مسلسل "قناديل الشام"... حكايات بسيطة وذكورية وفارغة

16 ابريل 2022
حكايات العمل متخمة بالأحكام الذكورية والخطابات المعادية للنساء (جول كاريلي/Getty)
+ الخط -

في الموسم الرمضاني الحالي، لم تنجح معظم المسلسلات بترك انطباع جيد لدى الجمهور رغم غزارة الإنتاجات السورية المحلية، مقارنةً بالأعوام الأخيرة. وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الصفحات السورية المتخصصة بالدراما على مواقع التواصل الاجتماعي لإعادة الإنتاجات السورية إلى الواجهة مجدداً، فإن الإعلام السوري الرسمي والمنصات البديلة التابعة له لم تستطع إيجاد أي طريقة للتسويق لبعض المسلسلات التي تمرّ من دون أن تحدث أي ضجيج، كما هو الحال مع مسلسل "قناديل الشام".

"قناديل الشام" هو المسلسل السوري الأول من نوعه، فلم يسبق أن قُدّم مسلسل بيئة شامية ينتمي إلى السياق المتصل – المنفصل، لكن هذه الخاصية تفقد قيمتها، لأن الشخصيات الرئيسية الثابتة لا تحمل أي أبعاد درامية، ليقتصر دورها فعلياً على السرد والاستماع إلى الحكايات المنفصلة في فضاء البيئة الشامية. بذلك، تقترب بنية الحلقات من بعض حلقات سلسلة "مرايا" التي كان يسرد فيها ياسر العظمة الحكايات النوستالجية ويلعب غالباً الأدوار الرئيسية فيها، مع وجود بعض الفوارق بالطبع، ترتبط بجودة أداء ياسر العظمة وشركائه في "مرايا"، المفقودة تماماً في "قناديل الشام".

كذلك فإنها تتعلق بتجسيد الحكايات ضمن فضاءات عدة ومختلفة في "مرايا"، تتضمن البيوت القديمة والأسواق والأرياف والمقاهي والجوامع، فيما ينحسر الفضاء الدرامي، في "قناديل الشام"، ليقتصر على تجسيد الحكاية ضمن مكان واحد، في البيت العربي الدمشقي القديم، ولا يتغير الفضاء الدرامي إلا بالمشاهد التي تجمع رجالاً من ذات الزمن في المقهى، ليسردوا الحكايات.

المقهى الذي تُسرد فيه الحكايات يبدو مزيجاً لمقهى الرجال وحمّام السوق؛ الفضاءَين الدراميين اللذين كرستهما مسلسلات البيئة الشامية عبر تاريخها، بوصفهما الأماكن العامة التي يجتمع فيها الرجال وحدهم لتبادل الأحاديث والآراء التي تعظّم من شأن الرجل وقيمته، وتصغّر من قدر المرأة. في حين أن الفضاء الذي شكلته "مرايا" لسرد حكايات ذلك الزمن كان فضاءً لا يقصي المرأة إطلاقاً، فهو بالغالب يكون جلسة رمضانية تجتمع فيها العائلات حول الحكواتي، ليسرد قصصاً بغرض التسلية، ولا تخلو من العبر، وقد تُسرد الحكايات على لسان النساء في بعض الحلقات.

سينما ودراما
التحديثات الحية

هذا الاختلاف في الفضاء الدرامي ينعكس بشكل كبير على مضمون قصصه، فحكايات "قناديل الشام" متخمة بالأحكام الذكورية والخطابات المعادية للنساء. لا نقصد بذلك أبداً أن الحكايات التي كانت تسرد في الحلقات الشبيهة في "مرايا" كانت نسوية وتدعم تحرر المرأة، أو أنها تتمرد على قيم المجتمعات البطريركية، لكنها على الأقل كانت أكثر توازناً، ولا يغيب فيها أي صوت عقلاني للمرأة، كما يحدث في "قناديل الشام".

كل حلقة من المسلسل تروي حكاية بسيطة جداً، حول علاقة زوجية، أطرافها شخصيات نمطية فاقعة، لتسير الحكاية كما هو متوقع، من دون أن يمرّ أي حدث مُفاجئ. يُختزل الزمن والأحداث التي تجري في الأماكن الخارجية، من خلال كلمات الراوي الذي يسرد الحكاية في المقهى، وتنتهي الحكاية بالعبرة الذكورية التي تلائم الأفكار السائدة في المجتمعات المحافظة، وتختزل معاناة الرجال بشرور النساء وأطباعهن غير المفهومة.

يزيد من رداءة الحكاية أداء الممثلين الضعيف الذين يعتمدون بشكل مفرط على الانفعالات الخارجية التي تصل إلى حد التهريج وتعجز في الوقت نفسه عن توليد الضحك. وفي غياب جميع نجوم الصف الأول عن العمل، يفقد "قناديل الشام" جميع العوامل التي تجعل المشاهدين يقدمون على متابعته.

قد تكون الحسنة الوحيدة في "قناديل الشام" ربطه بين البيئة الشامية والكوميديا، فهذا المسلسل يبين بشكل واضح أن مواطن الضعف والابتذال في كلا النوعين هي نفسها، وأن كل المحاولات لإعادة تصدير هذه الأنواع الدرامية ستؤول إلى الفشل إذا لم يتغير الفكر الذي يحملها.

المساهمون