامج في قناة 13 بياناً، جاء فيه: "تطبيق هذه الخطة المدمرة، التي تتضمن إشرافا ورقابة حكومية تحديداً على قطاع الأخبار في قنوات التلفزيون تماماً كما يحدث في الديكتاتوريات، سيفضي إلى المسّ بشكل خطير بالديمقراطية الإسرائيلية وحرية التعبير والصحافة". وأضاف البيان: "في الوقت الذي تمسّ خطة الوزير بسوق الإعلام الإسرائيلي وتحديداً بالبث العام، فإنها تمنح جهات أخرى تسهيلات لأسباب واضحة"، في إشارة الى التسهيلات التي منحت لقناة 14. وحذّرت جمعية الصحافيين الإسرائيلية في القدس المحتلة من إعفاء خطة كرعي الشركات والأشخاص الراغبين في تدشين قنوات أو مواقع وصحف إخبارية من الحصول على ترخيص مسبق، محذرة من أن هذا يعني تحويل إسرائيل إلى "دولة الأخبار الكاذبة". وكان كرعي قد عبر بشكل واضح عن توجهاته لاستخدام صلاحياته كوزير مسؤول عن قطاع الإعلام في تعزيز حضور ممثلي اليمين والتيار الديني اليهودي في وسائل الإعلام. ففي أواخر مايو/أيار الماضي نقل موقع واللاه عن كرعي قوله إنه معني بأن يكون "ممثل لحزب الليكود وممثل عن التيار الديني الحريدي في كل برنامج تبثه القنوات والإذاعات التابعة لسلطة البث".

المساهمون