مسلسل "الضفدع"... تبريء النظام السوري من تهمة الكبتاغون

09 يناير 2023
تشارك أمل عرفة في بطولة المسلسل (تويتر)
+ الخط -

قبل أن يتم إصدار القانون الأميركي الأخير الذي سمّى رئيس النظام السوري بشار الأسد بأنه "زعيم عصابة مخدرات" وأن شبكة المخدرات التي يديرها باتت تشكل خطراً على الأمن الدولي برمته، كان النظام السوري قد بدأ باستخدام سلاح الدراما الناعم للعمل على مواجهة فضائح متاجرته بالكبتاغون المتكررة التي لاحقته في الأعوام الأخيرة؛ ليحاول من خلال مسلسل "الضفدع"، الذي عُرض في منتصف العام الماضي، أن يقدم أول حكاية درامية عن قضية المتاجرة بالحبوب المخدرة، وليحاول من خلال الدراما أن يبيض صورته، كما جرت العادة.
مسلسل "الضفدع" لم يحقق أي صدى يُذكر عند عرضه، للعديد من الأسباب: فهو من ناحية لم يُعرض سوى على منصة "وياك" التي لا تزال ضعيفة وعاجزة عن منافسة المنصات الرقمية العربية والعالمية المخصصة للدراما، ولأن المسلسل يفتقد للنجوم، فإنّ الممثلين الذين يلعبون أدوار البطولة فيه من الدرجة الثانية أو الثالثة، أمثال حازم زيدان وعامر علي وجوان خضر، والاسم الوحيد الكبير في العمل هو للنجمة أمل عرفة، التي فقدت الكثير من أسهم نجوميتها في الأعوام الأخيرة. لكن مسلسل "الضفدع" صعد إلى الواجهة فجأة بعد صدور قانون المخدرات، لأن المسلسل يصور النظام السوري وأجهزته الأمنية باعتبارها القوى الأبرز في المنطقة التي تحاول أن تكافح المتاجرة بالحبوب المخدرة. لكن المسلسل يعكس طريق التجارة تماماً، لتدخل الحبوب المخدرة إلى سورية عن طريق شبكات المهربين التي تعمل على الحدود البرية.

 
المسلسل لا يكتفي بتبييض صورة النظام السوري بما يتعلق بقضية حبوب الكبتاغون، بل يحاول أن يرسم صورة مغرقة بالمثالية والشعرية عن رجال الأمن السوريين، لا تتناقض مع الواقع وحسب، وإنما تبدو انعكاساً هزلياً له؛ فالمشاهد التي تحدث في أروقة الأفرع الأمنية السورية لا يمكن تخيل وجود جمهور قد يتعاطى معها بجدية، فهي لا تولد سوى الضحك إذا ما وضعت في أي سياق معرفي مستمد من الواقع؛ فمن ذا الذي لن يضحك عند مشاهدة رجال الأمن يوقفون عملية الاقتحام، ريثما يتم إخلاء المكان من الأطفال حرصاً على صحتهم النفسية! ومن ذا الذي لن يضحك عند مشاهدة ضابط الأمن يفك قيود امرأة رهن الاعتقال حرصاً على مشاعر أبنائها، وخصوصاً عندما يرسل أتباعه لشراء الحلويات والبسكويت لأبناء المعتقلين! فهذه المشاهد التي تحاول بشكل رخيص استعراض إنسانية رجال الأمن والتي تهدف إلى ترجيح كفة النظام بوصفه يمثل الحق والخير المطلق، هي تثير السخرية حتى بالنسبة لأشد الموالين لنظام الأسد تطرفاً.
وعلى الرغم من أن المسلسل قد تم تصميمه على أنه صراع تقليدي بين الخير المطلق، الذي يمثله النظام، وبين الخارجين عن القانون الذين يصلون ببعض الحالات إلى درجة الشر المطلق، إلا أن الأمر الغريب يتمثل بمقولة المسلسل الرئيسية، التي تبدو تبريراً لكل مواطن سوري يفكر بالهجرة والتخلي عن بلده في الظرف الراهن، بعدما غرقت سورية في أزماتها وانعدمت بها أدنى معايير الحياة الكريمة؛ فالنتيجة التي يصل إليها بطل العمل هي مستخلصة من تجربة الضفدع، الذي كان سينجو لو قفز من الماء قبل أن يغلي؛ فهكذا يقرر بطل المسلسل الهروب من مستنقع البلد عندما تسنح له الفرصة، ولا يُقابل قراره بخطابات التخوين المعهودة.

المساهمون