مسلسل Shōgun: لحظة وصول القبطان الإنكليزي إلى اليابان

31 يوليو 2024
المسلسل من بطولة هيرويوكي سانادا (FX)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تاريخ وإنتاج المسلسل**: لقب Shōgun كان يُمنح للقائد العسكري الأول في اليابان حتى عام 1867. في 2024، تم إنتاج مسلسل شهير بنفس الاسم، مستندًا إلى رواية جيمس كلافيل، وبُث على منصات مثل "هولو" و"ديزني بلس".

- **قصة المسلسل والشخصيات الرئيسية**: تدور الأحداث في عام 1600 حول القبطان الإنكليزي جون بلاكثورن الذي يصل إلى اليابان ويسعى لبناء تجارة مع إنكلترا. الشخصيات الرئيسية تشمل توروناغا والسيدة النبيلة ماريكو.

- **الإنتاج والتأثير الثقافي**: يمتد المسلسل على عشر حلقات ويُقارن بـ"غيم أوف ثرونز" من حيث الإنتاج. يروي الأحداث من وجهات نظر الشخصيات الرئيسية، مع التركيز على التعقيدات السياسية والثقافية.

Shōgun هو لقب للقائد العسكري الأول في اليابان منذ عام 794 حتى عام 1129. بعد هذه الفترة الزمنية وصولاً إلى عام 1867، أصبح يطلق على أي شخص يتحدر من سلالة أي Shōgun سابق. في 2024، استخدم اللقب عنواناً لمسلسل اجتاح العالم وحصد ملايين المشاهدات والتقييمات العالية، ساهمت في إنتاجه شركات عديدة، على رأسها FX Productions، وبُثَ على منصات عالمية كـ"هولو" و"ديزني بلس" و"ستار بلس".

يستند العمل إلى الرواية التي كتبها جيمس كلافيل وصدرت عام 1975 تحت العنوان نفسه، وكان قد أُنتجَ مسلسلاً تلفزيونياً يستند أيضاً إلى الرواية نفسها عام 1980، من بطولة ريتشارد تشامبرلين وتوشيرو ميفوني ويوكو شيمادا.

يمتد Shōgun على زمن عشر ساعات مقسمةً على عشر حلقات. كثيراً ما يُقارن، من ناحية التوجه العام في القصة، بمسلسل "غيم أوف ثرونز"، وأيضاً من ناحية الإنتاج الفخم الباذخ. ونجد في التعليقات على العمل (بعد أن أُقرّ له جزءان ثان وثالث) استعادة لزمن الملاحم التلفزيونية مثل "بريكينغ باد".

أعاد جاستن ماركس وراشيل كوندو صياغة العمل من الرواية مباشرةً، وكان الكتّاب أوفياءً للشخصيات الرئيسية، مع مراعاة لحساسيات زمن ما بعد الحداثة. لكتابة الحوارات في الحلقة الواحدة، هناك فريق متخصصّ يتغير كما يتغير المخرج مع كل حلقة. وهذا أصبح مألوفاً لمتابعي مسلسلات الشركات العملاقة، وكأننا في ورشة كتابة يشترك فيها كلّ كتّاب العالم لصياغة مسلسل واحد بقالب موحّد.

يبدأ الحدث عام 1600، لحظة وصول القبطان الإنكليزي جون بلاكثورن (كوزمو جارفيس)، على سفينته الهولندية المتهالكة إيراسموس، إلى شواطئ اليابان، ذلك بعد 19 شهراً من التيه في المحيط. بلاكثورن الذي يحمل طموحاً ينطلق من الخيال وليس من الواقع، يريد أن يبني تجارة بين اليابان وإنكلترا لمحاربة البرتغاليين الذين يتعاملون مع اليابان كمنجمِ ذهبٍ سريّ في الشرق، لكنه سرعان ما يتحول إلى بيدق في المؤامرات السياسية.

عالم اليابان السياسي حينها كان على حد السيف، وكانت فترة مضطربة تاريخياً، فبعد وفاة الإمبراطور لم يكن نجله قد أتم الـ16 من العمر كي يحكم البلاد، فتشكّل لإدارتها مجلس أوصياء مكون من خمسة رجال لهم النفوذ الأكبر في البلاد على الأصعدة كافة، وللتجار البرتغاليين والكهنة اليسوعيين دسائسهم السياسية وثقلهم الديني في المجلس.

بلاكثورن يأخذ من ملامح الملّاح الإنكليزي التاريخي ويليام آدامز، الذي جاء إلى اليابان وترقّى ليصبح ساموراي تحت قيادة إياسو توكوغاوا (في المسلسل يدعى توروناغا وأدّى الدور هيرويوكي سانادا)، وهو أحد الأوصياء الذي أصبح في ما بعد أول Shōgun. الشخصية الثالثة الرئيسية هي السيدة النبيلة ماريكو (آنا ساواي)، ابنة صديق توروناغا المقرب، مهمتها الترجمة من وإلى بلاكثورن.

يحافظ Shōgun على انتباه المشاهد منذ اللحظة الأولى، يروى عبر وجهات نظر الشخصيات الثلاث السابقة، معتمداً على الوصفة التقليدية في الكتابة، والكثير من الشخصيات الجانبية التي تدعم المكائد فتظهر وتختفي بعد أن تؤدي مهمتها. يجد توروناغا نفسه في حالة من الخصام مع زملائه الأوصياء، بينما تتأرجح اليابان على شفا حرب أهلية. ونعلم أهمية توروناغا قبل أن نرى إنجازاته من خلال القرائن السياقية في العمل وبالتحديد من مقدار الاحترام الذي يكنه الشعب لتوروناغا.

كُل مشهد هو تحريك لحجرٍ ما على رقعة الشطرنج، بعضها غير مفهوم وصّور بإطار ضبابي مربك، وكان تأسيساً لتصعيدٍ قادم، يوظف توروناغا بلاكثورن لتأليب الأوصياء بعضهم على بعض بعد أن تلمس عبر مترجمته صراعاً بين الكاثوليك والبروتستانت، وأيضاً لتدريب مقاتليه على الرمي الدقيق بالمدافع، تسير باقي الأحداث كما هو متوقع، تشويق متصاعد ثم انقلاب بالحدث وهكذا.

على الرغم من تجاوز المنظار الخارجي ومفهوم المُخلّص الأبيض (بلاكثورن غير مجهز لهذا الدور لا عقلياً ولا جسدياً)، والتعامل مع الهمج والثقافات الغريبة، إلا أن تصادم الحضارات ما زال يروى من وجهة نظر الرجل الأبيض الغربي، وهذا بدا مباشراً في الحلقة الأخيرة، أي عندما يظهر بلاكثورن طاعناً في السن يستذكر الزمن المنصرم من وجهة نظره، وكأنه المؤرخ الأوحد المصاب بعقدة الحضارة.

الرواية المكتوبة باللغة الإنكليزية تحولت إلى اللغة اليابانية لذاك الزمن (فترة الجيدايجيكي). لغة تنطوي على قدر كبير من الاحترام والرموز والدلالات والخيال والفضول والأناقة، ثم أعيدت ترجمتها إلى اللغة الإنكليزية مطبوعة على الشاشة لمشاهد هذا الزمن. التنقل الحاصل فتحَ مجالاً واسعاً لشخصية المترجمة ماريكو لتتألق، فكانت العنصر الأنثوي الأكثر تأثيراً في العمل. ترجمت لبلاكثورن التعقيدات السياسية والعلاقات الداخلية والخارجية والمصالح الاقتصادية والمفاهيم الثقافية والشعبية. شرحت له بلغة شاعريّة معنى أن ترغم القدر على النظر إليك لتنتقم منه، وشرحت له أن بَقْرُ اليابانيين أمعاءهم ليس هواية بل خطوة إلى عصر سلام لا يرام وتطهير لواجب خالد لم يستطع تحقيقه.

سينما ودراما
التحديثات الحية

المشهد الذي نراه بثلاث ترجمات، دائماً ما كانت ماريكو هي بطلته. ما تسمعه، وما تفكر فيه، وما تترجمه. في البداية، تسيطر على حدة النقاش، ثم تحول لغة الذكور المباشرة إلى مفردات شعريّة مختصرة، فتستولي حينها على السرد التاريخي للحدث. ماريكو، بعدما حلت عقدة القصة وسردتها بلغتها الخاصة من دون أن تتجاوز أجندتها الشخصية، كانت بيضة القبان للعمل والحبكة، لم تحصل على زمنِ حدادٍ مناسب يليقُ بأثرِ تضحيتها بنفسها من أجل الهدف الأسمى.

المساهمون