مسلسلات الرعب العربية... فشل في طرح الحكاية

31 ديسمبر 2021
لقطة لـ دينا الشربيني من مسلسل "الزيارة" (فيسبوك)
+ الخط -

لم يعتَد المشاهد العربي خلال سنوات الدراما التلفزيونية على وجود مسلسلات رعب في الدراما العربية، إذْ كان هذا النوع من الحكايات مقتصراً على السينما، وإن حضَر فسيكون متواجداً بالحد الأدنى الذي لا يقترب في أقصى حالاته مما يقدم في أبسط أفلام الرعب الأجنبية. وهنا كان الخيار الإنتاجي من قبل الشركات السينمائية بالابتعاد قدر الإمكان عن أفلام الرعب، كونها لا تنسجم مع البيئة العربية، ويغيب في حبكاتها الأسلوب المقنع لطرح حكاية الرعب ودلالاتها النفسية والمسار الدرامي الذي تتحرك ضمنه الشخصيات.

قبل أعوام، حاولت الدراما السورية طرح حكاية رعب ضمن مسلسل حمل اسم "الرابوص". واختير لكادره التمثيلي مجموعة كبيرة من النجوم، إلا أنّ نص سعيد الحناوي وقع في فخ التنفيذ، ولم يتمكن من الوصول للجمهور وإقناعهم بالاستمرار في متابعة الحلقات الأولى من العمل. ومع نمو المنصات الرقمية وانتشارها الواسع، عاد الحديث عن إمكانية طرح مسلسلات تدور في إطار حكايات الرعب، خاصةً مع قدرة التحكم بالجمهور المتابع للعمل، كونه يعتمد على الاشتراك المدفوع للوصول إلى المشاهدة مع التحذير المسبق بطبيعة الحكاية والعمر المناسب لمشاهدتها. ولكنّ التوجه إلى دراما الرعب كان سريعاً لدرجة عدم الفهم المناسب لبناء هذه النوعية من الأعمال. وحظي عام 2021 بثلاث تجارب مختلفة من ناحية الجغرافيا والتنفيذ، ولكنها وصلت في النهاية جميعها إلى ذات الفخ.

البداية كانت مع مسلسل "شقة 6" والذي قدّم الفنانة المصرية روبي، إلا أنه جاء مخيباً للآمال عند العرض، ولم يقتصر الاعتراض عند رأي المشاهدين، بل اعترض كتاب العمل على شكل الحلقة الأخيرة والتغييرات التي أحدثها المخرج محمود كامل دون العودة إليهم. وتدور أحداث العمل في إطار الغيبيات، إذ تشاهد بطلة الحكاية عن طريق يسمى بـ"العين الثالثة" مجموعة من القتلى، وتكتشف طريقة قتلهم، ثم تعثر على جثثهم. المسلسل جاء محبطاً لرهان روبي بعد نجاح حضورها في مسلسل "أهو ده للي صار" وتوجهها إلى نطاق دراما الرعب في محاولة لصناعة بصمة مختلفة عما قدمته سابقاً في صنوف الدراما الأخرى.

التجربة الثانية كانت مع مسلسل "الزيارة" المكتوب عن قصة حقيقية بإدارة ورشة درامية في مصر، غير أن الأحداث انتقلت إلى لبنان بسبب تضييق الإنتاج على الشركات غير المصرية داخل مصر، وهذا ما اضطر لتحويل كافة الممثلين إلى لبنانيين باستثناء البطلة دينا الشربيني. العمل يروي حكاية "أنصاف"، العاملة في منزل فخم تدور داخله مجموعة من الحوادث الغريبة بسبب لعنة أصابت أفراد هذا البيت، وتسعى "أنصاف" لإيجاد الطريقة المناسبة لإزالة اللعنة عنهم. المسلسل وقع في فخ المبالغة والمشاهد غير المقنعة، فضلاً عن الصدمة في طرح مشهد المرعب ما جعل المتابع يعاني من تقبل هذه النوعية من اللحظات الدرامية غير المبررة والمدرجة بشكل غير مقنع في سياق الحكاية. وهنا كان الإخفاق للشربيني التي حاولت اللحاق بموجة الأعمال القصيرة، وصناعة حيز مختلف عن الدراما الرمضانية بتقديم مسلسل رعب مع فنانين لبنانيين قديرين وشباب موهوبين، لكن بنية الحكاية جاءت عكسية وأضرت بالإنتاج الضخم والأداء الدرامي المتوقع من الممثلين.

 

المطب الثالث كان مع مسلسل "خارج السيطرة" لصالح منصة "شاهد". يحمل المسلسل هوية عربية مختلطة، إذْ يدمج الممثلين المصريين بالخليجيين دون مبرر مقنع للأحداث، ويدور في إطار عشرة حكايات منفصلة تمتد كل واحدة إلى قرابة الساعة التلفزيونية. ورغم أنّ المسلسل لم تبث إلا الحلقات الأولى منه بعد، إلا أنَّه لم يتمكن من استقطاب الجمهور. بذلك تظهر حكايات الرعب المطلوبة من قبل المنصات الرقمية متعثرة في صياغة بناء درامي قادر على جمع الحكاية المقنعة بطريقة التنفيذ المناسبة على صعيد إخراج المشاهد المرعبة وطريقة دمجها بسياق الأحداث الدرامية، بالتوازي مع صناعة مزاج لدى الشارع لتقبل هذه النوعية من الأعمال عربياً.

المساهمون