مسلسل "لا حكم عليه"... مشكلة الاقتباس

26 يناير 2021
أخرج فيليب أسمر قصي خولي من عباءة الأدوار النمطية (الصبّاح للإنتاج)
+ الخط -

لا شك أنّ الدراما العربية المشتركة قد تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى الملاذ الوحيد للمنتجين العرب، كونها الدراما الأكثر رواجًا ومتابعة على الشاشات العربيَّة. لكن، في السنوات الأخيرة تبدو المحاولات الخاصّة بصناعة هذه الدراما المشتركة ضعيفة، إذْ إنّها تتجاهل المعايير الأساسيَّة أو الشروط اللازمة لصناعة سيناريوهات جديدة غير مكررة. من الاعتراضات التي تأتي على هذه الدراما مثلاً، هو الآلية التي يقوم فيها المنتجون والكتاب العرب بالبحث عن مسلسل أو فيلم أجنبي، سبق أن حقق رواجًا بلغته الأصلية، وذلك من أجل تحويل فكرته إلى مسلسل عربي.

في المكتبة السينمائية المصرية مجموعة كبيرة من الأعمال المسرحية والدرامية والسينمائية المُقتبسة. أحيانًا، لا يتم ذكر المصدر، وذلك لأنَّ الكاتب أو المنتج يقوم بتغيير مسار الأحداث، كأنّ يحذف أو يحور في البنية الدراميّة من خلال تغيير الأدوار. ومنهم من يقوم بذكر مصدر الاقتباس، وهذا أمر تترتب عليه التزامات حقوق الملكيَّة، إذْ يشتري الكاتب العربي النص من المنتج الأجنبي الأساسي للعمل. 

الكاتب السوري بلال شحادات وزميلته اللبنانية نادين جابر، يدخلان مجدداً في عالم الاقتباس من خلال مسلسل "لا حكم عليه"، والذي انتهى عرضه قبل أسبوع على منصة "شاهد"، ولعب بطولته قصي خولي وفاليري أبو شقرا وعبده شاهين. "لا حكم عليه" هو صورة منقحة عن مسلسل تركي بعنوان "حتى الممات"، من بطولة أنجين أكيوريك وفهرية أوجن، وإخراج فريد كايتان. القصة في العملين متشابهة، وذلك في تفاصيل جريمة لم يرتكبها شاب في مقتبل العمر كان يسعى للزواج من حبيبته، إذْ يتمّ اتهامه بالجريمة.

شحادات وجابر أخذا تفاصيل متقاطعة مع القصة التركية ونسجا منها حكاية. "نسيم" (قصي خولي) يبحثُ عن حقيقة مصرع والدته، رغم الحكم عليه بقتلها، ثم إعلان براءته بعد خمس سنوات قضاها في السجن، وذلك بفضل  المحامية "زمن" (فاليري أبو شقرا)، والتي تعاود فتح الملف وتخلص "نسيم" من حكم السجن المؤبد. بينما في النسخة التركية، يتُهم "دهان" (أنجين أكيوريك) بقتل والد حبيبته لتعود المحامية "سالفي" (فهرية أوجن) وتفتح الملف. التشابه واضح إذًا.  

توقف المسلسل التركي "حتى الممات" عن العرض بعد ثلاثة أشهر، بسبب عدم تحقيقه للجماهيرية المطلوبة بحسب المقياس التركي لنجاح للأعمال الدرامية. المقياس الذي يعتمد على أرقام المشاهدة والإحصاءات التي ترصد النجاح الشعبي. حاول المخرج اللبناني فيليب أسمر التحايل على مسألة الاقتباس من خلال شخصية الممثل السوري قصي خولي، فلم يسع أسمر لتقليد أو استنساخ شخصية أنجين أكيوريك. بل على العكس، قام بتغيير واضح في دور قصي خولي، ووضعه في قالب مستجد أنقذ النجم السوري من رتابة الأدوار التي قدمها لسنوات. أدوارٌ لم تخرجه من عباءة النمطية المفرطة أو استغلال شهرته وتوظيفها، وهذا ربما ما سهل عملية الترويج والمتابعة العالية للمسلسل عبر المنصة البديلة في العالم العربي وردود الفعل الإيجابية حوله. وأضاف هذا التغيير بالتالي للحلقات القصيرة بعداً جديداً لم تعرفه الدراما المشتركة منذ سنوات.

ربما يجوز للكاتب والمخرج الاقتباس بحدود لا تتعدى المقبول. لكن ذلك لا يعفي الكاتب أو المخرج من السؤال حول نسخ بعض التفاصيل في النسخة التركية، ولصقها في النسخة العربية.
 

المساهمون