استمع إلى الملخص
- **أداء نيكول كيدمان وزاك إفرون**: كيدمان وإفرون يظهران في أدوار غير معتادة، لكن الفيلم يعتمد على حبكة غير منطقية ومفتعلة.
- **نقد الأداء والنتيجة النهائية**: أداء كيدمان وإفرون كان سطحياً، والفيلم لم يقدم قيمة فنية حقيقية، بل استغل اسم كيدمان دون تميز.
ليس هناك سبب مفهوم وواضح لإنتاج "نتفليكس" لـ"مسألة عائلية" (2024)،. فالمرجح، في حالات كهذه، أنّ السبب اقترابُ نهاية عقود الاحتكار، التي تتسبّب عادة في جمع أكثر من نجمٍ لاستثمار نجوميّتهم في أفلامٍ سريعة وشعبية، ترافقها إعلانات تجارية كثيرة، للتخفيف من التكلفة، إلى درجة أنّ اسم شخصيةٍ سيكون الاسم نفسه لماركة معروفة للملابس. ربما لهذه الأسباب أنتجت المنصّة الأميركية هذا الفيلم لريتشارد لِغْرافينيز، مع إضافة إمكانات عرضٍ ومشاهدة واسعين في نوع من البثّ كهذا.
سيكون الكلام هنا عن الممثلة نيكول كيدمان، وماضيها العطر في هذه الحِرفة، التي وصلت فيها إلى مراتب راقية، لاختيارها قصصاً وسيناريوهات، وتصميم وتأدية أدوار، معقّدة ومركّبة، كـ"ساعات" (2002) لستيفن دالدري. بفضل ماضيها هذا يُفاجأ المتلقّي برؤيتها في نوع كهذا من الأفلام سريعة الصنع. كذلك زاك إفرون، نجم أفلام الرومنسيات المرحة، التي لا يمكن اعتبار "مسألة عائلية" تنتمي إليها، رغم ادّعاء ذلك في العنوان.
ليس مهمّاً سرد الحكاية، فهذه مكتوبة بالمونتاج المسبق. كلّ مشهد يحتاج إلى آخر، أو إلى مشاهد عدّة، يدعمه ويصدّق عليه، لتركيب حكاية يستند بعضها إلى البعض كمرجعيات ذاتية، حيث تحكم الصدفة للردّ على أسئلة المتلقّي، مُرفقة بسؤال مُضاد: هل يُمكن حصول هذه الصدفة أم لا؟
طبعاً، كلّ صدفة يمكن أنْ تحصل في حكاية ذات خاصيّات ومصالح وطباع. يصبح مفتعلاً استخدام معقولية الصدفة بهذه الكثافة المُخلّة. فكلّ ما يحصل مصادفات تؤكّد مصادفات، من لقاء كريس كولي، الممثل المشهور، الأناني والطفولي بشكل ما، ببروك هاورد، الكاتبة وأرملة كاتب كبير، وأم لموظّفة صغيرة عنده (زارا) يُسيء معاملتها، ويندم فيعتذر منها، ويلتقي والدتها، ويغرم بها. تتوالد المشاهد لاحقاً من هذا الحدث، وتبدأ ذرائع تبرير الحدث ـ الصدفة، بمراكمة الدقائق صانعة الشريط من افتعالات حكائية، إضافة إلى ارتجالات صُوَرية بطريقة الـ"فوتو مونتاج"، أي لقطات رمزية من دون حوار.
ثم تسقط أهمية الزمان والمكان، فيجري الانتقال من فيلمٍ إلى سهرة تلفزيونية بسيطة، عن بروك هاورد (كيدمان) التي تعاني من الوحدة، وتشارف فرص الحب أنْ تفوتها. يسعفها مشهد عن تفرّغها لرعاية ابنتها، بما يعني أنّ لها حياة ثمينة لم تتبعثر، وحسرة على زوجها الذي أحبّته، ويسعفها مشهد آخر عن أنّها كانت على وشك الانفصال عن زوجها المرحوم.
في المقابل، تتتابع المشاهد الإسعافية لإنقاذ كولي (إفرون)، من شخصٍ أنانيّ، نتيجة تدليل الشهرة، التي يسعفها مشهد تلاعبه بالنساء المعجبات بنجمٍ، إلى مشهد صادم بخوائه العاطفي والنفسي، بواسطة مشاهد رمزية تعبّر عن ألمه وحزنه من هذا المآل الهزيل، ما يُسبّب لجوءه إلى حبّ حقيقي، لا تهزّه الأقاويل والشائعات حوله، فهو في النهاية طفل حقيقي، وشاب ناضج، ورجل مقدام في آن معاً، وكلّ ذلك بعيداً عن نجوميّته التي تُعتبر واقعاً إضرارياً بحكم لقمة العيش.
ربما كانت سذاجة تصميم هذه الحكاية وكتابتها دليلاً على النوع المطلوب في التمثيل، مع المعرفة المسبقة بأنْ لا شيء مرتجل في هوليوود. فالأداء في "مسألة عائلية" سطحي واستعراضي، ويخلو من العفوية، أو التركيب المعقّد. كأنّ الممثّلين يتدرّبون على وظيفةٍ جديدة، والكلام هنا عن نجومٍ بارعين مشهود لهم.
يمكن النظر في أداء كيدمان، التي صرّحت بأنّها محتاجة إلى هذا النوع من الأفلام الخفيفة للاستراحة من الأدوار المتعِبة. لكنّ أداءها أقلّ من أداء محترف بسيط لأدوار ثانوية. هذا إذا جرى تجاهل عمليات التجميل، التي جعلت وجهها كتلة جامدة صمّاء لا تساعدها على التعبير بعينيها. ومقارنة وجهها بيديها تُنتج مفارقة عجائبية، لا تستقيم مع وحدة الشخصية، شكلاً ومضموناً. في المقابل، بدا إفرون، النجم المشهور في أوساط هوليوود، في هذا الأداء البدائي، كأنّ شهرته ومهاراته بسبب التكنولوجيات الفائقة، التي تساعد النجوم على التمثيل، فجاء باهتاً ومفتَعَلاً وغير طريف.
لم يحصد المتلقّي شيئاً مميّزاً من مشاهدة هذا الفيلم. فكلّ ما فيه باهت وبائت. كذلك فإنّه استُغِلّ باسم نيكول كيدمان التي عوّدته تقديم أعمال مميزة، لكنّها هذه المرة كانت مجرّد امرأة اسمها نيكول كيدمان. ربما حصل المتلقّي من هذا الفيلم على فكرة رابحة: ضرورة مشاهدة الأفلام الرديئة، لأنّها تساعد على الاستمتاع أكثر بالأفلام المشغولة بدرايةٍ درامية وسينمائية سليمة.