مسلسل "أم الياسمين"... قصة فلسطين منذ الانتداب

10 ابريل 2023
يتناول العمل مدينة نابلس في فترة الاحتلال البريطاني (يوتيوب)
+ الخط -

يوثق المسلسل الدرامي الفلسطيني "أم الياسمين"، حقبة زمنية شكلت البداية لنضال الشعب الفلسطيني في سبيل الحفاظ على أرضه، في مواجهة الانتداب البريطاني، الذي كان يؤسس ويمهد لقدوم الاحتلال الإسرائيلي، وما نتج عنه لاحقاً؛ أي إقامة دولة إسرائيل على 72 في المائة من فلسطين التاريخية عام 1948، خصوصاً في نابلس شمال الضفة الغربية، كما يربط المسلسل بين ماضي المدينة بحاضرها المقاوم.
صُور العمل في موقعين أساسيين، هما البلدة القديمة في مدينة نابلس وقصر سحويل بقرية عبوين شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، حيث المباني الحجرية القديمة، والدكاكين، والأزقة الضيقة بين البيوت الفسيحة التي تتوسط ساحتها نافورة الماء، وتحاكي البيئة النابلسية القديمة قبل نحو 100 عام، في الفترة بين عامي 1929 إلى 1935، بداية من ثورة البراق في مدينة القدس، التي ارتقى خلالها أكثر من 110 فلسطينيين، وامتدت في كل فلسطين، وكيف شكلت نابلس حاضنة شعبية لها.
المسلسل من تأليف فاخر أبو عيشة، وقصة وسيناريو طاهر باكير، ومعالجة درامية للفنان سعيد سعادة، والمنتج المنفذ يونس حساسنة، ومن إخراج الشاب بشار النجار، الذي سبق وقدم عدة أعمال فنية مثل "كفر اللوز"، و"أولاد المختار"، و"الأغراب"، التي جسدت تاريخ وحياة الشعب الفلسطيني، وعرضت على شاشات محلية وعربية.
يقول النجار في حديث إلى "العربي الجديد" إن "العمل يعد تحدياً، فهو يحوي عدداً كبيراً من الممثلين والفنيين (130 شخصاً)، يتنقلون بشكل مستمر بين موقعي التصوير، في ظل الإغلاقات المتتالية التي تفرضها قوات الاحتلال على نابلس بشكل خاص، والضفة الغربية بشكل عام".
لكن التحدي الأبرز، كان الخروج بعمل درامي يحاكي حقبة تعد من أهم الفترات الزمنية في تاريخ نضال الشعب الفلسطيني، التي رافقت ثورة البراق وانتهت قبيل الإضراب الشهير عام 1936، وبينهما اغتيال عز الدين القسام وإعدام عطا الزير، ومحمد جمجوم، وفؤاد حجازي.
الاهتمام بأدق التفاصيل كان واضحاً لدى النجار وفريق العمل، بدءاً بالبحث في أمهات المراجع والكتب عن كل ما يتعلق بتلك الفترة، من حيث الأحداث السياسية والشخوص المركزية فيها، والحديث وجهاً لوجه مع كبار السن ممن عايشوا تلك الفترة أو نقلوها عن آبائهم، وكذلك مع الباحثين.

يقول النجار: "ركزنا على شكل الحياة الاجتماعية والاقتصادية واللباس وتصميم المنازل والديكور، وكذلك إجادة الحديث باللكنة النابلسية الشهيرة، خاصة للممثلين من غير أبناء نابلس، حيث أشرف الكاتب والممثل طاهر باكير، ومعه الممثل أسامة ملحس، على تدريبهم على اللفظ الصحيح للكلمات".
وعلى الرغم من أن أحداث المسلسل تعرض قصة ثماني عائلات نابلسية، من حيث الحياة داخل المنزل والعمل والعلاقات الأسرية، ويحارب بعض المعتقدات الاجتماعية الخاطئة، ويتطرق كذلك إلى الانخراط في الدفاع عن حائط البراق والمسجد الأقصى، فإنه يشير بوضوح إلى العلاقات التي ربطت أهل نابلس بمحيطهم العربي، على مختلف الصعد، والوطني على وجه التحديد، إذ يظهر في الحلقة الأولى مناضل من مدينة السلط الأردنية معتقل لدى الجيش البريطاني بتهمة تهريب السلاح إلى نابلس.
عن الصعوبات، يؤكد فريق العمل على أن المعيق المالي كان الأبرز، إذ يشير النجار إلى أنه يشعر بالخذلان كون الفريق تُرك وحيداً، ولم تقدم المؤسسات في نابلس لأفراده الدعم المطلوب. يقول: "التكاليف لا نقوى عليها وحدنا، علنيا التزامات تجاه الإنتاج ومتطلباته، والمصاريف اليومية للعمل والتنقل، وتجاه فريق العمل الذي كان لدى أفراده إصرار كبير على مواصلة العمل والدفع، ولو من جيبوهم، مقابل إنجاز المسلسل، وأن يخرج للجمهور في موعده، وهو ما كان".
من جانبه، يقول الفنان أسامة ملحس -الذي يلعب دور أبو أكرم الموكلة إليه إدارة صبانة (مصنع صابون نابلسي)- إن العمل هويته نابلسية بخصوصية فلسطينية شاملة، وأجاد الربط بين القدس ونابلس، لمكانتهما الوطنية الكبيرة". 
ويشير ملحس في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المسلسل يحوي إسقاطات وطنية كثيرة، فاختباء البطل وديع الذي قتل ضابطاً بريطانياً داخل الصبانة، يدلل على الدور الوطني الذي لعبته تلك المؤسسات، فدورها لم يكن اقتصادياً وحسب. ويشدد على أن غياب الدعم المادي كان عقبة كبيرة. يقول: "هناك 600 مشهد تحملنا خلالها كل الظروف والعقبات حتى تخرج على الشاشة بالشكل اللائق".
ينوي فريق العمل إنتاج جزء ثان وينتهي مع نكبة الفلسطينيين عام 1948، وكيف أسهمت نابلس في استقبال المهجرين وفتح دواوينها ومساجدها وحماماتها العامة لهم.

المساهمون