ما زالت صياغة قانوني الإعلام والسمعي البصري في الجزائر تراوح مكانها منذ أكثر من سنتين، رغم تعهدات الرئيس عبد المجيد تبون وانتظارات طويلة من قبل الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام.
وفيما ساد الترقب حول ما إذا كان الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء، المنعقد أمس الأحد، سيحمل أي جديد بشأن هذه المشاريع، بدا أن السلطات ما زالت غير جاهزة لإصدار مسودات قانوني الإعلام، والسمعي البصري، إضافة إلى قانون الصحافة الإلكترونية.
وطلب الرئيس الجزائري، بحسب ما أفاد به بيان للرئاسة، من الحكومة سنّ قانونين منفصلين، يتعلق الأول بالصحافة المكتوبة والإلكترونية، والثاني بالسمعي البصري، يتضمن تعريف الصحافي المحترف بدقة في كل التخصصات الإعلامية، وكذا المهن الملحقة بالقطاع، ويسهم في "فتح المجال أمام المهنيين بإشراكهم في النظرة التجديدية، وإرساء قطيعة مع مقاييس المشهد الإعلامي السابق"، وكذلك "أخلقة العمل الإعلامي وفق القيم الإعلامية العالمية وأخلاقيات المهنة".
ويفهم من هذه التفاصيل قرار الرئيس إلغاء المسودات السالفة التي كانت قدمت ثلاث مرات سابقة بين مارس/آذار 2021 وفبراير/شباط الماضي، وصياغة مسودات جديدة بالكامل، بعدما كانت الحكومة تقوم بإجراء قراءة جديدة وإدخال تعديلات على المسودات السابقة، قبل أن تقوم بتقديمها للمناقشة في مجلسي الوزراء والنواب.
ويعني هذا أن الحكومة ووزارة الاتصال ستعيد كتابة قانون جديد للإعلام وقانون جديد للسمعي البصري، من دون الاعتماد على المسودات السابقة، كما يعني أنها ستكون بحاجة إلى وقت أكبر يجعل من صدور هذه التشريعات في وقت قريب أمراً غير وارد.
وتعهّد الرئيس عبد المجيد تبون، خلال تسلمه السلطة في ديسمبر/كانون الأول 2019، بمراجعة سريعة للتشريعات المتعلقة بالإعلام وتسوية وضعية القنوات المستقلة والصحافة الإلكترونية.
إلا أن قوانين الإعلام والسمعي البصري دخلت متاهة سياسية حتى الآن، فبعد ما يقارب ثلاث سنوات من حكمه، لم تصدر القوانين الجديدة.
وفي 28 فبراير/شباط الماضي، رفض الرئيس تبون للمرة الثالثة على التوالي مسودة قانون قدمته الحكومة تتعلق بالإعلام والقطاع السمعي البصري، وطلب إجرء تعديلات إضافية عليه وإثرائه قبل إعادة طرحه مجدداً.
وكانت التعديلات تخص، بحسبه، تعزيز ضمانات حماية حرية التعبير، وتدقيق المفاهيم الخاصة بها، وخاصة ما يتعلق بمنح صفة الصحافي المحترف، ومعايير ترقية جودة الخدمة الإعلامية وبناء خطاب إعلامي مسؤول، فضلاً عن ضمان شفافية تمويل وسائل الإعلام.
وقبل ذلك، كان الرئيس تبون قد رفض، شهر سبتمبر/أيلول الماضي، مسودةً ثانية من قانون الإعلام وقانون السمعي البصري كان قد عرضها وزير الإعلام السابق عمار بلحيمر، وطلب من الحكومة إجراء مراجعة جديدة، بعد مسودة أولى كانت قدمت شهر مارس/آذار العام 2021.
وقال الباحث في قضايا الإعلام عبد العالي زواغي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن التماطل المسجل من قبل الحكومة في إصدار القوانين المتعلقة بالإعلام يؤشر على وجود ارتباك لدى السلطة في معالجة المشكلات المطروحة في القطاع، وغموض تصوراتها حول الصحافة الوطنية.
وأضاف أن "عدم وجود تنظيمات نقابية مؤثرة وذات بعد مطلبي ومهني في الجزائر شجع السلطة على التراخي في تسوية وضعية الإعلام السمعي البصري والمكتوب والصحافة الإلكترونية في الجزائر".
ويعتبر البعض أن أصداء قوانين الإعلام تتطلب فعلياً بعض الوقت لتوسيع المشاورات، بهدف بناء قطاع إعلامي رصين ومؤسس على ثوابت، بسبب حساسية ودور وسائل الإعلام في الظرف الحالي، والاستخدامات السياسية للإعلام.
لكن الإعلامي والنائب في البرلمان عز الدين زحوف يعتبر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تردد السلطة في إصدار قوانين الصحافة والإعلام، بزعم توسيع النقاش حول هذه القوانين، يظهر بوضوح عدم جود نية جادة لديها في تنظيم قطاع الإعلام، لكونها مستفيدةً من الوضع الحالي ومن الفوضى التي تسود القطاع، كنتيجة لتراكمات العقود السابقة".